أهالي ضحايا فوج الإطفاء: لتدخّل مجلس الأمن في حال عدم إعادة البيطار إلى منصبه

21 : 23

إنطلقت المسيرةُ الثّالثة، في الذّكرى الثّانية لانفجار مرفأ بيروت من أمام مركز إطفاء بيروت في الكرنتينا، تقدّمها أهالي الشُّهداء العشرة، ورفاق الشُّهداء في فوج الاطفاء، وحمل المشاركون علماً كبيراً مُلطّخاً باللّون الأحمر وعلماً آخرَ كُتِبَ عليه القسم.


كما وحملوا النعوش وعليها أسماءُ الضحايا والشهداء مع لافتاتٍ تدعو إلى "مُحاسبة المسؤولين عن التّفجير وكشف الحقيقة".


ولدى وُصول المسيرة إلى أمام المرفأ، قُبالة الاهراءات، ألقى بيتر صعب، كلمةً باسم أهالي ضحايا فوج الإطفاء، جاء فيها:


"في الرّابع من آب، ومنذ سنتَين، ومثل هذا الوقت، بالتّحديد تفجّر مرفأ بيروت وفجّر معه عاصمةً تحملُ أحلام الكثير من اللبنانيين الذين كانوا يرونَ في عاصمة بلدهم فرصةً للعمل والتّطوُّر، وليس مقبرة جماعيَّة لهم ولجميع أهلهم.


حوّلوا بيروت إلى مقبرةٍ جماعيّة امتلأت دماراً وحزناً وأشلاء أولادِ هذا البلد، مقبرة لمستقبل 226 شخصاً كلّ ذنبهم أنّهم كانوا يُكملون حياتَهم في وطنٍ مُشلّعٍ مُنتهك السّيادة وكلّه فساد وفشل. فعلى الرّغم من كلّ إصرارهم على مُتابعة حياتِهم 226 ضحية وقعوا ضحيّة انتهاك السّيادة والفساد وفشل الإدارة.


آلافُ الجرحى ومئات الوحدات السّكنيّة ومليارات الدّولارات، خسائر كبيرة توجع والوجع لا ينتسى. بالقرب من موقع التّفجير بعشرات الأمتار، وقبل دقائقَ من الزلزال الكبير، كان هناك شباب وصبيّة في فوج إطفاء بيروت يستعدّون ليطفئوا حريقاً على المرفأ، وبكلّ إيمانٍ كانوا يقومون بالواجب، لكنّ الفشلَ والإهمال والعقل الاجراميّ تغلّب في تلك اللحظة المشؤومة على إيمانهم بالخدمة، ووقع التفجير الكبير وأخذ معه خيرة المواطنين الابرياء.. لروحكم الطاهرة تحية.


بعد وقت قصير من التفجير، دعينا ومعنا الكثير من المتضامنين مع وجعنا لإجراء تحقيق مستقل بتفويض الأمم المتحدة بقضية تفجير المرفأ، كان الدافع وراء هذا الشيء هو عدم الثقة بقدرات السلطة اللبنانية على التعامل مع هذا الحدث، نظراً لتضارب المصالح الكبيرة التي تؤثر عليهم، ونقص الخبرة الفنية.


لسوء الحظ، وبعد سنتين من المأساة، لا الحقيقة ولا العدالة قريبة. على الرغم من توجيه الاتهام لوزراء سابقين وأعضاء حاليين بالبرلمان، نجحوا وأغطيتهم السياسية بعرقلة التحقيق.


قاضي التحقيق الحالي، القاضي طارق البيطار، مٌنِع من أداء مهامه من 23/12/2021 من خلال طعون قانونية مزيفة ذات دوافع سياسية.


كنّا أكثر من صبورين وانتظرنا النتيجة العمليّة من القضاء اللبنانيّ...


من هذا المنطلق رفعنا الصوت وتوجهنا للأمم المتحدة والمجتمع الدولي ونقول إن الاتكال على التحقيق المحلي لم يوصلنا الى مكان وما تعرضنا له معيب في حقّنا وفي حقّ منطق العدالة والقانون.


لذا إذا ما تمّ إعادةُ قاضي التحقيق إلى منصبه وتمكّن من القيام بواجباته من دون مزيدٍ من العوائق، مع قدرته واستعداده لإصدار تقريره النهائيّ، خلال 90 يوماً من تاريخنا هذا، عندها نطلبُ من مجلس الأمن بكلّ احترام، النّظر بالقرارات التّالية واعتمادها، إذا كان هذا الشيء مناسباً:


أ- إنشاء التّمويل وتوفيره لهيئة مُختصّة ومُستقلّة مُكلّفة بالتحقيق بأسباب انفجار مرفأ بيروت وتحديد المسؤوليّة عن هذه المأساة.


ب- الطلب من الحكومة اللبنانيّة وقاضي التحقيق والأطراف الأخرى في لبنان تسليم اللجنة كلّ المعلومات والوثائق والبيانات التي يملكونها عن كلّ ما يتعلّقُ بتفجير مرفأ بيروت والتعاون بشكلٍ كامل مع اللجنة المستقلة.


رسالةٌ إلى غوتيريش

ووجّه أهالي الضّحايا رسالةً إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، جاء فيها:


"يصادف الرابع من آب 2022 الذكرى الثانية لأكبر انفجار غير نوويّ في التاريخ، الذي دمّر أجزاء كبيرةً من بيروت وأسفر عن مقتل من 200 شخصٍ وآلاف الجرحى ومئات آلاف النّازحين.

لا تزالُ هذه المأساة حتّى اليوم مُستمرّة، وتفرض خسائرَ نفسيّةً وإجتماعيّةً وماليّةً فادحة، وإلحاق ضررٍ كبير بالضحايا الناجين وأقاربهم والشعب اللبناني عامة.


الموقعون أدناه هم أقارب رجال الإطفاء المتطوعين العشرة. النساء والرجال الأبطال الذين لقوا حتفهم جميعاً في إنفجار مرفأ بيروت، كانوا أوّل من إستجاب وسارع لإخماد الحريق الأوّل في المرفأ، من دون أن يكونوا على علمٍ مُسبَق بالموادّ الخطرة الموجودة في العنبر المحترق. أسماءُ هؤلاء الأبطال العشرة: امراة وتسعة رجال قضوا جميعاً في انفجار مرفأ بيروت: جو بو صعب، رامي الكعكي، سحر فارس، مثال حوا، نجيب حتي، شربل حتي، شربل كرم، إيلي خزامي، جو نون، ورالف ملاحي.


بعد وقتٍ قصير من الانفجار، رفعت مطالب عديدة، تضمّنت عرائض مُوقّعة من مئات آلاف المواطنين اللبنانيّين، داعيةً إلى إجراء تحقيقٍ مُستقلّ في انفجار مرفأ بيروت بتفويضٍ من الأمم المتّحدة. وكانت هذه المُطالبات مدفوعةً بعدم الثقة في قدرات الحكومة اللبنانيّة ونظام العدالة اللبنانيّ على التحقيق، في جريمة بهذا الحجم، نظراً لوجود العديد من تضارُبِ المصالح الكبيرة، فضلاً عن العجز التاريخيّ لبنان في حلّ الجرائم الكبرى السابقة والنقص الفادح في الخبرات الفنيّة.


ولسوء الحظّ، ثبت أنّ كلّ هذه المخاوف كانت مُبرّرة تماماً، فبعد عامَين من المأساة لا حقيقة ظهرت ولا عدالة أتت.


وعلى الرغم من ادّعاء القضاء اللبنانيّ على وزراء سابقين، وهم نوّاب حاليّون، فقد نجح هؤلاء وبدعمٍ من أحزابهم السياسيّة في عرقلة التحقيق، من خلال الانتهاك الصارخ لسير العمليّة القضائيّة والمسار السياسيّ، ومنع قاضي التحقيق الحاليّ القاضي طارق البيطار من أداء مهامه منذُ أيلول 2021 بسبب طعونٍ قانونيّة زائفة.


إن الموقّعين أدناه لا يثقون بأنّ حقيقةَ هذا الحادث المأساويّ وتحديد المسؤوليّات، سيتمّان من دون دعم الأمم المتحدة ومساعيها.


لقد كنّا أكثر من صبورين بانتظار نتيجة الإجراءات القضائيّة اللبنانيّة، وعلى الأمم المتحدة والمجتمع الدوليّ، أن يدركا الآن أنّ هذه الإجراءات المحليّة عقيمة بشكلٍ لا يُمكن معالجتُه ولا يُمكن أن تؤديَ إلى الحقيقة أو العدالة.


ولذلك، إذا لم تتمّ إعادة قاضي التحقيق إلى منصبه ويكون قادراً على أداء واجباته من دون مزيدٍ من العوائق، مع التأكيد على قدرته واستعداده على إصدار القرار الظنيّ، خلال 90 يوماً من تاريخ هذه الرسالة، عندئذ يحثُّ الموقّعون أدناه مجلس الأمن بكلّ احترام النظر، وإذا كان ذلك مناسبا، اعتماد القرارات التالية:


أولاً: إنشاء التمويل للجنةٍ مُحترفة ومستقلة، وتفويضها تولّي التحقيق في أسباب انفجار مرفأ بيروت، وتحديد المسؤوليات عن هذه المأساة.


ثانيا: إلزام الحكومة اللبنانيّة وقاضي التحقيق والأطراف الأخرى في لبنان بتسليم هذه اللجنة المستقلة كلّ المعلومات والوثائق والبيانات التي بحوزتهم، في ما يتعلق بتفجير مرفأ بيروت والتعاون معها بشكل كامل.


الضحايا الناجون، وأقرباء الذين قضوا، واللبنانيون، عانوا بشدة وانتظروا بفارغ الصبر إغاثتهم وإنهاء معاناتهم بتحقيق العدالة، آمالهم معلقة الآن على الأمم المتحدة. نتطلع إلى إجراءاتكم السريعة".

MISS 3