أزمة النقد اللبنانية "تخنق" الاقتصاد السوري

00 : 27

سجّلت الليرة السورية أدنى مستوى لها على الإطلاق عند مستوى 765 مقابل الدولار

غذّت الأزمة الاقتصادية اللبنانية بحسب عدد من الخبراء انخفاض العملة السورية، التي كانت تتعرّض لضغوط منذ شهور نتيجة لتفاقم المشكلات الاقتصادية في البلاد، إلا أنها وفي الأسابيع الأخيرة انخفضت بمستوى غير مسبوق.

ويربط كثيرون انهيار الليرة السورية بالأزمة المالية في لبنان التي جعلت الوضع أسوأ. وبالنسبة الى هؤلاء، فإن الأزمة المالية في لبنان قد ساهمت في خلق حالة من الفوضى في الاقتصاد السوري الذي مزّقته الحرب، ممّا أدّى إلى خنق مصدر حيوي من الدولارات وجرّ الليرة السورية نزولاً إلى مستويات قياسية.

العام 2011، قررت معظم الدول الغربية وقف التعامل ماليّاً مع الاقتصاد السوري، الأمر الذي دفع بالأخير إلى الاعتماد على العلاقات المصرفية مع لبنان للحفاظ على استمرار التجارة والأعمال خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات.

ولكن ومع فرض المصارف اللبنانية ضوابط مشددة على عمليات السحب والتحويلات بالعملات الصعبة في الخارج، بات السوريون الأثرياء عاجزين عن الوصول الى أموالهم. وعليه، توقف تدفق الدولارات من سوريا إلى لبنان لتبقى ودائع رجال الاعمال السوريين في الوقت الراهن "محاصرة" في النظام المصرفي اللبناني.

من هنا، يمكن تخيّل الارتدادات الناجمة عن هذه الخطوات والتي انعكست على النظام الاقتصادي السوري أسوة باللبناني. تُعتبر الأزمة الاقتصادية الحالية في لبنان الأسوأ منذ الحرب الأهلية التي استمرت منذ العام 1975 ولغاية 1990 حيث تسعى المصارف إلى منع هروب رؤوس الأموال بعدما أصبحت الدولارات نادرة وتراجعت قيمة الليرة اللبنانية في السوق السوداء. في موازاة ذلك، سجّلت الليرة السورية أدنى مستوى لها على الإطلاق عند مستوى 765 تقريباً مقابل الدولار الاسبوع الماضي، مقارنة بـ 47 قبل بدء الانتفاضة ضد رئيس الجمهورية بشار الأسد في العام 2011 وتصاعدت إلى حرب شاملة مع المتمرّدين والمسلّحين.

في هذا الإطار، يعتبر رجال أعمال ومصرفيون أن للسوريين ودائع بمليارات الدولارات في البنوك اللبنانية. وشكّلت هذه الودائع مصدراً مهمّاً لاستقطاب الدولارات وتالياً تحريك الاقتصاد. فبسبب عدم القدرة على تحويل الدولارات مباشرة إلى سوريا، استخدم السوريون خارج منطقة الشرق الأوسط النظام المالي اللبناني كقناة لإرسال الأموال إلى أقاربهم الذين يُقدّر عددهم بمئات الملايين.

على المنوال عينه، يشعر العمّال السوريون في لبنان أيضاً بآثار الانكماش الحاد في اقتصاد يتخلّى عن الوظائف بسرعة. لذا فقد يكون السوريون أكثر تأثراً بالقيود المصرفية من غيرهم.

الى ذلك، فإنّ السوريين الذين اعتمدوا على نسب الفائدة على ودائعهم أنفقوا بعضاً منها داخل سوريا. اليوم، ومع عدم القدرة على جلب الدولارات من لبنان تشهد البلاد نقصاً في العملة الخضراء.

يعكس تعرّض الليرة السورية لضغوط قبل اندلاع الأزمة اللبنانية، مشكلات سوريا الاقتصادية العميقة التي تفاقمت خلال الحرب التي حطمت مساحات شاسعة من البلاد. في محاولة لدعم الليرة السورية، جنّدت السلطات دعم رجال الأعمال الأثرياء المؤيّدين للأسد في تشرين، وطلبت منهم إيداع أموال لدى البنك المركزي، حسبما قال رجال الأعمال. لكن هذه الخطوة لم تأتِ بثمار تُذكر، فالدلائل كافة تشير إلى أن هذه الاموال قد سُحبت بغالبيتها من المصارف اللبنانية. كما تمّ تشديد القيود على عمليات سحب الليرة السورية في محاولة لكبح الدولرة.

وأصدر البنك المركزي السوري تعليمات للبنوك بوضع حد للسحوبات بقيمة 5 ملايين ليرة سورية في اليوم قبل أن يتراجع عن القرار ويحدد القيمة اليومية بعد ذلك بـ 10 ملايين ليرة بعد الاعتراضات. كلّ هذه القيود أدّت الى امتناع الناس عن وضع اموالهم في المصارف ليحتفظوا بها نقداً خوفاً من عدم تمكّنهم من سحبها في حال احتاجوا إلى ذلك.


MISS 3