مريم سيف الدين

داني أبي حيدر صرخة ثورة حتى الموت... قصة وجع معيشي انتهت بانتحار

5 كانون الأول 2019

02 : 00

الوالد المفجوع يحاول استيعاب الصدمة

نقل داني أبي حيدر من منزله المتواضع في سن الفيل إلى المستشفى جثة، بعدما قرر وضع حد لحياته صباح أمس. وظل دم داني على أرض المصطبة أمام منزله حيث أطلق النار على نفسه. داخل المنزل جلس والده المفجوع وحيداً يستقبل المعزين، وحكى لـ"نداء الوطن" بحرقة عن لحظاته الأخيرة مع ابنه، وعن الضغوط المعيشية التي دفعت بداني إلى الإنتحار. كما الوالد، يحكي الجميع في المكان عن الضغوط المعيشية التي دفعت بجارهم إلى هذا العمل ويتوقعون بأن يقدم المزيد من الأشخاص على الخطوة نتيجة الأوضاع الإقتصادية الضاغطة. ويقول أحد الجيران إن داني قرر قتل نفسه بعد أن عجز عن تأمين الطعام لأطفاله.



داني وزوجته


شقيق داني لم يحتمل الصدمة، وما عاد يقوى على الوقوف. نزل من المنزل للتوجه إلى المستشفى فاستوقفته إحدى المراسلات. أجلسه رفاقه على الكرسي ليتمكن من الكلام، يروي شقيق المفجوع أن أخاه أطلق الرصاص على نفسه عند الساعة العاشرة صباحاً من سلاح صيد، بعد أن أصبح مديناً بمبلغ من المال وعجز عن سداده. ووفق شقيقه فإن داني وفي الليلة التي سبقت انتحاره بدا مربكاً، وتلقى اتصالات من المدينين الذين طالبوه بتسديد الديون. اكتفى الشقيق المنهار بهذا القدر من الكلام، فطالبته المراسلة بالمزيد، كرّر اكتفاءه بهذا القدر، "إن عبّرت سأقول كلام قاسياً" هنا ازداد إصرار المراسلة، فهذا عزّ الطلب. بل وكادت المراسلة تمنّنه طالبة منه أن يقول الكلام القاسي "لا بأس... عبّر لأجلك". بينما يدرك الجميع أنها تطالبه بالتعبير لأجل "سكوبها" غير مبالية بحاله. تفشل المذيعة في تحريض الأخ على الكلام، فيحكي شخص بقربه بغضب ويشتم السياسيين قبل أن يصعد الأخ بمساعدة آخرين إلى السيارة ويمضي في اتجاه المستشفى.

لداني ثلاثة أبناء يتّموا بالأمس، أكبرهم يبلغ من العمر 12 عاماً، وحده علِم بأنه بات يتيماً. بينما أخفيَ الخبر عن شقيقه وشقيقته اللذين يبلغان 9 و6 سنوات، حتى بعد ظهر أمس. و تولّت الجارة، التي عجزت عن حبس دموعها، الإهتمام بالأطفال ومحاولة إخفاء الخبر المفجع عن الطفلين. لم ترغب السيدة التي استلمت الأطفال بعد عودتهم من المدرسة في أن يشعرا بأن شيئاً غريباً يحصل، على الرغم من إدراكها بأنهما سيعرفان لاحقاً. يناديها طفل آخر "نور خرجت من المنزل أدخليها" فهرعت السيدة لإدخالها كي لا تعلم بعزاء والدها.

في حديث لـ"نداء الوطن" يؤكد الوالد أن ابنه انتحر بسبب سوء الأوضاع المعيشية. ويسأل: "اليوم إبني وغداً من؟ يريدون المزيد من الدماء؟ الزعماء المتمسكون بالكرسي: إلى أين سنصل؟". ويحكي الوالد أن ابنه كغيره من الناس قبض نصف راتب. "لم يحصل معه أمر محدد بالأمس، لكنه مدين للدكان بنحو 3 ملايين ليرة لبنانية، طلب الشهر الماضي من صاحب الدكان منحه مهلة كي يسدد الديون على دفعتين، دفعة بعد قبض راتبه ودفعة ثانية بعد قبض راتب الشهر الثالث عشر والمساعدات المدرسية. لكنه قبض نصف راتب في الشهر السابق وهذا الشهر أيضاً. اليوم صباحاً توجه إلى العمل عند الساعة السادسة والنصف صباحاً، وعند العاشرة والنصف عاد إلى المنزل ودخل غرفته. سألته عن حاله فأجاب أنه بخير، وبينما كانت والدته تغسل وزوجته تنظف السجاد وأنا أنفضه وخلال لحظة سمعت صوت طلق ناري، ركضت فوجدته مرميّاً على الأرض. فما الذي يريده الزعماء بعد؟!". ويروي الوالد الذي طرد من عمله منذ أشهر ويقيم وزوجته مع ابنه في المنزل، أنه سهر مع ابنه حتى الساعة الحادية عشرة من مساء الليلة التي سبقت انتحاره وكان يمازحه بينما كانا يشاهدان التلفاز.

من جهتها أصدرت شركة دباس، التي عمل فيها أبي حيدر لأكثر من 24 عاماً، بياناً أكدت فيه بأنه استمرّ بقبض كافة أجوره ومخصصاته "بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها لبنان؛ كما حضر صباح اليوم (الأمس) كالمعتاد الى العمل إلا أنّه طلب أن يتغيّب لبقية اليوم بسبب ظرف عائلي".



انتحار أبي حيدر صرخة قهر (فضل عيتاني)



أما جيران أبي حيدر، فوقفوا على شرفاتهم يراقبون ما يجري بعد الحادثة التي خضّت حيّهم وكلّ الوطن. وبات الجميع في محيط المكان كما في كل المناطق وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، يتحدث عن الواقع المعيشي الصعب الذي قد يدفع بمزيد من المواطنين للإنتحار جراء الأزمة الإقتصادية، مطالبين السلطة بتحمل مسؤوليتها.


MISS 3