الصدر يُحذّر من "سوريا ثانية"

طهران تثأر لقنصليّتها... "مجازر متنقلة" بين الناصرية والنجف

02 : 00

على وقع مطالبة طهران بغداد باتخاذ "اجراءات حازمة ومؤثرة" ضدّ "العناصر المعتدية" على قنصليّتها في مدينة النجف، لم تتأخّر السلطات العراقيّة المدعومة من إيران وقوّات "الحشد الشعبي" الموالية للحرس الثوري، في الردّ على إحراق الثوّار للقنصليّة الإيرانيّة في النجف أمس الأوّل، مرتكبةً "مجازر متنقلة" في صفوف الثوار العراقيين لا سيما بين الناصرية والنجف. إذ قُتِلَ أكثر من 44 شخصاً أمس في أحد أكثر الأيّام دمويّة خلال شهرَيْن من الاحتجاجات الشعبيّة في بلاد الرافدين، خصوصاً في الناصريّة في جنوب البلاد، التي شهدت مواجهات ضارية بين المحتجّين السلميين من جهة وقوّات الأمن العراقيّة من جهة أخرى، مع تحدّي الأهالي حظر التجوّل لتشييع الضحايا، في حين أعلنت السلطات المحلّية في مدينة الناصريّة الحداد ثلاثة أيّام.

وندّدت "المفوضيّة العراقيّة لحقوق الإنسان" في بيان بـ"الاستخدام المفرط للقوّة"، بحيث سُجّل سقوط أكثر من 32 قتيلاً و250 جريحاً في مدينة الناصريّة في محافظة ذي قار و10 قتلى و200 جريح في مدينة النجف، وقتيلين في بغداد، إضافةً إلى عشرات الجرحى أيضاً في أنحاء البلاد. وبدأ إطلاق النار منذ الصباح الباكر في الناصريّة عند محاولة القوّات الأمنيّة تفريق التظاهرات. وفي مدينة النجف، قُتِلَ 10 متظاهرين بنيران القوّات الأمنيّة خلال اشتباكات وقعت قرب القنصليّة الإيرانية التي أُضرمت فيها النيران الأربعاء.

وعلى اثر الأحداث الدامية، قرّر رئيس الوزراء المأزوم عادل عبد المهدي إقالة القائد العسكري الفريق جميل الشمري، بعد ساعات من تعيينه مسؤولاً عسكريّاً على الناصريّة، التي تشهد منذ أيّام احتجاجات عنيفة متواصلة. كما أمر عبد المهدي بتشكيل لجنة للتحقيق في أحداث العنف في ذي قار، التي استقال محافظها عادل الدخيلي من منصبه، والنجف.

وشيّع المتظاهرون الغاضبون جثامين الضحايا في الناصريّة، بالآلاف، بعد أن تمكّنوا من إضرام النيران في مقرّ قيادة الشرطة والسيطرة على جسرَيْن رئيسيَّيْن. وبعد ذلك، حاصر المتظاهرون المقرّ العسكري الرئيسي في الوقت الذي انتشر فيه أفراد مسلّحون من أبناء القبائل المؤثرة في المنطقة على طول الطرق السريعة الرئيسيّة لمنع وصول تعزيزات عسكريّة. وتأتي عمليّة القمع الواسعة التي شهدتها الناصريّة، مسقط رأس عبد المهدي، بعد ساعات من إعلان تشكيل خليّة أزمة عسكريّة في المحافظات الجنوبيّة المنتفضة لإدارة الملف الأمني فيها، واستعادة النظام.

واندلعت الصدامات الأخيرة قرب ساحة الاحتجاج في الناصريّة، حيث قامت قوّات الأمن بتفريق المتظاهرين بالرصاص الحيّ وطردهم من جسرَيْن رئيسيَّيْن كانوا يحتلّونهما منذ أيّام. وبحسب شهود عيان، فإنّ الثوّار الغاضبين أضرموا النار كذلك في فوج المهمّات الخاصة بعد سقوط قتلى بين صفوفهم. وشوهدت تعزيزات عسكريّة منتشرة حول أطراف المدينة، فيما كان يجري تفتيش كلّ السيّارات والأشخاص الداخلين إلى الناصريّة. وقامت السلطات باتخاذ خطوة مشابهة في مدينة النجف. ويبدو أن الردّ الأمني الدموي كان منسّقاً في كافة المحافظات التي تشهد تظاهرات حاشدة، فقد أعلنت القيادة العسكريّة أنّه "تمّ إنشاء خليّة أزمة تحت إشراف المحافظين، من أجل فرض الأمن واستعادة النظام".

تزامناً، دعا رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الحكومة العراقيّة، إلى الاستقالة فوراً، محذّراً من "بداية نهاية العراق" في حال عدم استقالتها. ووجّه الصدر في بيان، "نداءً إلى كلّ شريف في الحكومة إلى التنحّي وعدم المساعدة في تحويل العراق إلى سوريا ثانية، يرتع فيها قائد ضرورة ويتسلّط فيها الفساد". كذلك، طلب الصدر من المتظاهرين الالتزام بالطرق السلميّة وإبعاد ومعاقبة المسيئين من بينهم.


MISS 3