بعد فشل نتنياهو وغانتس في تشكيل حكومة

الكنيست أمام مهلة 21 يوماً لترشيح رئيس وزراء جديد

09 : 27

مناصرو نتنياهو يتمسّكون بولائهم لزعيمهم رغم اتّهامه بالفساد أمس (أ ف ب)

في سابقة تُسلّط الضوء على عمق الخلافات السياسيّة الداخليّة في إسرائيل وتُنذر بدخولها في "حال المراوحة"، طلب رئيس الدولة العبريّة رؤوفين ريفلين من الكنيست أمس، ترشيح نائب قادر على تشكيل حكومة، من أجل تجنّب إجراء انتخابات ثالثة خلال سنة واحدة، وذلك بعد فشل المرشّحَيْن السابقَيْن، رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو ومنافسه الرئيسي بيني غانتس، في تنفيذ تلك المهمّة. وعلى الرغم من أن فشل الرجلين المحنّكيْن لم يكن ليُشكّل عائقاً امام إعادة تسمية أحدهما، إلّا أن تطوّراً "منتظَراً" طرأ أمس، رجّح كفّة الميزان نحو الجنرال السابق غانتس، إثر إصدار المدّعي العام الإسرائيلي لائحة اتهام ضدّ نتنياهو في قضايا فساد قد تُزيحه من اللعبة السياسيّة، ربّما إلى الأبد.

وفي خطاب أمام البرلمان، أكد ريفلين أنّها "المرّة الأولى في تاريخ إسرائيل" التي يعجز فيها أيّ مرشّح عن تشكيل حكومة ويتمّ فيها تكليف الكنيست بتفويض أحد النوّاب لتشكيلها، فيما لخّصت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الوضع بسؤال: "ماذا يجري الآن؟ لا أحد يعرف فعليّاً، لأنّه لم يحدث من قبل إطلاقاً".

وأقرّ ريفلين بأنّ "إسرائيل تمرّ بفترة قاتمة من تاريخها"، داعياً أعضاء الكنيست إلى التحرّك "بمسؤوليّة" لتجنّب تنظيم انتخابات للمرّة الثالثة خلال سنة واحدة. ودعا الطبقة السياسيّة الإسرائيليّة إلى الكفّ عن التفكير في مصالحها الشخصيّة، بل الأخذ في الاعتبار المصلحة العليا للدولة والسكّان، قائلاً إنّ "مصيركم السياسي ليس أهمّ من مصير مُسنّة في المستشفى".والتقى ريفلين ظهر أمس رئيس الكنيست يولي إدلشتاين، وكلّفه مهمّة البحث عن رئيس جديد للحكومة، وذلك غداة اعتراف غانتس بعجزه عن تشكيلها. وقال ريفلين إنّه "اعتباراً من اليوم الخميس (أمس) ولمدّة 21 يوماً، سيكون قرار مَن سيتولّى مهمّة تشكيل الحكومة في أيدي أعضاء الكنيست"، أيّ النوّاب. ويشهد الوضع السياسي في إسرائيل حال جمود منذ أواخر 2018 بعدما جرت انتخابات مرّتَيْن لم تكن نتائجها حاسمة. وبحسب القانون الإسرائيلي، إذا فشل كلٌّ من نتنياهو وغانتس في تشكيل حكومة، يطلب رئيس الدولة من الكنيست ترشيح نائب يكون قادراً على القيام بهذه المهمّة خلال مهلة 21 يوماً. وينبغي أن يحصل هذا المرشّح على دعم "النصف + 1" من النوّاب، أيّ 61 من أصل 120. وفي حال لم يتمكّن أيّ مرشّح من الحصول على هذا الدعم بحلول 11 كانون الأوّل، أو إذا حصل عليه وأخفق في التأليف، تتمّ الدعوة إلى انتخابات جديدة ستكون الثالثة في أقلّ من عام، ويُرجَّح إجراؤها في آذار المقبل.وكلّف ريفلين نتنياهو مهمّة تشكيل الائتلاف بمهلة 28 يوماً، لكنّه فشل، فانتقلت المهمّة إلى غانتس، الذي مُنح المدّة نفسها (انتهت الأربعاء)، لكنّه فشل أيضاً. وكان الرَّجلان لا يزالان مرشّحَيْن لإعادة تسمية أحدهما، لكنّ قرار المدّعي العام أفيخاي ماندلبليت توجيه لائحة اتهام لنتنياهو في 3 قضايا فساد، أزاحته من الترجيحات، حتّى أنّها قد تُنهي حياته السياسيّة بشكل دائم، ما أخلى الساحة لمنافسه اللدود غانتس.

وكان غانتس ونتنياهو يُحاولان تأليف حكومة يتناوبان على رئاستها، لكن محادثاتهما انهارت ليل الثلثاء - الأربعاء، بعد خلاف على مَن سيتولّى الرئاسة أوّلاً. وحاول كلٌّ منهما جذب رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان لتشكيل حكومة، لكنّ الأخير رفض الانضمام إلى أيّ حكومة يُشكّلها أحدهما، محمّلاً الحزبَيْن مسؤوليّة "الفشل في تشكيل حكومة موحّدة".وقبل صدور لائحة الاتهام ضدّه، دعا نتنياهو، غانتس، أمس إلى خوض "مفاوضات شخصيّة فوريّة"، لكن مع صدورها يتعزّز احتمال إعادة تسمية غانتس منفرداً، ما يدفع إلى التشكيك بتصريحه الذي اعتبر فيه أن إسرائيل تمرّ بـ"يوم حزين جدّاً" بعد الاتهام.

وبعد شهور من الترقّب لدى الرأي العام، قرّر ماندلبليت أمس توجيه لائحة اتهام إلى نتنياهو عن جرائم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا لطالما نكرها رئيس الوزراء الذي شغل منصبه منذ 2009، وهي أطول مدّة بعد دايفيد بن غوريون، أوّل رئيس حكومة للدولة العبريّة. ووُجّهت إليه تهمة تلقّي الرشاوى وخيانة الأمانة والخداع في ملف "4000"، المعروف بقضيّة شركة الاتصالات "بيزك"، خلال ولايته كرئيس وزراء ووزير اتصالات، إذ يتّهمه المحقّقون بمحاولة الحصول على تغطية إيجابيّة على الموقع الإلكتروني "والا" مقابل تأمين امتيازات حكوميّة درّت ملايين الدولارات على شاوول إيلوفيتش، رئيس مجموعة "بيزك" وموقع "والا". كما وُجّهت إليه تهمة الخداع وخيانة الأمانة في الملف "1000"، المعروف بتلقّي هدايا فاخرة من سيغار وزجاجات شمبانيا ومجوهرات من أثرياء مقابل الحصول على امتيازات ماليّة شخصيّة. ووُجهت إليه تهمة الخداع وخيانة الأمانة في الملف "2000"، المعروف بقضيّة "ميدياغيت" المتعلّقة بمحاولته التوصّل إلى اتفاق مع مالك صحيفة "يديعوت أحرونوت" الأكثر انتشاراً في إسرائيل، للحصول على تغطية إيجابيّة، مقابل الدفع في اتجاه تبنّي قانون لتقليص انتشار الصحيفة المنافسة "إسرائيل هايوم". ووفقاً للمادّة الرابعة من قانون حصانة الكنيست، قُدّمت نسخة من لائحة الاتهام إلى رئيس الكنيست، لتمكين رئيس الوزراء من إخطار البرلمان برغبته المحتملة في طلب حصانة من المقاضاة الجنائيّة. وأرسلت نسخة إلى محاميه.


MISS 3