"#أنا_أيضاً" بنسخة تونسية
لكسر محظورات التحرّش الجنسي

09 : 51

تواترت خلال الأسابيع الماضية في تونس شهادات لمئات النساء من ضحايا التحرش والعنف الجنسي في مسعى لكسر الصمت بشأن هذه الانتهاكات، خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال وسم "#انا_زادة (أنا_أيضا)" وهو الرديف التونسي لحملة "#مي_تو" العالمية.

وقد انطلقت الحملة إثر انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي الشهر الفائت يظهر نائباً انتخب حديثاً وهو في وضع مخلّ للحياء داخل سيارة أمام مدرسة ثانوية.

والنائب هو زهير مخلوف الذي انتخب عن ولاية نابل وينتمي إلى حزب "قلب تونس"، وقد أحيل إلى المدّعي العام للجمهورية وتم فتح تحقيق بشبهة "التجاهر بما ينافي الحياء والتحرّش الجنسي".

وتظهر الصور التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مخلوف مرتدياً قميص "تي شيرت" يحمل شعار حزبه وجالساً خلف مقود سيارة وقد أنزل سرواله وهو ينظر إلى شابة تقوم بتصويره.

وإثر الحادثة، كشفت نساء كثيرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تجاربهن وما تعرضن له من تحرش جنسي ومضايقات. وهي مواضيع غالباً ما تناولتها برامج حوارية تلفزيونية للاثارة.

وقد استعمل النشطاء أوسمة بينها "#انا_زادة (أنا_أيضا)"، مستلهمين من وسم "مي تو" الذي بدأ اعتماده في الولايات المتحدة قبل عامين لمناهضة التحرش والعنف الجنسي إثر فضيحة المنتج السينمائي الهوليوودي هارفي واينستين.

وأمام زخم الشهادات التلقائية، نشرت ناشطات ضمن منظمة "أصوات نساء" على "فايسبوك" قصصاً لضحايا من دون الكشف عن هوياتهن.

ونشرت الشهادات على صفحة "#أنا_أيضاً" التي تضم 19 ألف مشترك. وتقول "أصوات نساء" إنها تلقت أكثر من سبعين ألف شهادة.

وتنوعت القصص التي عرضتها الضحايا بين التعرض لمواقف غير لائقة على يد أساتذتهن أو التحرش داخل وسائل النقل العام أو أيضاً حوادث اغتصاب.

وتقول مريم بوعتور رئيسة منظمة "أصوات نساء" لوكالة "فرانس برس": "أردنا في البداية إنشاء صفحة خاصة للدفاع عن الفتاة التي سجلت فيديو النائب لأنها تعرضت الى انتقادات وضغوطات كثيرة".

وتتابع: "إثر ذلك بادرت نساء ورجال أيضاً، بسرد شهاداتهم تلقائياً ونحاول اليوم تنظيم مجموعات مع اخصائيين نفسانيين".

ويفسر الخبير النفساني عبد الوهاب محجوب ذلك بأن "مواقع التواصل الاجتماعي تسهل المرور من الصمت الى التعبير".

وتبقى مسألة التحرش الجنسي من المواضيع الشائكة التي يسودها صمت كبير خصوصاً داخل المحيط العائلي ولدى الأسر التونسية.

وقلّما تتقدم الضحايا بشكاوى قضائية في الخصوص رغم أنّ القانون التونسي يعاقب على التحرش الجنسي داخل الأماكن العامة بالسجن عاماً واحداً ودفع غرامة مالية قدرها ثلاثة آلاف دينار (1050 دولاراً).

وأكدت "أصوات نساء" أن غالبية الضحايا عبّرن عن رغبتهن في تقديم شكوى قضائية بعد الاطلاع على شهادات لأخريات.

وكتبت لينا كبودي على الصفحة "هذه الليلة بكيت بحرارة، تم التحرش بي ولم يحرك أحد ساكناً".


وتابعت "وعلى خلاف بقية الليالي، تجرأت على اجابة من تحرش بي ولم أواصل طريقي كالعادة مظهرة عدم مبالاتي به(...) توقفت وواجهته".

وانتقدت لينا سلبية رجل الأمن "الذي كان على بعد مترين ولم يحرك اصبعاً"، كما الشأن بالنسبة لشهود "لم يفعلوا شيئاً" ازاء ذلك.

وقام "مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة" التابع لوزارة المرأة باطلاق حملة توعية في تشرين الأول الفائت في خصوص التحرش الجنسي داخل وسائل النقل العام بعنوان "المتحرش ما يركبش (المتحرش لا يصعد)".

كما أطلق المركز تطبيقاً يسمح للشهود أو لضحية التحرش بإحراج الفاعل وتذكيره بالنصوص القانونية التي تعاقب على هكذا أفعال.

كما يمكّن التطبيق من تحديد المكان والزمان ونوعية التحرش ويطلق صوتاً "لاحراج وترهيب مرتكب التحرش" بلكنة تونسية، على ما توضح نجلاء العلاني المديرة العامة للمركز. وتضيف العلاني: "لا يتجرأ الأشخاص على الحديث خوفاً ولكن عبر هذا الصوت سيتشجعون على رد الفعل".

سيتم تقييم هذه التجربة وإقرار مواصلتها من عدمه بنهاية تشرين الثاني الحالي "إن سمحت الموارد المالية بذلك"، وفقاً للمسؤولة.

وتوضح بوعتور أن المهم ان ندرك مدى أهمية شهادات "#أنا_أيضاً"، كوسيلة لمقاومة التحرش الجنسي، داعية في السياق عينه الى "سياسات حكومية حقيقية" لمعالجة الموضوع. (أ ف ب)


MISS 3