علاج الكيتامين للاكتئاب: ما مدى خطورة آثاره الجانبية؟

08 : 00

في ظل توسّع الاهتمام بالكيتامين كعلاج للاكتئاب، تزداد في الوقت نفسه المخاوف من آثاره الجانبية. تعمّق تحليل جديد بهذا الموضوع واستنتج أن الكيتامين يبدو آمناً، أقله على المدى القصير.

في آذار 2019، صادقت "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية على دواء "إيسكيتامين" (رذاذ أنفي مصنوع من الكيتامين) لمعالجة الاكتئاب.

تثبت الدراسات أن جرعات صغيرة من الكيتامين قد تُخفف أعراض الاكتئاب سريعاً. وحتى الأفراد الذين لا يتجاوبون مع مضادات اكتئاب أخرى يستفيدون منه خلال ساعات.

ربما يفيد الكيتامين هذه الفئة التي تصعب معالجتها بفضل نمط عمله الجديد. يعيق الدواء مستقبلات "إن-مثيل-د-أسبارتات"، بينما تتفاعل مضادات الاكتئاب الأخرى مع السيروتونين أو النوربينفرين أو الأدرينالين.

نظراً إلى غياب أي تقدم بارز في علاجات الاكتئاب في السنوات الأخيرة، أثار الكيتامين اهتمام الباحثين وجدّد آمالهم.

لكن إلى جانب هذه الحماسة كلها، عبّر العلماء أيضاً عن قلقهم من آثار الكيتامين الجانبية التي تشمل الانفصال عن الواقع، وارتفاع ضغط الدم، ونقص التهوية، والتقيؤ، والتهاب المثانة. وبما أن البعض يأخذ الكيتامين بلا مبرر، يشعر الخبراء بالقلق من تداعيات سوء استعمال الدواء.

في الوقت الراهن، تَقِلّ المعلومات المفصّلة عن آثار الكيتامين الجانبية. رصدت دراسات متعددة تلك الآثار، لكنها لم تشمل دواءً وهمياً. كذلك، لم يحلل علماء كثيرون الآثار المحتملة على المدى الطويل.

لذا صمّم باحثون من "المعاهد الوطنية للصحة" تحليلاً لاستكشاف الآثار الجانبية لدواء "إيسكيتامين" بالتفصيل، ونشروا نتائجهم حديثاً في "مجلة الاضطرابات العاطفية".

يكتب الباحثون: "تهدف هذه الدراسة في المقام الأول إلى رصد الآثار الجانبية المرتبطة بالكيتامين بطريقة شاملة، من خلال مراجعة 120 مؤشراً ذات صلة بحقنة وريدية واحدة من الكيتامين بجرعة أقل من الكمية التي تُسبب تخديراً كاملاً.

حصل العلماء على بياناتهم من دراسات أجرتها "المعاهد الوطنية للصحة" في آخر 13 سنة، وشملت 163 مصاباً بالاكتئاب الحاد أو الاضطراب ثنائي القطب و25 شخصاً سليماً (مجموعة مرجعية).

اختار الباحثون تلك الدراسات بالذات لأنها راقبت عن كثب الآثار الجانبية في أوقات محددة واستندت إلى جداول تصنيف نموذجية ومقابلات عيادية. من أصل 120 مؤشراً، ربط الباحثون 33 منها بعلاج الكيتامين.ظهرت ثمانية من تلك الأعراض لدى أكثر من نصف المشاركين: شعور بالغرابة، ارتباك، تشوّش الذهن، انفصال عن الواقع، تخبّط، تشوهات بصرية، صعوبة في التكلم، خدر.

لكن لم تَدُم تلك الآثار كلها لأكثر من أربع ساعات. خلال جلسة متابعة بعد ثلاثة أشهر، لم يرصد الباحثون أي أحداث معاكسة حادة، مثل الإدمان على الدواء أو مشاكل في الذاكرة أو العجز المعرفي. كذلك، لم تبرز أي أدلة على توسع النزعة إلى أخذ الكيتامين بلا مبرر أو إساءة استعماله.

تقول إيليا أسيفيدو دياز التي شاركت في الإشراف على الدراسة: "كان الشعور بالغرابة أو تشوش الذهن من أكثر الآثار الجانبية شيوعاً على المدى القصير. بلغت معظم الأعراض ذروتها خلال ساعة من أخذ الكيتامين وتلاشت بعد ساعتين. لم نرصد أي أحداث معاكسة حادة بسبب الدواء أو زيادة الإدمان على الكيتامين بعد تلقي جرعة واحدة".

لكن تبقى الدراسة محدودة من ناحية معينة. لم يحلل العلماء مثلاً الآثار الجانبية المرتبطة بإطالة مدة العلاج وتعدد الحقن المأخوذة. كما أنهم اكتفوا باختبار الدواء المحقون، لذا لا يعرفون ما إذا كان العلاج الأنفي يغيّر طريقة ظهور الآثار الجانبية.

صحيح أن الباحثين راقبوا المشاركين طوال ثلاثة أشهر، إلا أنهم لم يقيسوا رسمياً مستوى الإدمان على الدواء أو مؤشرات أخرى على سوء استعماله خلال فترة بقاء المشاركين في وحدتهم. مع ذلك، تشكّل هذه الدراسة خطوة جديدة لفهم أثر علاج الكيتامين بالكامل.تجدر الإشارة إلى أن أحد المشرفين على الدراسة، وهو الدكتور كارلوس زاراتي، شارك في ابتكار عدد من علاجات الكيتامين لاستهداف حالات مثل الاكتئاب، والقلق، والأفكار الانتحارية، واضطرابات إجهاد ما بعد الصدمة، وألم الاعتلال العصبي.

بما أن الكيتامين ينجح في تخفيف الاكتئاب سريعاً فيما تفشل أدوية أخرى، من المتوقع أن يزداد الاهتمام به. لكن تتعدد الأسئلة العالقة حتى الآن، أبرزها تلك المرتبطة باستعماله المطوّل.


MISS 3