محمد نمر

الجبل أولاً

2 تموز 2019

12 : 03

في العام 2014، قال النائب مروان حمادة أمام المحكمة الدولية إن رئيس "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط والرئيس الشهيد رفيق الحريري كانا يراهنان على "من سيُقتل أولاً"، في سياق حديثه عن مضمون اللقاء في منزل جنبلاط في (26 - آب – 2004)، بعد عودة الحريري مباشرة من اللقاء مع رئيس النظام بشار الأسد في دمشق، وتهديدات الأخير بـ"تدمير لبنان" في حال لم يتم التمديد للرئيس السابق إميل لحود، اغتيل الحريري وثار جنبلاط.
بعد انتهاء الوصاية السورية، ضعف حلفاء دمشق في لبنان، وكان "حزب الله" يحضّر الساحة لوصاية إيرانية، كانت ابرز أشكالها، أحداث 7 ايار 2008 في بيروت و11 أيار في الجبل، حيث سُجل تكاتف إرسلاني - جنبلاطي بمواجهة هجمات "حزب الله" على الجبل. وبعد "لجنة ارتباط" لم يعد هناك من خطر.
انطلقت الثورة، وانشغل النظام بقتل السوريين، وفي العام 2017، تنفس الصعداء ولو "اصطناعياً"، وعاد حلفاء دمشق للتحرك بوجه جنبلاط. فهذا المسار التاريخي من العداء، استكمله الوزير جبران باسيل، بالتحالف مع مؤيدي الأسد وبسياسة "نبش القبور".
وليست المرة الأولى التي يلقي فيها باسيل خطاباً استفزازياً في الجبل، ففي العام 2017 وبعد قانون انتخابي "هجين" واختيار إرسلان التحالف مع باسيل بدلاً من جنبلاط، بدأ باسيل جولته الانتخابية حاملاً معه فائض قوة من "حزب الله" ورئاسة الجمهورية، ومكتسبات من الدولة. وانطلق الاستفزاز باختيار منطقتين، الأولى لها طابع عسكري "سوق الغرب" والثانية طابعها تاريخي وسياسي "رشميا" (حيث آل السعد والخوري) ومن هناك، طالب بـ"العظام"، بقوله: "عندما نتحدث عن حق المعرفة لأن هذا حق الإنسان الطبيعي، أنه يريد أن يعرف أهله أين؟ وعظامهم أين؟ وترابهم أين؟". حديث العظام أثار استياء الدروز، وغضب جنبلاط الذي عاد واعتبر أن الخطاب انتخابي لشد العصب، وأن مصالحة الجبل التي حرسها البطريرك صفير لن تهتز.
وعند تشكيل الحكومة، كان من حق جنبلاط أن يحصل على 3 وزراء، لكن، ولتسهيل التأليف، اقترح أن يكون هناك وزير مشترك مع إرسلان، لكن ملامح الحصار استكملت بتوزير صالح الغريب الإرسلاني. ورغم ذلك عاد جنبلاط واحتضن لقاء دير القمر بايجابية، فقابله الوزير باسيل بالخطاب الاستفزازي نفسه، معيداً ذاكرة الدروز والمسيحيين إلى مجازر 1860، بلغة تهديدية. ثم زار باسيل الكحالة ليتحدث عن أحداث ضهر الوحش والشحار، حيث فقد الجميع شهداء، ولم يعد باستطاعة أهالي الجبل السكوت...
وبالتالي، ما حصل ليس محاولة اغتيال لـ"وزير يغطي مستفزاً" بل مواصلة ما أراده الأسد: "تكسير الجبل على رأس جنبلاط والدروز".


MISS 3