جولة وزارية في الجنوب... وصولاً إلى الناقورة

02 : 00

الوزير المرتضى

الأرجح أنّ القاضي محمد المرتضى، هو من القلّة النادرة من الوزراء، الذين استمتعوا بوجودهم في وزارة الثقافة. الأغلبية الساحقة ممن عيّنوا في تلك الوزارة، تعاملوا معها على أنّها جائزة ترضية، تنفع لتمضية بعض الوقت وعقد اللقاءات وممارسة السياسة على هامشها. أمّا شؤونها وشجونها، فلا تشغل بالهم.

المرتضى يتحدث عن متعته في إدارة هذه الوزارة التي تجسّد بنظره، الواقع اللبناني، بتنوّعه الثقافي والحضاريّ. تراه في حركة دائمة، في التفاتات غير تقليدية. كأن يعيّن الطالب جوي بيار حداد (14 عاماً) مستشاراً معاوناً له لشؤون تحسين علاقة جيل الشباب باللغة العربية. دقائق قليلة معه تكفي للتأكد من أنه صاحب شخصية مميزة. يداوم في الوزارة كأي مستشار وفي يده كتيّب يطالع صفحاته في أوقات الفراغ. هو فعلاً كما وصفه المرتضى «معجزة في اللغة العربية، شخصيته تتسم بالرزانة وقوة الحضور والرصانة، أما وعيه فكأنه كهل حكيم، وطموحاته النهوض بأبناء وطنه».

أو كأن يتنقّل في مكتبه من المبنى المستأجر في الحمرا (لكونه كان يكلّف الخزينة العامة حوالى نصف مليون دولار سنوياً) إلى مبنى الاونيسكو لينثر على جدرانه لوحات تشكيليين لبنانيين، وليستقرّ أخيراً في الصنائع في «قصر» المكتبة الوطنية التراثيّ بعد إعادة ترميمه.

لكن شغفه الثقافي لا يحجب الجانب السياسي عن سلوكه وأدائه اليومي وهو الآتي من عالم القانون، سواء من خلال نقاشاته المتشعّبة في مجلس الوزراء أو من خلال المواقف التي يوثقها عبر منصة تويتر... وأحدثها ارتبط بمسألة الكاتب سلمان رشدي مع أنّه أوضح حينها أنّ موقفه «ليس دعوة للقتل. وإنما إصرار على بث الوعي، وللدفاع عن قدسية حرية التعبير ضدّ من يدنسونها بالشتيمةِ والضغينةِ».

وقبل أسابيع معدودة من انقضاء عهد الرئيس ميشال عون، وتلاشي احتمال تأليف حكومة جديدة، وتسلّم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئاسة الجمهورية، يشرّع وزير الثقافة نافذته «للهوا الجنوبي». وبعد ساعات قليلة من زيارة قام بها للجنوب، أعلن أمس عن تنظيم الوزارة زيارة إلى الجنوب لمجموعة من الوزراء، تحت عنوان «كلنا للجنوب» بهدف تسليط الضوء على روعة وغنى هذا الجزء الغالي من وطننا العزيز لبنان، وإشعار اهله لا سيما القاطنين فيه بأنهم في صلب اهتمامات الحكومة اللبنانية، وذلك بعد التنسيق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير السياحة وليد نصار. تشمل الجولة كلّا من الناقورة، رميش، العديسة، وادي الحجير، مليتا وجبل صافي. وستتخللها زراعة أشجار في وادي الحجير من قبل الوزراء المشاركين في هذا النشاط.

في السياسة، لا يمكن فصل هذه الجولة عن التطورات المتسارعة التي يشهدها ملف ترسيم الحدود، واستطراداً الجدل الحاصل حول منطقة رأس الناقورة التي تشكّل انطلاقاً للخطّ 29 الحدوديّ. لكن المرتضى يصرّ على الطابع الثقافي للجولة التي يفترض أن تضم مجموعة لا بأس بها من الوزراء من مختلف التوجهات السياسية، حيث حرص على نزع أي بصمة حزبية عن الزيارة في كلّ المحطات التي تتضمنها ليتركها في الإطار الاجتماعي الداعم لأبناء المنطقة.


MISS 3