بشارة شربل

"نداء الوطن"... معَكم لاستعادة الدولة

1 تموز 2022

02 : 00

"مادح نفسه كذَّاب". لذا، فإن تجربة ثلاث سنوات بالتمام والكمال من عمر "نداء الوطن" هي ملك القارئ الواعي الذي يميّز الغث من السمين، والقارئ الناقد الذي يطرح الأسئلة ولا يقبل التلقين والتبشير والإجابات الجاهزة. فهو اختبرها مهنةً ومواقف وقدرةً على التعبير عن هموم الوطن والناس، وإرادةً في الدفاع عن السيادة لا تقبل الترهيب والترغيب ولا تهاب صاحب سلطة وسلطان. وهو لمسَ من غير شك ارتباطها بكل جديد وحديث وتجاوزَها كثيراً من الممنوعات و"التابوهات".

حين أطلقنا "نداء الوطن" في 1 تموز 2019 ، كنا على دراية تامة بحجم المهمة وصعوبة الظروف السياسية، ولأجل ذلك كانت، وصار لها مكانٌ ومكانة. وبدل أن نسميها "يومية سياسية مستقلة" وفق ما جرت عادة الصحف، أعلنا ألوانها بشعار "يومية سيادية مستقلة" مؤكدين انحيازنا المسبق لدولة مكتملة السيادة ولشعب يستحق العيش بكرامة وحرية وانفتاح.

توقعنا أشياء كثيرة ومواجهات، لكننا لم نتخيل "معمودية نار" بعد أربعين يوماً من الصدور. وكان لعنوان "سفراء جدد في بعبدا: أهلاً بكم في جمهورية خامنئي" أن أكد لنا ضيق صدر "ساكن بعبدا" بالرأي الحر وتبعية النيابات العامة للسلطة وقوى الأمر الواقع. فواجهْنا بالقضاء وانتصرنا على الافتراء "الرئاسي" بقوة حقنا الدستوري "غير القابل للتصرف"، وبتضامن أهل الرأي والسياسة والقضاء المتحررين من الاستزلام لمحور الممانعة والمنظومة الفاسدة.

كان الاعتداء على الحريات أحد مظاهر عدوان "المنظومة" على مقدرات البلاد وبين مقدمات الانهيار، إذ ما لبثت أن اندلعت "ثورة 17 تشرين"، فانحازت لها "نداء الوطن" فوراً، وشكلت صوتها الصارخ بلا قفازات أو "لكن" رمادية. حملت مطالبها بإسقاط السلطة الناهبة، ورفعت العقيرة منددة بمنع إقفال الطرقات وبقلع العيون على "ثغور" مجلس النواب، في موازاة الدعوة الى إصلاح شامل ووحدانية السلاح وحياد لبنان.

وإذ ضرب الانهيار المالي البلاد فإننا رفضنا "توزيع الخسائر" الظالم معتبرين أنه عملياً "توزيع أرباح" على السارقين. فطالبنا بالمحاسبة الشاملة بدءاً من "الحاكم" المشتبه فيه والمصرفيين النصابين، مع علمنا الأكيد بأن مافيا السلطة غطَّت الجرائم على مدى عقود ثلاثة... وحظُّنا سيّئ في فشل الثورة ونجاة كل الطبقة المرتكبة من دفع الحساب.

أما موقفنا إزاء جريمة تفجير مرفأ بيروت، فسيبقى دائماً منتصراً لدم الضحايا وداعياً لوقف عرقلة المحقق العدلي، ومطالباً بجلب المدعى عليهم الى التحقيق من دون استثناء رئيس مكابر أو وزير متشاوف أو نائب فاجر أو رئيس جهاز أمني يخال نفسه فوق القانون، ومن دون احترام أي غطاء طائفي - ديني للفاسدين أو من استدعاهم القاضي بيطار.

وكما أن "نداء الوطن" ثابتة في مواقفها السياسية والوطنية، فإنها ثابتة في التزامها قضايا المجتمع كلها. وليس صدفة تحولها مرجعاً في التحليل الاقتصادي واجتذابها نخبة من المختصين. وعلى هذا المنوال تسير الجريدة في تعاطيها مع الشأن العربي والدولي والثقافي والفني والرياضي، ويتطور موقعها الالكتروني ليغطي المستجدات على مدار الساعة وينبِّه المتابع الى كل مهم وجديد.

ولا يسعنا في هذه الجردة السريعة إلا توجيه تحية الى روح ميشال مكتف. فهو زرع اللُبنة الأولى ورحل في آذار الماضي تاركاً ذكرى طيبة ومؤسسة صلبة في التزامها وروحها الوثَّابة.

محكمة "نداء الوطن"، هما القارئ وقناعاتُها الراسخة. لا عدد "اللايكات" ولا "شطارة" شركات الاستطلاع ولا البهرجات الفارغة. جريدتكم هذه لبنانية سيادية ليبرالية ملتزمة قضايا الناس وحقهم في حوكمة رشيدة وقضاء مستقل ودولة تضمن الحريات والاستقرار وتوقِف قوارب الموت والهجرة. أمامنا الكثير والتجاوب كبير. وفخورون بما أنجزناه.


MISS 3