طوني كرم

"الشيوعي" يستعيد لغة الحرب ويزيد من عزلته

"الرئاسة" تفرض نفسها على لقاء الثلثاء... و"تعطيل النصاب" أبسط الشرور

12 آب 2022

02 : 00

ضو "منسّق"... واللقاء بانتطار المشاركين الجدد

أطاح لقاء النواب «المستقلين والتغييريين» رهان القوى «البرلمانية التقليدية» على تشتت معارضة استئثارهم في إعادة تكوين السلطة وتمرير التشريعات التي تخدم مصالحهم، ما دفعهم إلى استنهاض نشاط القوى الموالية لـ «محور المقاومة» والتصويب على أي محاولةٍ أو لقاءٍ يأخذ من المطالبة بقيام دولة المؤسسات والقانون مساراً له بعيداً عن الصفقات والتسويات الدنيئة.

اللقاء الذي تداعى إليه النواب الذين واكبوا ساحات «17 تشرين» والذي من الممكن أن يشكل تتويجاً أو ارتقاءً كما إستكمالاً لمطالبهم عبر الأطر المؤسساتية لم يشكل حدثاً بحدّ ذاته بقدر تعمّد النائبين إبراهيم منيمنة وحليمة قعقور ولمآرب خاصة التشكيك في جدوى اللقاء لحجج واهية كغياب الأجندة المسبقة والشفافية ووضوح الأهداف ليستعد في الموازاة من تعذر عليهم المشاركة في اللقاء الأول للإرتقاء إلى مستوى التحديات والإستعداد للمشاركة في اللقاءات المرتقبة والتباحث في كيفية مقاربة الإستحقاق الرئاسي إلى جانب العديد من التشريعات الأخرى.

ومع الموقف الضبابي للنائب فراس حمدان، طرح بيان «الحزب الشيوعي»، الذي اعتبر أن مشاركة النائب الياس جرادة مع «قوى المنظومة الحاكمة اليمينية» تشويهاً لمضمون التغيير الحقيقي، العديد من التساؤلات حول العودة إلى استحضار لغة الحرب الأهلية والإنقسامات الطائفية والمناطقية، ما دفع النائب الياس جرادة إلى تجاهل ما أثير حول مشاركته، رافضاً التعليق بالمباشر على بيان الشيوعي الذي تنامى إليه مضمونه من دون تكفل عناء قراءته، مؤكداً أن الحوار مع جميع الأفرقاء يشكل أقصر الطرق إلى الحلّ.

في حين رأى نائب منسق تحالف وطني يوسف مرتضى أن البيان يزيد «الحزب الشيوعي» عزلة ويتناقض مع المنطق والخيار اللذين خاض الإنتخابات النيابية على أساسهما، عبر التحالف في دائرة الشوف - عاليه مع «الكتائب اللبنانية» في لائحة مشتركة ما يطرح العديد من الشكوك حول ما إذا كان ينمّ عن إيحاءات معينة في مواجهة تشكيل أوسع جبهة معارضة في هذا الزمن الصعب من أجل بناء دولة على قاعدة الدستور والقانون التي يطالب بها.

النائب جرادة الذي اعتبر أن الحوار يشكل نقطة التقاء بين جميع الأفرقاء، رأى أن نجاح اللقاء مرتبط بما يمكن الإلتقاء عليه، مشدداً في الوقت نفسه على أهمية التواصل مع الجميع ومحاورة الذين يأخذون مواقف إستباقية ضدّ الحوارات لأن مصلحة البلد والقضية والهم المشترك تفرض القيام بذلك بعيداً عن الإصطفافات.

وعن غياب الأجندة المسبقة، أشار إلى أن هذا الأمر طبيعي في اللقاء التعارفي الأول، آملاً في أن تتم مناقشة المواضيع الأساسية في اللقاءات المقبلة، معرباً عن أسفه لعدم مقاربة إستحقاق رئاسة الجمهورية حتى الساعة، مؤكداً أن «كلمة السر هي ضميرنا وما نراه مناسباً لبلدنا وشعبنا»، ما يحتم طرح الموضوع بين جميع الكتل من دون خجل أو تهرّب.

النائب إبراهيم منيمنة الذي غاب عن اللقاء، لم تخلُ مواقفه من الدعوة إلى الإلتزام بمواعيد الاستحقاقات الدستورية والدعوة إلى المبادرة «للبننة الإستحقاق الرئاسي عبر رئيس وطني تغييري إصلاحي مدني مؤمن بالدولة وسيادتها وبالدستور»، في حين أوضح النائب أديب عبد المسيح أن لقاء الأسبوع المقبل للنواب سيسبقه وضع برنامج عمل يوزع في القريب العاجل بعد أن أثمر اللقاء الأول إتفاقاً على آلية تنسيق اللقاءات المقبلة بعيداً عن الأطر التنظيمية المشابهة للأحزاب أو الكتل السياسية.

ورأى عبد المسيح أن «القوات اللبنانية» لم تكن بعيدة عن أجواء اللقاء، في حين أن الهدف الأساسي يبقى الإتفاق بين الكتل الصغيرة والنواب المستقلين من أجل توحيد الرأي قبل التباحث حول سبل الإتفاق مع الكتل الكبيرة والمتراصة التي لن يواجهوا صعوبة في التنسيق والتفاهم معها في المستقبل على العديد من العناوين.

ومع تولي النائب مارك ضو التنسيق مع النواب حول برنامج اللقاءات الدورية التي ستشغل ساحة النجمة كل ثلثاء، لفت عبد المسيح إلى أن عدد المشاركين لا يعوّل عليه بقدر الرهان على الإتفاق والتصويت في الإتجاه ذاته على القرارات المصيرية المرتبطة بمستقبل البلد، مؤكداً السعي إلى التوافق حول برنامج ومرشح لرئاسة الجمهورية، وتوحيد الصفوف بطريقة التصويت وطريقة «تعطيل الجلسات» وما إذا كانت إدارتها تصب في خانة تمرير القوانين والإستحقاقات بما لا يراعي المساعي والمطالب الإصلاحية التي يسعون إلى تحقيقها أو تطبيقها.

وتوقف النائب شربل مسعد عند أهمية التنسيق والإلتقاء بين النواب الذين يتشاركون المبادئ والآراء نفسها، رغم أن إرتباطاته وإلتزاماته المسبقة حالت دون مشاركته في اللقاء الأول، مؤكداً تباحثه مع النائب أسامة سعد حول أهمية التواصل والتلاقي على برنامج وعناوين عريضة للتباحث بها مع النواب المستقلين والتغييريين بعيداً عن اللقاءات الصورية، مشدداً على أهمية كسر الروتين في إنتخابات رئاسة الجمهورية وإيصال رئيس ولاؤه المطلق للبنان بعيداً عن تعليمات السفارات، مشيراً إلى أن الأهمية تكمن في مشروع الرئيس الإصلاحي بعيداً عن الأسماء والأشخاص، ليشكل إنتخابه مدخلاً إلى إنقاذ لبنان عبر علاقاته الخارجية وانفتاحه على جميع الدول إنطلاقاً من الثوابت التي أطلقها البطريرك بشارة الراعي.

وفي سياق متصل، رأى نائب منسق تحالف وطني يوسف مرتضى أن مشاركة نواب التحالف (بولا يعقوبيان وسينتيا زرازير) في اللقاءات المقبلة قائمة وقيد النقاش، لافتاً إلى أن ما عبّر عنه النائبان إبراهيم منيمنة وحليمة قعقور لا يتعارض مع فكرة الإجتماع والتداول في فكرة توسيع قاعدة المعارضة على أسس واضحة سياسية وتشريعية والتعاون مع مختلف الأفرقاء المعارضين.

ومع إستبعاد مرتضى تغييب مقاربة الإستحقاق الرئاسي عن لقاء «نواب المعارضة»، أشار إلى أهمية التركيز على المعايير قبل طرح الأسماء، داعياً إلى عدم التوهم في إمكانية تقديم أي رئيس حلّاً إنقاذياً في البلد في ظل موازين القوى القائمة حالياً التي تتطلب إدارة حكيمة للأزمة، تمهيداً لمرحلة جديدة تتطلب طرح قانون إنتخاب جديد يعتمد نظام المجلسين ويمهد الطريق أمام المطالبة بإجراء إنتخابات نيابية مبكرة وصولاً إلى الإتيان بمجلس نيابي جديد وكتلة وازنة تستطيع تحقيق التغيير الفعلي.

ورغم قناعته بعدم إمكانية التغيير في ظل هذه المنظومة الحاكمة، كشف تباحث «قوى التغيير» عن إنشاء نظام حوكمة من أجل طرح الخطة السياسية التي يجب إعتمادها، وآلية إتخاذ القرار في ما بينهم، قبل تعميمها لاحقاً على النواب المستقلين والمعارضين الآخرين الذي يحملون التوجه ذاته، إنطلاقاً من قاعدة الإتفاق بين النواب وتحديد نسب التصويت على إتخاذ القرارات من خلال إدارة سليمة ديمقراطية تجنباً لوجود «رأس مقرر» وقيادة للمعارضة، وهذا ما يمكن إعتماده من أجل إيصال أحد المرشحين من صفوف «قوى التغيير» إلى رئاسة الجمهورية أو لإدارة الأزمة. وعن إمكانية تعطيل النصاب، أوضح أن القرار المسبق المتخذ هو بعدم مقاطعة الجلسات، لما يترتب على هذا الأمر من خطورة، على أن تتم إعادة النظر في هذا القرار إذا كانت الضرورات تستحق عدم الحضور بما يخدم مصلحة البلد.


MISS 3