بشارة شربل

4 آب... نريدُ نظاماً بلا "نيترات"

4 آب 2022

02 : 00

يرتكب أهل المنظومة الحاكمة والمتحكمة خطأ شنيعاً واستراتيجياً باعتقادهم أنّ جريمة تفجير 4 آب ستُسَجّل ضدّ مجهول من غير تبعات، وستلحق جرائم بقيت ملفاتها فارغة أو تمّ تزوير وقائعها وطحنتها الأحداث.

ويعلم المعرقلون للتحقيق العدلي - الذي وصل الى خلاصات مهمة - بأنّ محاولات "قبع" القاضي الشجاع كلّها لم تزده سوى إصرار على البحث عن الحقيقة. فلا إعادة "تنويب" مطلوبين للعدالة تعطيهم حصانة أخلاقية وصكّ براءة، ولا انتخاب سبعة نواب تابعين للمنظومة أعضاء في محكمة الوزراء يعبّر عن أكثر من ملهاة، ولا اختراع "أهالي ضحايا" موالين للثنائي الشيعي إلا مهزلة لا تليق بدماء الأبرياء. والمسألة في النهاية ليست مجرّد تلاعب خبيث بالتقنيات عبر طعونٍ وردود وتشكيلات محاكم، بل صارت مرتبطة فعلياً بمستقبل ما يسمّى العيش المشترك في لبنان ومعناه.

ستبقى دماء الضحايا الذين سقطوا بفعل إهمال وتقصير وتواطؤ سياسيي وأمنيي المنظومة وموظفيها الصغار والكبار صارخةً ما دام هناك من يعمل على حماية المرتكبين ووضع العصي في دواليب التحقيق. هذه جريمة كبرى أودت بمئاتٍ كانت لهم أحلام ولهم أهل وأقرباء، ودمّرت ثلث العاصمة متسبّبةً بنكبة آلاف، لذا هي مأساة وطنية شاملة بكلّ المعايير لا يجوز معها أن تستمرّ الحمايات الطائفية للمشتبه بهم بحجة "التعرّض للمقامات" أو تحصين مدعى عليهم استناداً الى فائض القوة المثير للفرقة على المستويات كافةً.

لا تنفصل جريمة "النيترات" عن مآسي لبنان، لكنّها الفصل الأكثر دموية في مسيرة المنظومة منذ ثلاثة عقود. خصوصيتها أنها تنكأ الجروح وتزيد قناعة كثيرين وخصوصاً المسيحيين- كونهم أكثر المتضررين- باستحالة استمرار صيغة وصلت ذروة فشلها، وهي بالتالي تُضَم الى أحداثٍ جسام توجب البحث الجدي عن نظامٍ لامركزي مناسبٍ يمنع هيمنة فئة على سائر الفئات ويعطي ضماناتٍ لمن يرغب بالعيش في ظلّ الديموقراطية والسلام وعدالة القضاء.