جاد حداد

Bridges 21 ... ممتع وعميق!

28 تشرين الثاني 2019

10 : 34

يبدأ Bridges 21 (21 جسراً) بجنازة شرطي أردى ثلاثة من الرجال الذين أطلقوا النار عليه قبل سقوطه أرضاً. كان ابن ذلك الشرطي حاضراً، ثم يصبح حين يكبر التحري "أندريه ديفيس" (تشادويك بوسمان) وتتمحور قصة الفيلم حوله. كانت العظة في ذلك المشهد مؤثرة ومشاعر الحزن عميقة. ثم يقطع المخرج براين كيرك اللقطة ويصوّر خارج الكنيسة من فوق. أصبح هذا المشهد مألوفاً جداً ويتم تصويره من طائرة بلا طيار لإظهار المكان من علو مرتفع. لكنه لا يشبه جميع المشاهد المصوّرة بهذا الأسلوب لأن اللقطة تُقطَع قبل أن يلقي مئات رجال الشرطة خارج الكنيسة التحية للشرطي الراحل بطريقة مُنسّقة. إنها لقطة مبررة لإطلاق مشاهد الحركة اللاحقة استناداً إلى هذا الحدث الأولي.هذا الأسلوب المتقن من الإخراج والمونتاج هو الذي يجعل 21 Bridges من أكثر أفلام الشرطة متعة وعمقاً في التاريخ الحديث. شارك بوسمان في إنتاج الفيلم، ويؤدي فيه أيضاً مشاهد ركض وقيادة وتهديد بالسلاح وتفتيش السيارات، لكن تتمتع شخصيته في الوقت نفسه بتفكير عميق وهامش واسع من المناورة. ما من كلام صريح عن الانتماء العرقي، لكن يكون الشرطي الأساسي أميركياً من أصل إفريقي ويشارك في أخطر الملفات بسبب لون بشرته. كان الفيلم ذكياً بما يكفي لطرح هذه الفكرة ضمناً.




منتهكو القانون هنا شاب أبيض وآخر أسود: يقوم تايلور كيتش (ينجح في أداء الأدوار المركّبة) وستيفن جيمس بتجاوزات صغيرة ويحملان أسلحة كثيرة، فيقتحمان مطعماً لأخذ 30 كيلوغراماً من الكوكايين من ثلاجته. لكن سرعان ما يتبيّن أن الكمية تصل إلى مئة كيلوغرام، فتحضر أعداد هائلة من الشرطة لردعهما. ثم تقع مجزرة كبرى ويتولى "ديفيس" التحقيق بها، نظراً إلى خبرته في قضايا إطلاق النار التي تثير حفيظة قسم الشؤون الداخلية. هذا الوضع يناسب جي كي سيمونز بدور قائد رجال الشرطة المغدورين، فيتوقع من "ديفيس" أن ينال من القتلة فور العثور عليهم. يضع "ديفيس" خطة لتنفيذها في وقت متأخر من الليل: محاصرة مانهاتن عبر إغلاق 21 جسراً (هذا ما يفسّر عنوان الفيلم)، ما يُسبب اضطراباً كبيراً في ساعات الصباح الأولى، ونشر الشرطة في جميع أنحاء الجزيرة. لا يريد "ديفيس" أن يتعاون مع تحري متخصص بقضايا المخدرات وأم عزباء (سيينا ميلر)، لكن تقول له هذه الأخيرة: "يمكنك أن تستفيد مني أو تحاربني". سرعان ما يقبل بمشاركتها نظراً إلى إصرار شرطة نيويورك على حضورها.

يسهل أن نشعر بنقص معين في الأحداث. وحتى اللصان (كيتش وجيمس) يظهران بصورة تجعل المشاهدين يتعاطفون معهما أكثر من معظم قتلة الشرطة عموماً. لا يعني ذلك أن الفيلم يتغاضى عن أفعالهما، لكن حين يصل الشريران إلى منزل آمن، يشعران بوجود خطب ما. مع تطور الأحداث، يدرك "ديفيس" أنه مضطر لإبقاء واحد منهما على الأقل حياً. لا يحاول سيناريو آدم ميرفيس وماثيو مايكل كارناهان تشغيل عقول المشاهدين عبر طرح تحولات كبرى في الأحداث. بل يهدف في المقام الأول إلى تسليط الضوء على استنتاجات "ديفيس" والمعايير الأخلاقية التي يربطها بكل اكتشاف جديد. لكن يتمحور الفيلم أيضاً حول المواجهات وتبادل إطلاق النار والمطاردات بين الناس والسيارات... يقدم المخرج هذه المشاهد بأسلوب بسيط ومتماسك خلال أقل من ساعة و40 دقيقة. في هذه الأيام، ليس سهلاً أن تكون أفلام التشويق والحركة ذكية ومتقنة لهذه الدرجة. إنه إنجاز حقيقي في هذا العصر السينمائي!


MISS 3