بشارة شربل

رياض سلامة... قُلْ الحقيقة

11 تشرين الثاني 2019

02 : 00

ما كان لنا أن نخاطبكَ مباشرة لعلمنا بخطورة موقعك في هذا الظرف الحساس. فأنت قابض على الليرة والنقد كقبضك على الجمر. لكن المكتوين بنار تعميمات مصرفك المركزي وجشع مصارف وزعرنة بعضها بمخالفة القوانين ينتظرون مؤتمرك الصحافي. فلا نريدهم ان يخرجوا بخيبة، ولا نريد لصورتك ان تنهار مع الانهيار.

اليوم تعقد مؤتمراً صحافياً، نرجوك ألا تعتبره عادياً ولا لزوم علاقات عامة أجدتَها على مدى سنوات، ولا كلاماً مرتباً يناسب أسلوبك الهادئ والرصين. ويُفترض ان لديك بالتأكيد مفيداً تصرّح به أمام ضميرك قبل الناس. ونأمل ألا يشبه أبداً تصريح سليم صفير الفارغ إثر اجتماع بعبدا المالي.

حق اللبنانيين عليك ان تنطق بالحقيقة لأن كثيرين منهم شككوا بك وبسياساتك النقدية منذ توليت حاكمية المصرف المركزي. فلا تستطيع اليوم التبرؤ من المسؤولية. نحن في كارثة، ولا تقل أقل من ذلك. ونحن في انهيار ولا تتشاطر علينا بالألفاظ، بل دلّنا الى الطريق للحد من انعكاساته على الناس.

يحمّلك كثيرون وبينهم خبراء اقتصاد كبار مسؤولية جزءٍ كبير من السياسات النقدية والفوائد الفلكية والهندسات المشبوهة وتغطية مخالفات عبر تشابك المصالح والعلاقات.

لا تطمئنّا اليوم. فاللبنانيون توقفوا عن أداء دور النعاج. والثائرون في الطرقات يعلمون أكثر مما تظن. يدينون الطبقة الحاكمة بالسياسة والنقد وكل من أمسك بمفاصل الحياة الاقتصادية في لبنان. أليست ممارساتهم سبب وصولنا الى هذه الحال؟

نعلم أنّك قد تتذرّع بتعقيدات السياسة وبأنّ الأطراف الفاعلة لم تترك لك مجالاً لإدارةٍ رشيدة للأموال. وحفظنا عن ظهر قلب معزوفة "كلفة الحروب" وخلافات اصدقائك اهل السلطة. وندرك انك تعرّضت للضغوطات. لكن ذلك ليس شأننا. فلقد مارست سلطاتك وسلطانك على أموالنا وبقيت في منصبك بحجة أنك ضمانة الاستقرار وثقة المجتمع الدولي وحائز الشهادات لأفضل محافظي البنوك المركزية على الاطلاق.

كفى بهلوانيات. وإن لم يكن لديك ما تقوله فعلاً اضرب صفحاً عن مؤتمرك الصحافي. واعلم انّ الناس تحمّلك المسؤولية لأن بوادر الانزلاق بدأت قبل عامين أو خمسة أعوام وليس اليوم، فلا تردَّها إليها عبر النصح بالتروي وعدم الهلع وعدم الانجرار وراء الشائعات.

إعترف بأنّ الأزمة ليست مالية فحسب بل هي سياسيةٌ بامتياز. أخرج من تردّدك المزمن وتجرّأ لمرّة واحدة على اتخاذ قرار. أنت أكثر العارفين بأنّ تشكيل حكومة مستقلة بابٌ للجم الأسوأ في مسلسل الانهيار، فلا تتلاعب على المخاوف خدمةً لطبقة فاسدة عيَّنتك ومدّدت لك وصدر عليها حكم الساحات، فالشعب لن يرضخ للابتزاز.

قُلْ ما يجب قوله أو استقل واصفق الباب، ثم لا تنسَ أنّك تمثُل أمام محكمة الشعب، فحقّه عليك أولاً وآخراً أن تتقدّم بكشفٍ حقيقيّ للحساب.


MISS 3