نيكولا شيخاني

لمعالجة الأزمة المستفحلة والمتعددة الأوجه

مقترح خارطة طريق نحو التعافي - for Lebanon 3.0

25 تموز 2022

02 : 00

أين وديعتي؟

تدابير فورية كما وفقاً للأولوية: السنة الأولى

1 - إقرار قانون كابيتال كونترول (ولو انه غير ضروري) على مدى 6 إلى 12 شهراً. وهي المدة اللازمة لاتخاذ قرارات الاصلاح وخلق الثقة، مما قد يحفز تدابير السنة الأولى ويوحي بالجدية المطلوبة من قبل صندوق النقد. بعد انقضاء 12 شهراً، قانون الكابيتال كونترول قد يضر بالاقتصاد لجهة الاستثمار الأجنبي أو المحلي، حيث لن تتمكن أية أموال جديدة من التدفق الى البلد اذا لم تتم استعادة الثقة من خلال إحلال إجراءات خاصة.

2 - سن قانون لضمان الاصلاح الفوري لمؤسسة كهرباء لبنان بهدف الحصول على الطاقة بالكامل خلال 12 إلى 18 شهراً.

3 - على المصرف المركزي أن يطبق فوراً سياسة نقدية لتوحيد أسعار الصرف، ولضبط انهيار قيمة العملة الوطنية وفقاً للمادة 70 من قانون النقد والتسليف، بينما يعالج أسعار الفوائد المرتفعة. وعلى هذه السياسة النقدية المعتزمة أن تكون على نفس الخط مع السياسة المالية للدولة، ومع ميزانية لدعم خطة التعافي على مدى 5 سنوات.

4 - على البرلمان أن يضع أولوية «سيادة القانون» ويشرع قانونين بشكل أساسي: قانون يضمن استقلالية القضاء وقانون يعدل قانون سرية المصارف بما يسمح بالتدقيق في حسابات المؤسسات العامة وتطبيق مكافحة الفساد والاقتصاد غير الرسمي في جميع القطاعات، وتهيئة بيئة ملائمة للأعمال وانفاذ الحوكمة. ان رفع السرية سوف يكون أمراً إلزامياً على أي موظف في الخدمة العامة واي مؤسسة خاصة محلية أو اجنبية تتعامل مع الأموال العامة أو العقود العامة بالاضافة الى اقرار قانون للامركزية الادارية والمالية الموسعة .

5 - يجب التدقيق في حسابات المصارف والبنك المركزي والمؤسسات العامة الرئيسية لتقييم الخسائر بشكل صحيح. وتطبيق قانون قوي وعادل للمشتريات العامة، وتطبيق قانون عادل لمنع الاحتكار وتحرير المنافسة.

6 - للمبادرة بمسارات أو قوانين لاستعادة الأرباح التي كانت تزيد على فوائد سندات اليوروبوندز، وفرض ضريبة على الثروة تصل الى المقيمين سواء كانت أموالهم داخل أو خارج لبنان، بالإضافة الى وضع قانون لاسترداد الـ 6 الى 7 مليارات دولار التي خرجت من لبنان بعد 17 تشرين 2019.

7 - لتفعيل وتعزيز التدقيق العام (ديوان المحاسبة)، ليس فقط لرفع قضايا ولكن أيضا لتطبيق الاحكام على كل قضية، وخلق وحدة لتحصيل الأرباح غير الشرعية وفقاً لقانون الإثراء غير المشروع من خلال مسار «تسوية» (مثال عملية «Lava jato» في البرازيل)، حيث تذهب الأموال المجباة الى صندوق يعزز التطور الاقتصادي واسترداد أموال المودعين.


تدابير متوسطة المدى ودور القطاع الخاص

يمكن إحلال الإصلاح الاقتصادي فقط اذا ما تم حل مشكلة الانهيار المالي، لذا فان الخطة المالية ذات الـ 360 درجة لسد العجز المزدوج المزمن للميزانية العامة وميزان المدفوعات ( twin deficit ) تشمل الآتي:

1 - سياسة مالية قوية وذكية لإغلاق عجز الميزانية وتعزيز جباية الضرائب ورعاية القطاع الخاص، بينما يتم تدريب القوى العاملة مع الوقت على الانتقال الى القطاع الخاص. وبالإضافة الى التدابير المالية والضريبية الجاذبة للاستثمار من الداخل والخارج لدعم الاقتصاد وخلق فرص عمل، تجدر الإشارة الى ضرورة العمل باتجاه زيادة القدرة الشرائية كهدف اولي وبالتالي تعزيز الاستهلاك والنمو.

2 - إعادة هيكلة القطاع العام واعادة جدولة ديونه ( يوروبوندز وسندات الخزينة بالليرة). وفي هذا الإطار، يجب تقييم ما إذا كانت الدولة تستطيع من خلال عرض واحد، شراء ديون اليوروبوندز وفق أسعار مخفضة.

3 - وضع استراتيجية متكاملة لتقليص عجز ميزان المدفوعات بالإضافة الى استراتيجية مالية تفرض ضرائب عالية على استيراد المنتجات والسلع غير الأساسية بينما توفر حماية وتسهيلات ضريبية (tax shield) للاستثمارات الأجنبية.

بنك جيد/بنك سيئ وشركة ذات غرض خاص

4 - وضع قانون اعادة هيكلة البنوك وفق مبدأ البنك الجيد/ البنك السيئ (good bank/bad bank). لتمكين القطاع من المحافظة على تعافي الاقتصاد. بعد فحص جودة الأصول QAR يحتفظ البنك السيئ بالأصول الرديئة وما يعادلها من الالتزامات الرديئة المتعلقة بالخسائر المتوقعة والبالغة 72 مليار دولار. أي أنه بمثابة شركة ذات أغراض خاصة (SPV)، ليست بمصرف ولكنها كيان مملوك من قبل البنك المركزي. وبالتالي، فان أي استرداد لأصول البنك المركزي عبر الزمن، سيكون تعويضاً للأصول السيئة لهذه الشركة ( مع العلم أن الحكومة سوف تقوم بإعادة رسملة مصرف لبنان استناداً الى المادة 113 من قانون النقد والتسليف ومن خلال صناديق ادارة أصول الدولة). سيتم توريق هذه الشركة SPV وإصدار سندات OTC ( تداول خارج البورصة) إلى جميع المودعين حتى يصبحوا مساهمين مباشرين. ترتفع قيمة هذه السندات بمرور الوقت بمجرد رسملة البنك المركزي عبر الزمن.

ومع مرور الوقت، سوف يتم وضع خطة متوسطة وطويلة الاجل لتعافي أصول الشركة ذات الأغراض الخاصة، وبالتالي ودائع العملاء. وسوف يتم تخفيض هذا الالتزام من خلال اجراء اصلاح مالي قائم على ضريبة الثروة بالإضافة الى استعادة جميع الفوائد فوق سعر سندات اليوروبوندز. وأيضا، سوف نسعى للحصول على نصيحة مؤسسة التمويل الدولية IFC وخبراتها في استعادة الأصول المتعثرة، وفي استخدام عوائد الصناديق المملوكة للدولة وذلك لإعادة تغطية الأصول السيئة للشركة ذات الأغراض الخاصة تدريجياً وعلى مدى 10 الى 15 عاماً. وسوف يحل هذا القانون مشاكل الحوكمة في مصرف لبنان والقطاع المصرفي وهيئة الأسواق المالية ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة، وذلك لمنع تضارب المصالح وضمان استقلالية تلك الجهات، بما يخلق هيكلية لإدارة المخاطر الضرورية وهيئات الرقابة المالية لتجنب حدوث أي أزمة مصرفية مماثلة في المستقبل من خلال وضع الحوكمة الصالحة في القطاع المصرفي مثل فصل رئاسة مجلس الادارة عن الادارة التنفيذية.

سيتم إنشاء البنوك الجيدة مع الأصول الجيدة المتبقية بعد تحديد أدوار ومسؤولية المساهمين ومجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين، وستكون أقل في العدد بعد إعادة الهيكلة العميقة والاندماج والرسملة.

حماية المودعين ووضع خطة لاستراد حقوقهم

5 - وضع قانون لحماية الودائع مماثل لقانون حماية الذهب، ومعاملة كافة المودعين سواسية لاسترداد الودائع، وذلك جنباً الى جنب مع خطة متوسطة الأجل لمعالجة الاسترداد العادل للودائع حيث يجب أن تشارك جميع الأطراف المعنية من دولة وبنك مركزي وبنوك في تحقيق أكبر قدر ممكن لتعويض المودعين.

6 - وعلى خط موازٍ، يجب تقييم أصول الدولة خلال 15 عاماً المقبلة (تقدر بأكثر من 150 ملياراً) بعد اعادة هيكلة الأصول والمرافق العامة (BOT) بما في ذلك انشاء امتيازات جديدة (PPP)، وخلق شركة إدارة أصول للصندوق السيادي مع مجلس تنفيذي دولي مستقل من خلال القانون 520 الخاص بالعقود الائتمانية، وتشجيع شراكات القطاع الخاص مع القطاع العام ومشاريع «ال بي او تي» لتحسين جودة وعائد أصول الدولة ( مثال السويد وايرلندا وسنغافورة). وعلى المقلب الآخر، خلق أصول وامتيازات جديدة ( مثال جزيرة النخيل في دبي أو يوروديزني في فرنسا)، من دون بيع أصول الدولة. يمكن للصناديق أن تدر بين 5 الى 7% من العوائد سنوياً توضع في حساب ائتماني.

ويمكن للدولة أيضا أن تخلق صندوقاً وطنياً لادارة الأصول العقارية وصندوق وطني للنفط والغاز يدران عوائد إضافية على الدولة.

أهداف شركة الأغراض الخاصة

وشركة ادارة الأصول هذه سوف:

أ‌- تساعد في إعادة بناء احتياطي العملات الأجنبية للبنك المركزي، وإعادة الثقة في الليرة وتأمين السيولة اللازمة لانتعاش النظام الاقتصادي من خلال بناء صندوق سيولة لتغطية الفجوة في العملات الأجنبية، والتي سوف تغطي تدريجياً الأصول المتعثرة في مصرف لبنان والمتعلقة بأموال المودعين من خلال (SPV) التي ستضم مبلغ الـ 72 ملياراً المتعثر.

ب‌- تأسيس مناطق صديقة للأعمال تقدم خدمات ذات قيمة مضافة: مناطق تكنولوجية وصناعية وزراعية تجذب العمالة الكفوءة والخريجين الجدد وتحسن الإنتاج والإنتاجية وتعزز الصادرات، وفي المقابل تقدم منتجات بديلة للاستهلاك المحلي.

ج- تساعد على زيادة العوائد المالية ووقف الاستنزاف المالي (في مصرف لبنان وشركة كهرباء لبنان والقطاع العام وقطاع الاتصالات…). وتساعد على تعزيز ميزان المدفوعات من خلال تخطيط مالي ونقدي استراتيجي. وذلك لتحقيق الآتي:

1) تعزيز الإنتاج وخدمات التصدير.

2) توجيه الاستثمارات لتطوير البنى التحتية 3) وتطوير خدمات الدولة من خلال منصة حكومية الكترونية.

4) دعم الشركات المتوسطة والصغيرة بوصفها ومن دون شك الخالق الأول لفرص العمل.

5) وأيضا لاستخدام فائض العائدات لتسريع استرداد الودائع الخاصة.

الثقة ثم الثقة

7 - أخيرا ولكن أولاً، بناء الثقة: يجب التأكيد على أنه لا يوجد بنك في العامل يستطيع ومن خلال دفعة واحدة إعادة تسديد أكثر من 15 الى 20% من احتياجات عملائه للسيولة.

وأن الهدف هو عدم الاسترداد الفوري للمودعين للخسارة المقدرة بـ 72 ملياراً بل تدريجياً من خلال SPV. وعلى هذا النحو، فان الهدف من أي خطة استرداد هو لتحقيق غرضين:

- خلق الثقة المطلوبة في النظام تحفز المودعين على عدم سحب أموالهم من المصارف.

- إيجاد السيولة المطلوبة يومياً لجعل المودعين يشعرون بأنهم يحصلون على الاستخدام الكامل لأموالهم كما اعتادوا أن يفعلوا قبل الأزمة ووقتما يريدون في المستقبل.

نحتاج 20 مليار دولار

ومقارنة بالناتج القومي الحالي، فان حسبة سريعة تظهر أن لبنان يحتاج الى نحو 20 مليار دولار أميركي فوراً (وليس 72 مليار دولار):

- يتم تحصيل اول 5 الى 7 مليارات دولار تدريجيا كسيولة سنوية متجددة، من خلال شركة إدارة الأصول لتوفير العائد السنوي والمستدام.

- وسيتعين توفير مبلغ ثان قدره 7 مليارات دولار، كمخزن موقت لاستيعاب تحويل الأموال لمرة واحدة ولبناء الثقة (في الواقع يمكن أن يحدث ارتفاع حاد في الطلب على الدولار الفريش عندما نقوم بتوحيد سعر الصرف). والـ7 مليارات متوفرة بين مصرف لبنان والقطاع المصرفي بعد إعادة هيكلته ( البنك المركزي 4 مليارات + البنوك 3 مليارات).

- سوف تستخدم الـ 4 مليارات الأخيرة لرسملة القطاع المصرفي: يمكن للبنك المركزي وضع نصفها والنصف الآخر قد يأتي من بنوك دولية خارجية ذات سمعة جيدة وذلك لاعادة الثقة بالقطاع المصرفي وذلك بعد التوقيع مع صندوق النقد الدولي IMF.

8 - وخلال فترة التعافي الانتقالية ( من سنة الى ثلاث سنوات)، يجب تأسيس شبكة اجتماعية لتغطية أي احتياجات اجتماعية ومخاطر أمنية مما قد يتطلب 2 مليار دولار خلال فترة ثلاث سنوات والتي يمكن تمويلها من خلال خطة البنك الدولي ومؤسسات دولية أخرى أو حكومات يمكن أن تساعد اذا ما أظهر لبنان جدية في خططه للانعاش والإصلاح وفي إعادة بناء حوكمته واقتصاده ووضع كل المخططات اللازمة لمكافحة الفساد.

9 - تحسين البنية التحتية وتشمل كهرباء لبنان والنقل والإعانات المالية لخلق فرص العمل والضيافة للسياحة، لخلق نظام بيئي تنافسي لنمو الناتج القومي، وسيتماشى ذلك مع تحسين ودعم قطاعي التعليم والبحث والتطوير لدينا من دون أن يفوتنا تعزيز أنظمة الصحة والامن القومي والنظام التقاعدي.

للأهمية القصوى يجب دائما قياس جميع الإجراءات المذكورة أعلاه مقابل تحسين القوة الشرائية للفرد.

خلاصة

Lebanon3.0 يحتاج الى تطوير الأنشطة التجارية بشكل عام والتجارة الدولية في بشكل خاص. مع العمل على جذب استثمارات اجنبية مباشرة الى لبنان وهذا يتطلب:

1) دعم من مجلس النواب ضروري لاقرار هذه القوانين والاصلاحات.

2) اتفاق مع صندوق النقد الدوليIMF لتعزيز الثقة في النظام المعاد هيكلته حديثاً.

ان هذا الامر سوف يسمح لمؤسسات دولية مثال البنك الدولي WB، البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتطويرEBRD وبنك الاستثمار الدولي EIB ومؤسسات التمويل الدوليةIFC، للعودة الى العمل ودعم الاقتصاد اللبناني باتجاه الحوكمة المثلى والرشيدة، وسوف يسمح أيضا بتسريع التعافي وتحقيق الازدهار والاهم من ذلك كله إعادة الامل.

(*) مستشار مالي ومصرفي


MISS 3