محمد نمر

"حزب الله" يخشى فتح باب التنازل

26 تشرين الثاني 2019

02 : 00

لم تطالب الثّورة بسحب سلاح "حزب الله"، وتخلو الساحات من أي شعار يدعو إلى وصاية إسرائيلية على لبنان، هي مطالب معيشية توجت بفقدان الثقة بالطبقة السياسية الحالية. ومنذ أن انطلقت الثورة وهي تحمّل السلطة بأكملها مسؤولية الانهيار الاقتصادي والفساد، ومطالبها واضحة: اسقاط الحكومة (حققته باستقالة الرئيس سعد الحريري)، تشكيل حكومة تكنوقراط تضع لبنان على سكة المعالجة الاقتصادية وتجهّز البلاد لانتخابات نيابية مبكرة بقانون انتخابي جديد.

السؤال عن سبب شعور "حزب الله" أنه مستهدف، يرتبط بقاعدة ذهبية: "ما أن يوضع لبنان على سكة بناء الدولة، فمن الطبيعي أن تشعر الدويلة بالخطر". لهذا يخشى "حزب الله" الذي يستفيد من غياب الدولة أن يتنازل لمصلحة الثوّار ويفتح الطريق نحو تشكيل حكومة تكنوقراط، لسببين:

أولاً: أي وزير من نوع تكنوقراط لن يكون إلا مع السلاح الشرعي، سيلتزم بما جاء في الدستور واتفاق الطائف والقرارات الدولية والعربية، وسيواجه أي أجندات خارجية تريد تحويل لبنان إلى صندوق بريد لمصلحة إيران أو غيرها، وبالتالي حكومة تكنوقراط تعني أن "حزب الله" سيفقد قوته السابقة التي كانت متمثلة بـ 19 وزيراً يغطّون سلاح الحزب.

ثانياً: إن تنازل "حزب الله" في هذه المرحلة عن الحكومة لمصلحة الشعب، سيفتح الباب عليه للتنازل لاحقاً عن مطلب الانتخابات النيابية المبكرة بقانون انتخابي جديد، وبالتالي سيخشى حينها انقلاب الشعب على الطبقة السياسية، تحديداً في مناطقه الشيعية. الانتفاضة ستنتج نواباً لبنانيين يمثلون الشعب وأجندتهم وطنية. وإذا كان عددهم يشكل غالبية في المجلس فإن الخسارة ستصل إلى إيران، فمن هناك أعلن الجنرال قاسم سليماني، بعد الانتخابات النيابية أن لدى "حزب الله" 74 نائباً، أي أكثرية مع سلاحه.

يحاول "حزب الله" أن يواجه عبر شيطنة الثورة، وتحويلها إلى مؤامرة أميركية عليه، في الوقت الذي لم يستطع فيه أي جهاز أو حزب أو غرفة سوداء اثبات أن هناك دعماً أميركياً للثوار، وعلى رغم ذلك، يصرّ "الحزب" على اقناع أنصاره بأن القضية وجودية، إذ يقول نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم: "من أجل تشكيل الحكومة لا يمكن الخضوع للشروط الأميركية ولا يمكن استخدامها رافعة لخيارات سياسية مقابل أخرى"، فالسؤال هو هل يمكن من أجل تشكيلها الخضوع للشروط الإيرانية؟

أما النائب محمد رعد فيعتبر أن "حكومة إختصاصيين ليست لديها خبرة سياسية ولا تستطيع أن تدير شؤون البلد في هذه اللحظة"، وهنا السؤال الحقيقي، ما الخبرة السياسية التي يحتاجها الوزير ليقود البلاد؟ فهل هي الخبرة السياسية التي سمحت لرئيس الجمهورية تجاوز الدستور واتفاق الطائف؟ هل هي كالتي سمحت للوزير المستقيل جبران باسيل أن يخرج عن البيان الوزراي في قضية اللاجئين السوريين؟ أو كالتي سمحت له بنبش القبور والمطالبة باستعادة عظام المسيحيين وزرع الفتنة في الجبل؟ أو بالفساد في ملف الكهرباء، أو بالدفاع المستميت عن سلاح "حزب الله" في المحافل الدولية؟ عن اي خبرة تتكلمون؟ عن وزراء "حزب الله" الذين كان عملهم مقتصراً على كيفية التطبيع مع النظام السوري وإغراق لبنان في المستنقع الإيراني ومهاجمة الدول الخليجية؟

الخبرة السياسية الوحيدة التي يطالب بها "حزب الله" أن يكون لديه وزراء مسيسون يضعون الفيتو على أي قرار يمس بالمشروع الإيراني.