رندة تقي الدين

مسؤول أميركي لـ"نداء الوطن": لا علاقة لنا بالتظاهرات و"حزب الله" لن يستطيع تكرار هجوم 2008

ملف لبنان على طاولة أميركية - فرنسية - بريطانية في باريس

20 تشرين الثاني 2019

المصدر: نداء الوطن

02 : 00

شهدت باريس اجتماعاً تناول تطورات المنطقة وفي طليعتها لبنان، خصوصاً بعد زيارة مدير الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية السفير كريستوف فارنو، وضمّ الاجتماع إضافة إلى فارنو، المبعوث الفرنسي لمؤتمر "سيدر" السفير بيير دوكين والمسؤول عن الشرق الأوسط في قصر الرئاسة باتريك دوريل، مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأوسط دافيد شينكر ومديرة الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية ستيفاني القاق.

كشف مسؤول في الإدارة الأميركية لـ"نداء الوطن" أن الولايات المتحدة ستدفع 150 مليون دولار للجيش اللبناني، مؤكداً أن "لا علاقة للولايات المتحدة بالتظاهرات الشعبية ولا بالانهيار المالي، بل ما يحصل هو نتيجة الفساد وفشل الطبقة السياسية في الإصلاح والعمل لمصلحة الشعب".

وكان المسؤول الأميركي صريحاً في تأكيده أن "لا دعم ولا مساعدات للبنان قبل أن تنفّذ الحكومة الجديدة الإصلاحات المطلوبة المرتبطة بـ"سيدر" أياً يكون الشخص الذي يرأسها وأياً يكون أعضاؤها، فعلى الحكومة أن تستجيب إلى مطالب الشعب الشرعية وهذا ما اتفق عليه بين الدول الثلاث الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا". وتوقّع "المزيد من العقوبات على أشخاص مرتبطين بدعم "حزب الله" وبالفساد"، مستبعداً أن "يواجه "حزب الله" الشعب المتظاهر بالعنف كما يحدث في العراق وإيران وسوريا لأن نصف الشعب اللبناني يتظاهر في الشارع و"الحزب" رغم أنه "إرهابي" غير أنه يعيش في لبنان وهو مكوَّن من لبنانيين".

وقال: "تمت مناقشة موضوع احتمال مساعدة الحكومة اللبنانية المقبلة، وإذا كانت ستتمّ مساعدتها فبأي شروط وما نوع هذه المساعدة؟ في حين سيكون هناك دعم عبر قرارات مؤتمر "سيدر" التي هي على الطاولة منذ 18 شهراً"، لافتاً إلى أن "الحكومة التي استقالت لم تنفذ أي شيء من الإصلاحات المطلوبة". وتابع أنه "لا يمكن مساعدة أي حكومة إذا لم تطبّق الإصلاحات المطلوبة والمعروفة في إطار "سيدر". ومنذ سنة ونصف السنة، يردد المجتمع الدولي أن على الحكومة اللبنانية أن تطبق الإصلاحات لكنها لم تستمع ولم تنفذ أي شيء". وأضاف: "الجميع في هذا الاجتماع متفق على أنه يجب على الحكومة المقبلة أن تنفذ الإصلاحات قبل أن يتمّ تقديم الدعم".

وعن التظاهرات الشعبية في لبنان، قال المسؤول الأميركي: "عندما يتمّ إرضاء المتظاهرين في الشارع بحكومة تقنعهم فهذا يساهم في أن يعودوا إلى منازلهم، لكن يبدو أنهم لغاية اليوم غير راضين، ونحن رأينا في تظاهرات أخرى أن المتظاهرين عادوا باكراً إلى منازلهم مثلما حصل في مصر، فماذا حدث بعد ذلك؟ بينما في الجزائر بقي المتظاهرون لأنهم يعرفون أنهم إذا عادوا إلى بيوتهم لن يحصلوا على ما يريدونه. وفي لبنان ولو أنّ نوعية الحكم مختلفة فالطبقة السياسية التي تقرر كل شيء أدت بلبنان إلى هذا التدهور المالي الذي يشهده الآن".

رد "حزب الله" بالسلاح؟

وعن احتمال رد "حزب الله" على المتظاهرين بالسلاح، قال المسؤول الأميركي: "إن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله طالب الشعب في منطقته بعدم التظاهر ورغم ذلك تظاهروا"، مضيفاً: "إن التظاهرات في إيران والعراق شهدت الرد بالعنف. فالإيرانيون الذين سبق أن أرسلوا قواتهم لإنقاذ (الرئيس السوري) بشار الأسد في سوريا، يريدون اليوم التأكد من أن الحكومة في العراق لن تسقط وهذا ما يحاولون القيام به في لبنان. لكن سيكون ذلك صعباً جداً في لبنان، إذ لن يتمكن "حزب الله" من إعادة افتعال ما قام به في العام 2008 مجدداً، لأن الشعب اليوم مستاء جداً وغاضب. ففي العام 2008 هجم "حزب الله" على جزء واحد من بيروت أما الآن فالأمور مختلفة نظراً للتظاهرات الواسعة على مستوى لبنان". وإذ شدد على أن "لا علاقة للولايات المتحدة بالاحتجاجات الشعبية في لبنان"، تابع المسؤول الأميركي: "حزب الله لديه مشكلة. فقادته يصفون أنفسهم بأنهم مقاومة إسلامية في لبنان، لكن متى كانت المرة الأخيرة التي قاوموا فيها؟ إنها في العام 2006 ومنذ ذلك الوقت استمروا في قتل المسلمين السنّة في سوريا والعراق واليمن، فباتوا بنظر الناس مرتزقة بينما الشعب اللبناني أضحى في أوضاع صعبة جداً".

وأشار إلى أن "هناك إدراكاً لتعقيد الوضع في وجه "حزب الله"، خصوصاً بعدما دفع لبنانيون شجعان بين 2005 و2008 الثمن بحياتهم ليتخلصوا من نفوذ سوريا و"حزب الله" وإيران فتم اغتيال 20 شخصاً، لأنه لم يكن بالإمكان حمايتهم، هذا مفهوم، لكن الآن ما يقارب نصف الشعب في الشوارع وفي كل لبنان يقف احتجاجاً على الأوضاع المزرية، وإذا أراد "حزب الله" مواجهة المحتجين بالسلاح كما فعل في سوريا، فهل بإمكانه الاستمرار في العيش في لبنان؟ حتى وإن كان "الحزب" منظمة إرهابية لكنهم لبنانيون بكل الأحوال".

عقوبات ومساعدات

وأكد المسوؤل الأميركي لـ"نداء الوطن" أن "هناك المزيد من العقوبات الأميركية آتية على أفراد لفسادهم وتقديمهم المساعدة لمنظمة إرهابية مثل "حزب الله". وهذه العقوبات قيد الإعداد". وكشف أنه "يتوقع دفع الولايات المتحدة مبلغاً كمساعدة للجيش اللبناني الذي قيل أنه مجمد، وهو بقيمة 150 مليون دولار"، موضحاً أن "المبلغ الآن مع مكتب إدارة الموازنة وهناك مراجعة، فهذا مسار داخلي ولكن يريد وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان دفع هذا المبلغ للجيش اللبناني".

وعن الرسالة الأميركية للبنانيين، قال: "إن الرسالة ليست للطبقة السياسية بل هي للشعب اللبناني بأن احتجاجاتهم شرعية وهي دائمة لضرورة قيام الحكومة اللبنانية بالإصلاحات، وأن على مجلس الوزراء الجديد مكافحة الفساد، فالطبقة السياسية اليوم في ورطة لأنها لم تقم بذلك وليس بسبب العقوبات الاميركية بل بسبب عدم مسوؤلية السياسيين اللبنانيين. والشعب اللبناني يتطلع إلى حكومة لا تمارس الفساد وتقوم بما يجب القيام به لمصلحة الشعب. والولايات المتحدة لا تبالي من يكون رئيس الحكومة أو من هم أعضاؤها ولكن اذا كان هناك مسؤولون في الحكومة المقبلة فاسدون فحظوظ نجاحهم ستتقلص".

وعن تأثير ايران في لبنان، أشار إلى أن "النظام الإيراني عامل فساد وليس إصلاحياً ولم تقدّم إيران أي معونة مالية للبنان إلا لوكيلها المسلح "حزب الله". فلهم تأثير سلبي في لبنان ولكنهم غير مرتاحين، فمشروعهم في العراق بات صعباً لأن هناك جدلاً عنيفاً في الطائفة الشيعية في العراق إزاء مستوى التأثير الإيراني في بلدهم. فأن يجلس قاسم سليماني في اجتماع للحكومة لفرض سياسة على العراق يمثل إهانة للوطنية العراقية كما في لبنان، علماً أن هذه ليست المسألة الأساسية في لبنان بل فشل الطبقة السياسية".

وأوضح أن "الطبقة السياسية في لبنان كانت فاسدة منذ عقود. إذا جاء المال الآن إلى لبنان، هل هذه الطبقة نفسها ستبدأ الإصلاح بجمع عائدات الجمارك لمصلحة الشعب أو لإصلاح الكهرباء وبناء معامل الكهرباء التي وضعت من 3 مليارات دولار سعراً عادياً؟ فالبنك الدولي استغرب كيف أن كلفة الكهرباء في لبنان اكثر بـ 3 مليارات دولار من أماكن أخرى، فأين تذهب هذه الأموال؟ هل تذهب إلى أصحاب الأموال في البنوك؟ كما أن جمع عائدات الجمارك من المستوردات لا يتم لمصلحة الشعب بل لبعض الفاسدين الذين يجمعون الأموال". أضاف: "الاصلاح يأتي من الضغط الشعبي الكبير ومراقبة الإصلاح الحقيقي. و"سيدر" على الطاولة والوضع المالي لا علاقة له بالولايات المتحدة التي عاقبت مصرفين بعد العمل لمدة سنة مع البنك المركزي. وتصنيف لبنان credit rating هو B- والآن أصبح CCC. هذا لا علاقة له بالعقوبات على مصرفين، بل نتيجة الفساد المستديم ومستوى الدين. وفي حال تشكلت حكومة سنبحث اذا كانت مقنعة للمساعدة، فلا نتدخل بمن هم أعضاء الحكومة ولكن الدعم يعتمد على ما سيقومون به، لأنه في كل مرة كانت الحكومات المختلفة تقول سنصلح ولم تفعل شيئاً، كما أنّ "سيدر" على الطاولة منذ سنة فكان للحكومة 18شهراً للقيام بالإصلاح لكنها لم تفعل". واستطرد المسؤول الأميركي: "سبق لدول الخليج أن أرسلت مليارات الدولارات لمساعدة لبنان، فأين ذهبت هذه الأموال وكيف تم هدرها من دون أن تُصرف لمصلحة الشعب؟".

الاتفاق البحري

وعن مفاوضات حول الخط البحري الفاصل بين لبنان وإسرائيل، قال: "هناك إطار وضعه السفير دافيد ساترفيلد منذ سنة ليحاول أن يتوصل إلى الاتفاق حول الإطار الخاص بالمفاوضات، ووضع ورقة للإتفاق بين إسرائيل ولبنان، لكن البعض في لبنان لم يوافق على التوقيع على هذا الإطار. واذا كان اللبنانيون يريدون ترسيم حدود بحرية فهو الإطار الأفضل، خصوصاً إذا أرادوا التنقيب عن الغاز في هذه المنطقة التي وجدت فيها إسرائيل كميات ضخمة من الغاز، فلإسرائيل احتياطها لـ45 سنة في هذه المنطقة وهي شاسعة وبإمكانها الامتداد، وإذا كان لبنان لا يريد توقيع هذه الاتفاقية فسيكون هو الخاسر وهو على وشك الانهيار المالي ويتجاهل توقيع مثل هذا الاتفاق، خصوصاً أن انتاج الغاز وتوزيعه وبيعه يحتاج إلى سبع سنوات".


MISS 3