مريم سيف الدين

"يا علاء قوم شوف عم تهتف باسمك الألوف"

ثورة على البطش... بيروت تـودّع شهيداً وتنصر معتقلاً

15 تشرين الثاني 2019

02 : 00

شهيد الوطن (فضل عيتاني)

بدأ اليوم التاسع والعشرون من الثورة في بيروت بمحاولة كشف مصير المواطن خلدون جابر الذي اعتقلته مخابرات الجيش أثناء تظاهره أول من أمس على طريق القصر الجمهوري في بعبدا، وانتهى في ساحة الشهداء بتقبل التعازي باستشهاد علاء ابو فخر. ضحيتان لبطش أجهزة السلطة وإصرارها على الإستمرار في قمع المواطنين وتغاضيها عن الاستجابة لمطالبهم. ونجح المحتجون بالضغط للإفراج عن جابر الذي بدت آثار الضرب واضحة على جسده. وبين بداية النهار وآخره تأكيد من الثوار وعهد على الاستمرار في الثورة.

في ساحة الشهداء شموع أشعلتها الثورة قسراً لتودع شهيداً جديداً وهي على مشارف شهرها الأول. ومن أجل وداع يليق بعلاء انتشرت صوره في ساحتي رياض الصلح والشهداء كما غيرها من الساحات. وفي الموعد المحدد لتكريمه عند السادسة مساءً إرتفع صوت الآذان وقرعت أجراس الكنيسة. وصل عدد من أصدقاء ومعارف علاء إلى الساحة حاملين صورة كبيرة له هاتفين باسمه مودّعين إياه. وانضموا إلى مئات المواطنين الذي حضروا وحملوا الشموع تكريماً للشهيد. هم ربما لم يعرفوا علاء، لكنهم عرفوا أنهم مستهدفون بالرصاصة التي أصابته والتي هدفت إلى اختراق ثورتهم وتمزيقها كما فعلت بجسد علاء. وتحدث أصدقاء الشهيد عن مآثره وعن نضاله واعتبروه محركاً أساسياً من محركي الثورة، وطالبوا مع متظاهرين باستقالة رئيس الجمهورية الذي يحملونه مسؤولية استشهاد علاء.

"ميشال عون روح فلّ، منّك بيّ الكل"، هتاف ردّده شبان في وداع الشاب الذي قُتل على يد جندي في الجيش بينما كان علاء يحتجّ على كلام عون خلال مقابلته التلفزيونية الأخيرة. "يا علاء قوم شوف عم تهتف باسمك الألوف"، هتاف آخر يحاول فيه المشيّعون مواساة أنفسهم. وبعد إضاءة الشموع توجّهوا إلى خيمة قرب تمثال الشهداء لتقديم التعازي بعلاء.


هكذا يخرج المتظاهرون من سجون السلطة


يتحدث بعض من عرف علاء عما جرى قبل استشهاده، وعن الاعتداء الذي أودى بحياته، وبعيداً من تفاصيل الروايات كلمة حق نطق بها أحدهم: "فلولا الوعي لسقط أكثر من علاء ولكان عدد الضحايا أكبر". وعيٌ يحرص متظاهرون على الحفاظ عليه وتحكيمه مقابل تعنّت السلطة التي اعتادت استرخاص دم المواطنين. وترافق التشييع الرمزي لعلاء في ساحة الشهداء مع تعزيز القوى الأمنية لإجراءاتها في رياض الصلح، وتفتيش الداخلين إلى الساحتين حرصاً على عدم إدخال أسلحة أو أدوات حادة. كذلك طلبت القوى الأمنية من أصحاب العربات التراجع إلى خارج السياج المحيط بالساحتين وهو ما اعترض عليه بعض المتظاهرين. وكما جرت العادة، استمرت مساءً حلقات النقاش في الخيم المنصوبة في موقف اللعازارية. بينما كان الصباح هادئاً جداً في ساحتي الثورة، ولوحظ عودة بعض المحال التي تعرضت للتحطيم للعمل وفتح أبوابها، على الرغم من استمرار إقفال الطرقات المحيطة واستمرار تهافت المحتجين إلى جوارها.

وكان الثوار قد استيقظوا صباحاً على أخبار متضاربة حول مصير خلدون جابر. فقال متظاهرون إن مخابرات الجيش اعتقلته عن طريق الخطف لا التوقيف أثناء تظاهره ليلاً على طريق القصر الجمهوري. فيما لم تتمكن عائلته بداية من معرفة مصيره ومكان توقيفه. وبعد مساع واتصالات وتوجيه دعوات للإعتصام أمام قصر عدل بيروت للضغط من أجل إخلاء سبيله، أبلغ المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات وفد المحامين والناشطين الذي توجه الى قصر العدل للمطالبة بالكشف عن مصير جابر، بأن قرار إطلاق سراح جابر قد اتخذ وبأنه لدى الشرطة العسكرية. وأفرج عن جابر بعد تحويله إلى مخفر حبيش وإطلاق سراحه من هناك. وأمام المخفر كشف جابر عن جسده وعن آثار الضرب المبرح الذي تعرض له. وهو مشهد يتكرر في كل مرة يطلق فيها سراح متظاهر ليكشف الوحشية التي تتعاطى بها الأجهزة الأمنية مع المواطنين الذين يلقى القبض عليهم أثناء التظاهر. وعلى الرغم من الضرب المبرح أعلن جابر، وفور إطلاق سراحه، استمراره في الثورة.


MISS 3