ريتا ابراهيم فريد

استعادة التياترو الكبير عبر الفنّ... الموسيقى أيضاً تتنفّس حرية

11 تشرين الثاني 2019

09 : 34

"بدنا مسرح وحب وفرح"، "نبض الشعب"، "ثورة علمانية"، "يسقط رأس المال"، "قف على ناصية الحلم وقاتل".. وعبارات أخرى وغرافيتي أفرغها المحتجون بكل ما أوتوا من ثورة على السياج الحديدي الذي يحيط بمبنى "التياترو الكبير" في ساحة رياض الصلح وسط بيروت.

المبنى الضخم الذي تمّ تشييده العام 1930 واحتضن فوق مسرحه أهم العروض الفنية مع عمالقة الفن من بينهم أم كلثوم وعبد الوهاب، وكان أحد أهم مراكز الانتاج الثقافي في بيروت في القرن العشرين، أقفل إثر تضرره بعد الحرب الأهلية وأعيد ترميمه من الخارج فقط، إلا أن المحتجين أعادوا إحياءه مع انطلاقة ثورة 17 تشرين وتمكنوا من الدخول إليه واستكشافه محققين بذلك خطوة أولى نحو انتصار ثقافي متزامن مع المطالب المعيشية.

ولأن الموسيقى أيضا تتنفس حرية، ولا يمكن لثورة أن تساهم بتحقيق التغيير ما لم تسر جنباً إلى جنب مع الثقافة والفن، كانت مبادرة لافتة للمفكرة القانونية لإقامة حفل موسيقي مجاني أمس الأحد أحيته عازفتا التشيلو جنى سمعان ونايري غازاريان في الساحة الخارجية أمام مبنى التياترو الكبير.

وفي هذا الإطار، أشار المحامي كريم نمور من المفكرة القانونية لـ"نداء الوطن" الى أن خطوة إقامة الحفل تهدف الى تسليط الضوء أكثر على هذا المسرح كي يعود الى الحياة من جديد كمركز ثقافي متاح لكل الناس، والتأكيد أيضا أن الشارع يمكنه أن يعود اليهم كي يستخدموه بشتى الطرق، لا سيما من أجل تحقيق الغايات الثقافية عبر تنظيم نشاطات مجانية. وأضاف أن عروض "التشيلو" بالإجمال تقام في الغرف الداخلية حيث تباع بطاقات الدخول إليها بأسعار مرتفعة، ومن هُنا أتت الفكرة بأن يقام الحفل خارج المبنى كي يتسنى للجميع أن يشاهدوه.



من جهتها، أكّدت العازفة نايري غازاريان أن الحفل من شأنه أن يخلق تواصلاً بين الموسيقى وبين هذا المبنى الذي يحوي دار الأوبرا على أمل أن تتمّ إعادة إحيائه بعد أن أقفل منذ زمن.

أما العازفة جنى سمعان فلفتت الى أنه في نطاق الثورة "كان لا بدّ من التطرّق أيضا الى الشق الثقافي الذي بدأ يموت منذ فترة في لبنان" وفقا لقولها، مضيفة أن هناك ضرورة لإعادة إحياء الثقافة وتحديداً هذا المسرح. واعتبرت سمعان أن الحفل هو رسالة للتأكيد أن الثقافة هي أساس الإستمرارية لترك ذاكرة للأجيال المقبلة، وبالتالي "فهي ضرورة وليست شيئا ثانويا أو مجرد نوع من أنواع الترفيه"، حسب تعبيرها.

مقطوعات موسيقية عدة قدمتها جنى ونايري على مدى أكثر من نصف ساعة وانتهت بتصفيق حار، كما انعكست بابتسامات أمل على الوجوه الحاضرة من كل الأعمار التي أصرّت على الفرح رغم الوضع المعيشي المتدهور، حيث ظهر تعطّش الناس للموسيقى والفن والثقافة. على أمل أن يشكّل هذا التحرك بداية فعلية للسير نحو استعادة جميع الأماكن العامة ولا سيما الثقافية منها، وأن تبقى يد الانتفاضة ممدودة نحو الفن والثقافة، ربما نستعيد من خلالها أيضا جزءا من ذاكرة شهدت على أيام الزمن الجميل.


MISS 3