محمد حنيف صوت الحرية في باكستان

11 : 47

أصدر الصحافي والكاتب الملتزم والعسكري السابق محمد حنيف أخيراً رواية ساخرة هي الأشهر بين أعماله ويروي فيها انتهاكات السلطات الباكستانية بجرأة قل نظيرها في هذا البلد.وتدور قصة "إيه كايس أوف إكسبلودينغ مانغوز" أي "قضية ثمار المانغا المفخخة" الصادرة أساساً بالإنكليزية حول الأيام الأخيرة للجنرال محمد ضياء الحق الذي أدار باكستان بقبضة من حديد منذ العام 1977 وحتى اغتياله بإسقاط طائرته سنة 1988 في حادثة أودت أيضاً بحياة السفير الأميركي في إسلام آباد وبعض من أرفع العسكريين الباكستانيين.

ويوصف الديكتاتور في هذه القصة على أنه رجل فاسد يتآمر عليه محيطه لسرقة الحكم منه. ويعتمد الكاتب نبرة خفيفة رغم توجيهه نقداً لاذعاً إلى الجيش الباكستاني النافذ.

وخلال حكم ضياء الحق، كان المنشقون يعاقَبون بالجلد، كما أن الرقابة على وسائل الإعلام كانت تامة. ولدى صدور الكتاب في ربيع 2008، كان جنرال آخر هو برويز مشرف ينهي حكماً طويلاً استمر تسع سنوات على رأس باكستان.

ورغم أن هامش حرية التعبير كان أعلى في عهد مشرف، "كان بعض أصدقائي الصحافيين يخافون علي" بحسب محمد حنيف الذي لا يوافق على توصيف عمله بالشجاع.

ويقول خلال مقابلة مع وكالة "فرانس برس": "كنت محظوظاً لأن سنة 2008 كانت سيئة للغاية في باكستان إذ شهدت مجازر كثيرة"، خصوصاً عبر هجمات لحركة طالبان، ما شكل "مصدر إلهاء" للقائمين على الرقابة.




هذا الكاتب البالغ حالياً 53 عاماً كان قد أمضى اثنتي عشرة سنة في لندن حيث كان يعمل في هيئة "بي بي سي". وكان في ما مضى مراسلاً في كراتشي بعدما خدم في الجيش الباكستاني لسبع سنوات بفعل تدريبه كطيار حربي.

ويقول حنيف وهو ابن وكيل عقاري "أحب الجيش.أعز أصدقائي ماتوا في القتال. ليس لدي أي عداء إزاء هذه المؤسسة".

ويضيف "لكن إذا ما تصرف العسكريون بصورة سيئة وتدخلوا في السياسة أو خطفوا أشخاصاً، عندها علي الكتابة في هذا الموضوع".

وقد فاز كتاب "إيه كايس أوف إكسبلودينغ مانغوز" بجائزة كتاب الكومنولث سنة 2009. كما تعيّن الانتظار حتى تشرين الأول 2019 لكي تصدر هذه الرواية بلغة الأردو بعدما كانت متوافرة في باكستان بالإنكليزية، لغة النخبة التي تجيدها أقلية من مجموع السكان البالغ 207 ملايين نسمة. ويوضح محمد حنيف أنّ داراً للنشر امتنعت عن طرح الكتاب لخمس أو ست سنوات رغم جهوزيته بسبب "التردد" وعدم الرغبة "بالمجازفة".

غير أن الناشرة الباكستانية حوري نوراني واجهت التحدي أخيراً. وتقول "هذا الكتاب تُرجم إلى اللغات الرئيسية في العالم. وحتى لو أنه كتاب ساخر ويمكن الفكاهة أن تحمل طابعاً تخريبياً، لكنه يصف جزءا من تاريخنا".

وتأمل نوراني في بيع آلاف النسخ من هذه "التحفة" الأدبية، وهو رقم كبير في بلد فقير يسجل نسبة كبيرة من الأمّية ويتعين على البعض من سكانه "الاختيار بين شراء كتاب أو ابتياع الطعام" وفق الناشرة. ونشر محمد حنيف بعدها روايتين تطرق فيهما بالنبرة عينها إلى إشكاليات ثقيلة.

ويصف حنيف نفسه بأنه "ملتزم"، وهو يكتب مقالات رأي للصحافة العالمية كما في مقاله الذي نشرته "نيويورك تايمز" في تموز والذي انتقد فيه حكومة رئيس الوزراء عمران خان والجيش الباكستاني. وتندد وسائل إعلامية وهيئات من المجتمع المدني والمعارضة السياسية بالتقييد الكبير لحرية التعبير في باكستان منذ وصول عمران خان إلى الحكم في صيف 2018 وتعزيز سلطة الجيش. (أ ف ب)


MISS 3