مايز عبيد

تكلفة الكيلو الواحد تتجاوز الـ50 ألفاً والرخصة 25 مليون ليرة

مزارعو التنباك في عكار يطالبون "الريجي" برفع أسعار الإستلام

2 تموز 2022

02 : 01

تعب وتكاليف

هذه الشتلة الخضراء هي نبتة الصمود أو «الضمانة» كما كان يسميها المزارعون في سهل عكار، لأنهم كانوا يستدينون كل حاجياتهم على مدار السنة، ومن كل شيء للبيت والعائلة، على مقولة «لما يطلع التنباك منحاسبك». حتى تعليم الأولاد كان يتم على حساب رخصة التنباك، التي ينتظر المزارعون عائداتها من سنة إلى أخرى.

تعتاش من هذه الزراعة مئات العائلات لا سيما في منطقة سهل عكار، حيث تبدأ المراحل الأولى بإعداد المشاتل في شهر آذار من كل عام مع ما تتطلبه من عناية وبيوت بلاستيكية وأسمدة وأدوية، لتبدأ مع شهر أيار ورشة نقل النبتة من المشاتل وغرسها في الأرض، ما يقتضي توافر يد عاملة تقوم بزراعة الشتول واحدة واحدة بعد إعداد الأرض بشكل ملائم. من ثم تأتي عملية الريّ التي تتيح نمو الشتول وثبات جذورها بالأرض، وتستمر هذه العملية حتى شهر أيلول تقريباً موعد جمعها ونقلها إلى البيوت من أجل تشميسها وتوضيبها. في السنوات الأخيرة عادت أحوال مزارعي التنباك في عكار إلى الوراء وتحولت نبتة الضمانة إلى عبء على المزارعين، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وغلاء كل المواد الأولية والمستلزمات الزراعية التي يشتريها المزارع على دولار السوق السوداء، مع عدم قدرة المزارعين بأغلبيتهم على تأمين المياه والأسمدة واليد العاملة التي ارتفعت أسعارها جميعها، بالإضافة إلى أن إدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي) لا تزال تشتري التنباك من المزارعين بأسعار أقل من الكلفة التي يتكبدها المزارع، علماً أن تكلفة الكيلو الواحد تتجاوز الـ50 ألف ليرة بحسب ما يشير المزارعون، الذين طالبوا عبر إدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي)، برفع سعر استلام الكيلو لهذا الموسم وإلا سيضطرون مرغمين في الأعوام المقبلة بالإقلاع عن هذه الزراعة التاريخية وإلى الأبد.

حسب المعتاد فإن إدارة حصر التبغ والتنباك تقوم باستلام محصول التنباك من أصحابه في أواخر شهر تشرين الأول تقريباً من كل عام، وتجدر الإشارة إلى أن الأخيرة اشترت الرخصة الواحدة من أصحابها أي 330 كيلو من المزارعين العام الماضي بسعر 28 ألف ليرة للكيلو الواحد، أي ما يقارب العشرة ملايين للرخصة الواحدة، في حين أن المزارعين يؤكدون أن كلفة الرخصة هذا الموسم تتخطى الـ25 مليون ليرة. ويلفت المزارعون إلى أنه في حال بقيت الأسعار على ما هي عليه لهذا العام، فإنه لن تكون هناك إمكانية لمزارعي التنباك في عكار بالإستمرار في زراعتهم.

نقيب عمال ومزارعي التنباك في عكار سمير خشفة قال: «إن فترة الـ95 والسنوات التي تلتها شكّلت العصر الذهبي لمزارعي التنباك. إذ عمل كل من الرئيس الراحل رفيق الحريري والرئيس نبيه بري على إعطاء المزارعين رخصاً وكانت هذه الرخص ذات قيمة كبيرة، وكنا نشتري ونؤمّن كل احتياجاتنا من سنة إلى أخرى من هذه الرخصة، حتى أولادنا علمناهم أفضل تعليم وكله من مردود التنباك».

أضاف:»ارتفاع سعر صرف الدولار وارتفاع أسعار كل المواد والمستلزمات التي يحتاجها التنباك في زراعته، وضعنا في مكان آخر. أعلم أن مدير عام الريجي ناصيف سقلاوي يحاول بكل استطاعته ليحافظ على هذه الزراعة وهذه النبتة وعلى كرامة المزارعين، ولكن الأمور تحتاج إلى سياسة واضحة من الدولة تجاه المزارع بشكل عام، وأن يكون هناك دعم حقيقي للمزارع بعدما صار سعر كيلو السماد 55 $ والسم أسعاره خيالية أيضاً، وضمان الأرض بعشرات الملايين، ولم يعد هناك من تجار ومورِّدين يمدّون المزارع باحتياجاته كما في السابق، لأن مردود رخصة التنباك لم يعد يساوي شيئاً».

وأثنى خشفة على تعاطي سقلاوي الإيجابي في هذا الملف وقال:»يدنا في يدك حضرة المدير العام لنعيد لهذه النبتة التي كانت الأمل رونقها وماضيها، كما نأمل منك أن ترفع سعر الإستلام هذه السنة لأن أسعار السنة الماضية أصبحت قليلة للغاية».

يحاول مزارعو التنباك تقطيع هذا الموسم بأي شكل وتبقى العين على المواسم المقبلة، فهل ستُحلّ مشاكلهم أم ستزداد؟!.


MISS 3