سناء الجاك

الحبس للرجال

13 آب 2022

02 : 00

قرّر بسام الشيخ حسين استخدام التهديد والعنف للحصول على بعض ماله من أحد المصارف.

قبله، وفي مطلع العام، أقدم عبد الله الساعي على خطوة مشابهة وللهدف ذاته.

صحيح أن مثل هذا السلوك يحتاج الى نقاش، وإلى بعض التمعن في العواقب والتداعيات، بعيداً من الاندفاع. فرغم أن هذه السلطة أوصلت اللبنانيين إلى ابتداع وسائل تخالف القانون للحصول على شيء من حقوقهم، إلا أن الصحيح أيضاً أن موظفي المصارف وغيرهم ممّن تواجدوا في المكان وأصبحوا رهائن، لا ذنب لهم بالضرورة، وتهديد سلامتهم وتعريضهم إلى الخطر لو تفاقمت الأمور وأفلتت من عقالها نحو العنف، ولو استعصت التسوية مع المطالب بحقه عبر التهديد، وإعطائه ما يريد.

في حين أن أموال المودعين المنهوبة معروف من نهبها، ومن لم يعمل على حل الأزمة من كبار المسؤولين المحميين والمحصنين، والذين لا أحد يستطيع الوصول إليهم أو الضغط عليهم، ولا حتى بالقضاء.

هل يمكن تشجيع تكرار ما قام به بسام الشيخ حسين؟

قطعاً لا. وقطعاً يأتي مقيتاً موقف أي كان من كبار السياسيين والمحصنين الذين يستخدمون الحادثة فقط لأنهم لا يريدون الا النيل من خصومهم من خلال ما قام به الرجل.

لكن يبقى بيت القصيد في قرار مواطن من فئة «المودعين» تحرير بعض ما يملك ويحتجزه المصرف، ولو كان الثمن دخوله إلى السجن. لم ينتظر ثورة شعبية تقفل الشوارع لأجله وتدعم خطوته، هو كفر بالشعب كما كفر بالسياسيين. لم يفكر بزعيم ما، يسند ظهره ويحميه ويخلصه من هذه الورطة ويسحبه كالشعرة من العجين ثم يتوّجه بطلاً أو يتاجر به شهيداً. لم يلجأ إلى المذهبية الضيقة وحقوق الطائفة ليحشد الجماهير ويلقي خطاباً من «كعب الدست» وينتشي بالتصفيق والولاء الأبله وهتافات «بالروح بالدم» ويشعر أنه كامل الأوصاف وجبار وفوق القانون.

كل ما فكر فيه الرجل كان اللجوء إلى وسيلة فعالة لتحصيل حقه، وتحمَّل تبعات وسيلته العنفية هذه، وسلَّم نفسه للجهات الأمنية.

لا نعرف ان كان خائفاً وهو يفاوض بدمه ودماء من أخذهم رهائن في عمليته هذه. لكننا نعرف قطعاً أنه كان يائساً مقهوراً ومظلوماً، وأنه كان موقناً بغياب قانون يحميه ويحمي اللبنانيين، «مودعين» كانوا أم موظفين في المصرف أم جياعاً ينتظرون في طوابير الذل.

وبالتأكيد لم يكن يبحث عن الشهرة واحتلال مواقع التواصل الاجتماعي وهو يحمل سلاحاً ويدخن لفافته وينفث قهره وكلماته المخنوقة خلال المفاوضات التي تسربت إلى مواقع التواصل الاجتماعي.

بالتأكيد كان يرغب بصورة أفضل لحضوره الإعلامي، لكن ما بيده حيلة في هذا البلد الذي ارتضت نسبة من شعبه أن تتحكم بها منظومة أعاد تعويمها في صناديق الاقتراع.

نعرف أن ما حصل عليه هو أقل من ربع ما له بذمة المصرف، ونعرف انه كان حاضراً ليدفع ثمن استرداد حقه لأنه اعتمد أسلوباً مخالفاً للقانون.

في المقابل، من أرغم «المودع» على هذه العملية، يهرب من الوقوف أمام القضاء، يستخف بالقانون ويتحايل عليه، ويدّعي النزاهة وهو يفرض علينا خسته ووضاعته، ويجيد نهب المال العام، ويبرع في السرقة الموصوفة، والقتل الموصوف، ويأخذ اللبنانيين، كل اللبنانيين، رهائن لما يقترفه. يفعل فعلته من دون أن يترك أدلة تدينه وفق هذا القانون الذي وضعته المنظومة وطوعته ليخدمها ويساهم في ارتكابها جرائمها.

أما بسام الشيخ حسين الذي ارتضى أن يخضع لهذا القانون، فقد طبَّق بدقة روحية المثل القائل ان «الحبس للرجال»، سواء وافقنا على أسلوبه أم لم نوافق.


MISS 3