جاد حداد

للنساء فقط

انقطاع الطمث وتشوّش الدماغ... ما الرابط؟

22 حزيران 2022

02 : 05

هل تتساءلين فجأةً عن سبب دخولك إلى قاعة معيّنة؟ أو هل تنسين مواعيدك في مناسبات متكررة؟ يصبح هذا النوع من أعراض تشوّش الدماغ شائعاً في منتصف العمر، لكن قد لا يقتصر السبب على التقدم في السن. تمرّ المرأة بمرحلة انقطاع الطمث في منتصف العمر، وتكشف أبحاث جديدة أن الزلات المعرفية قد ترتبط بحدّة أعراض انقطاع الطمث، لا سيما الاكتئاب والمشاكل الجنسية، مثل الألم أثناء العلاقة، أو تراجع الرغبة الجنسية، أو صعوبة بلوغ النشوة. تقول الدكتورة هيذر هيرش، رئيسة عيادة انقطاع الطمث ومنتصف العمر في مستشفى "بريغهام" للنساء التابع لجامعة "هارفارد": "يُعتبر تشوّش الدماغ من أعراض انقطاع الطمث الأقل شهرة، لكنه شائع جداً. بدأ النقاش حوله يتوسّع اليوم، لكن لا يربط معظم النساء بين تشوش الدماغ وانقطاع الطمث بقدر ما يربطن هذه المرحلة بنوبات الحر مثلاً".

المراحل والأعراض

تكشف الدراسة الجديدة أن نوبات الحر، التي تبقى من أبرز معالم انقطاع الطمث، ليست الحالة الوحيدة التي تؤثر على الحياة اليومية بطريقة جذرية. توضح الدكتورة هادين جوف، المديرة التنفيذية في مركز "كونورز" لصحة المرأة وبيولوجيا الجنس في مستشفى "بريغهام" للنساء، وأستاذة في الطب النفسي في جامعة "هارفارد": "يظن الكثيرون أن تشوش الدماغ ينجم عن الشيخوخة الزمنية أكثر من الشيخوخة المرتبطة بالهرمونات. لكنه يؤثر على راحة الناس في مطلق الأحوال".

نُشِرت نتائج البحث الجديد في مجلة "انقطاع الطمث"، في 12 كانون الثاني 2022. تُركّز هذه الدراسة على 404 نساء لا يخضعن لأي علاج هرموني في الهند وتتراوح أعمارهنّ بين 40 و65 عاماً. قسّم الباحثون النساء على مجموعتَين، بناءً على مرحلة انقطاع الطمث التي تمرّ بها كل امرأة، لمقارنة وتيرة الأعراض المتنوعة وحدّتها. كذلك، حلل الباحثون الرابط بين حدّة مؤشرات انقطاع الطمث والأداء المعرفي في مجالات مثل الذاكرة والانتباه والمهارات اللغوية.

سجّلت المشارِكات في المراحل المتقدمة من انقطاع الطمث (توقفت دورتهنّ الشهرية منذ أكثر من خمس سنوات) أعلى علامة على مقياس الاكتئاب والمشاكل الجنسية. وكانت أعراض القلق ونوبات الحر الأكثر شيوعاً في المجموعة التي بدأت مرحلة انقطاع الطمث قبل أقل من خمس سنوات.

تراجع الأستروجين هو السبب؟

بعد أخذ عوامل مؤثرة أخرى بالاعتبار، مثل العمر والحالة الاجتماعية ومستوى التعليم، لاحظ الباحثون أن حالات الاكتئاب الحاد والاضطرابات الجنسية المتزايدة هي الأعراض الوحيدة المرتبطة بالأداء المعرفي. في المقابل، لم يرصد العلماء أي رابط بين نوبات الحر وأداء الدماغ، علماً أن الأبحاث السابقة كانت قد توصلت إلى نتائج غير متماسكة.

لكن تبقى الدراسة محدودة على بعض المستويات. هي ترصد رابطاً بين حدة أعراض انقطاع الطمث والمشاكل المعرفية، لكنها لا تثبت بشكلٍ قاطع وجود علاقة سببية بين هذين العاملَين. ولا نعرف أيضاً المشكلة التي تظهر أولاً: الاكتئاب والمشاكل الجنسية أم تشوش الدماغ؟ تقول هيرش إن هذه الاضطرابات تظهر في الوقت نفسه تقريباً.

ما سبب حصول ذلك؟ نظراً إلى وجود مستقبلات هرمون الأستروجين في جميع الأعضاء، يصبح الجسم حساساً جداً تجاه التقلبات الهرمونية، ما يعني أن خسارة الأستروجين قد تؤثر على طريقة عمل الدماغ. لكن لا يعرف العلماء بعد سبب ما يحدث، نظراً إلى تعدد العمليات الناشطة تزامناً مع تراجع مستوى الأستروجين خلال المرحلة الانتقالية التي ترافق انقطاع الطمث.

لكن لن يدوم تشوش الدماغ طويلاً على الأرجح. تستنتج تجربة "سوان" طويلة الأمد ("دراسة صحة المرأة في أنحاء الوطن") أن المرأة تجد صعوبة في تعلّم معلومات جديدة مؤقتاً مع اقتراب انقطاع الطمث. لكن يتحسن الوضع بعد تجاوز هذه المرحلة.

خطوات لمعالجة تشوش الدماغ

تقترح جوف وهيرش الخطوات التالية لتخفيف تشوّش الدماغ:

حافظي على هدوئك: قد يؤدي الهلع المرافق لمشاكل التفكير والذاكرة إلى زيادة الوضع سوءاً. يجب أن تفهمي ما يصيبك، لكن كوني متساهلة مع نفسك. انقطاع الطمث مرحلة مشحونة من الحياة، وتكون التقلبات التي يشهدها الدماغ والجسم في منتصف العمر متقطعة.

تحدّي نفسك: حاولي أن تختاري طريقاً مختلفاً للذهاب إلى وجهات مألوفة مثل متجر البقالة، أو تجوّلي بين رفوف المنتجات وفق نمطٍ مختلف بعد وصولك إلى المتجر. يجب أن تشكّلي ذكريات وعمليات جديدة بدل أن تتمسكي بالعادات والخطوات نفسها طوال الوقت.

كثّفي حركتك الجسدية: التمارين الجسدية المنتظمة تفيد الدماغ وبقية أعضاء الجسم، وتذكر الأبحاث أنها تُحسّن القدرات المعرفية أيضاً.

ارفعي مستوى تركيزك: يسهل أن نتساءل عن سبب وجودنا في مكان معيّن إذا كنا نفكر بمسائل متعددة في الوقت نفسه. حاولي إذاً أن تبطئي إيقاع نشاطاتك وركّزي على مسألة واحدة في كل مرة.

دوّني الملاحظات: استعملي البطاقات اللاصقة والقوائم أو أي أدوات أخرى لتذكيرك بنشاطاتك حين تشعرين بالارتباك.

أطيلي مدة نومك: قد تزداد صعوبة هذه المهمة في مرحلة انقطاع الطمث لأن تراجع مستويات الأستروجين يرتبط بالأرق أيضاً. حاولي إذاً أن تخففي استهلاك الكافيين وامتنعي عن تناول المشروبات الغنية بهذه المادة بعد الغداء.

عالجي المشاكل الكامنة: احرصي على استهداف الاكتئاب أو أي اضطرابات مزاجية أخرى عبر العلاج السلوكي المعرفي أو الأدوية أو خليط منهما.


MISS 3