رمال جوني -

لم يسمعوا سابقاً بسلمان رشدي ولا بـ"آيات شيطانية" أو بهادي مطر

والده منعزل عن العالم... وأهالي يارون: "ما إلنا بالقصة"

20 آب 2022

02 : 00

من يارون

لم يغيّر هادي مطر أقواله في الجلسة الثانية لاستجوابه أمام المحكمة أمس، أبقى على اعترافه أنه لم يقرأ سوى بضع صفحات من رواية «آيات شيطانية» وأنه طعن الكاتب سلمان رشدي لإهانته المعتقدات الإسلامية.

وكان هادي مطر اللبناني الأصل الأميركي الجنسية قد أقدم على طعن الكاتب رشدي قبل أسبوع أثناء إلقاء الأخير محاضرة له في ولاية نيويورك، ومنذ ذلك اليوم واسم بلدته يارون الحدودية قد قفز إلى واجهة الأخبار، وبدأ الكلّ بتداوله وتقع في قضاء بنت جبيل، وهي قرية صغيرة ذات تعايش إسلامي ـ مسيحي.

فكيف يقرأ أهلها الحادثة؟ وماذا عن والده؟ هل فكّ عزلته أم ما زال منعزلاً؟

إلى يارون در...

كان مفاجئاً لأبناء يارون حادث اعتداء مطر على رشدي، لم يسمع معظمهم سابقاً بالكاتب، فانشغالات الحياة أبعدت كثراً عن عالم القراءة، عدا عن أن اهتمامات الناس بتطوير أعمالهم لم تترك لهم وقتاً للتعرف لا إلى رشدي ولا حتى إلى رواياته ومن بينها «آيات شيطانية»، فأبناء يارون بمعظمهم في بلاد الإغتراب، ومعظم منازل البلدة خاوية، وأصحابها في الخارج، فقط يعيش داخلها 2500 نسمة صيفاً، و500 شتاء، من أصل 9000 نسمة، فالاغتراب فيها تصل نسبته إلى 80 بالمئة تقريباً، وهذا يبرّر ابتعاد الجميع عن الحديث بقضية هادي مطر وتداعياتها وانعكاساتها، فلكلّ حساباته الخاصة وإن اقتصرت الأحاديث على العموميات، على قاعدة «ما إلنا بالقصة»، فأيّ كلمة قد تلحق الأذى بأبنائهم المنتشرين في بلاد الإغتراب.

يعود تاريخ الهجرة اليارونية الى العام 1870 ومن بعدها كرّت سبحة الهجرة بحثاً عن الأمان الإقتصادي، وفي زمن الاحتلال هاجر كثر بحثاً عن الاستقرار والأمان، غير أن انعكاس الاغتراب يبدو جلياً على البلدة الصغيرة التي تنتشر فيها القصور والبيوت الفارهة. والد هادي أحد هؤلاء المغتربين أمضى ثلاثين عاماً في أميركا مع زوجته سيلفانا فردوس وأنجب منها أربعة أولاد هادي أكبرهم وهو وحيده، غير أنه عاد الى لبنان بعد طلاقه منها واعتكف الناس، قرر العمل في رعاية الماشية، هرباً من الأسئلة وربّما بحثاً عن الهدوء والسكينة على حدّ ما يقول أبناء البلدة. الوصول الى الوالد حسن صعب جداً، فهو منذ حادثة ابنه هادي منعزل كلياً عن العالم الخارجي، أطبق الأبواب على نفسه، ويرفض التواصل مع أحد، فالحادثة وحجمها كان وقعهما ثقيلاً جداً عليه يروي أبناء البلدة الذين يتفهّمون قراره «الوضع صعب جداً، وكان صادماً ومفاجئاً للكل، فكيف له؟».

أحد لا ينكر «الورطة» التي يقع فيها هادي وقد انقلبت حياته رأساً على عقب في غضون دقائق، الكلّ في يارون يبحث عن الأسباب والدوافع، غير أن أحداً لا يعرف لأنهم لا يعرفون شيئاً سوى ما يرشح عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وهذا ما يدفعهم لعدم الغوص في التفاصيل أو التصريح بأي كلمة، «فكل كلمة محسوبة عليهم وعلى أولادهم المغتربين» يقول رئيس بلدية يارون علي تحفه مؤكداً معرفته بوالدي هادي حسن وسيلفانا، «فهما من أبناء بلدتي، إلا أن هادي هو من الرعيل الجديد الذي نشأ في الإغتراب ولا أعرفه». من الصعب بحسب تحفه التواصل مع 7000 مغترب والاطلاع على أحوالهم، ولولا حادثة الاعتداء على الكاتب سلمان رشدي فإن أحداً لم يسمع بهادي قط، ولا حتى برشدي الذي نسيه الناس منذ زمن طويل».

يؤكد تحفه أن والد هادي في وضع لا يحسد عليه، وأنه يحاول التواصل معه والسؤال عن أحواله لكن من دون جدوى، فهو يرفض كليّاً.

وحول زيارته الى لبنان يشير تحفه إلى أنه سمع الأمر من تصريح والدته، وهو لم يكن على علم مسبقاً بهذه الزيارة، مؤكداً أن كل ما يتمّ تداوله هو مجرّد فرضيات وتحليلات ولا شيء مثبتاً حتى الساعة، باستثناء ما اعترف به هادي أمام المحكمة في الجلستين الأولى والثانية، وغير ذلك لا تفاصيل حول القضية.

حكماً، تحوّلت قضية هادي مطر قضية رأي عام، انقسم الجمهور حولها بين مؤيد ومعارض، وكل طرف يتناولها من الجانب الذي يتناسب معه، فيما الأنظار كلّها على محاكمته والتفاصيل الصغيرة التي سيبوح بها وستكون حكماً اللبنة الرئيسية لمضمون القضية، وعدا ذلك فإن أهالي يارون يتابعون مجريات الحادثة وتفاصيلها عبر الإعلام، أما في البلدة فالكلّ يهتمّ لحاله وأحواله.


MISS 3