جنى جبّور

أسعار الأدوية ارتفعت بعد أن خُفّضت ودواء إيراني يدخل لبنان

جبق يقول ما لا يفعل

9 كانون الأول 2019

02 : 00

تخفيض الأسعار تحقق بقرارات من أسلافه في الوزارة (رمزي الحاج)

أدلى وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال جميل جبق بسلسلة تصريحات أطلق خلالها شعارات كبيرة دغدغت المشاعر من دون أن يحقق منها شيئاً، لا بل حقق عكسها، لينطبق عليه شعار أنه يقول الشيء ويفعل نقيضه، ويصف نفسه بأنه وزير تكنوقراط ولا يخضع للسياسة في قراراته، يعلن عن خفض سعر الدواء ولكنه يعدّل آلية تسعيره تفادياً للتخفيض السريع في السنوات المقبلة.

وأكدت مصادر مَعنية أنّ لا علاقة لجبق بالتخفيض في سعر الدواء الذي يحصل اليوم وهو يشكل الدفعة الثالثة من الأدوية المخفضة نتيجة الآلية التي وضعها سلفه الوزير غسان حاصباني أواخر العام 2018 واعتماد التخفيض والتي تقضي بالتخفيض كل ثلاث سنوات من تاريخ تسجيل الدواء في لبنان بدل خمس، بحيث كان يفترض في العام 2019 تخفيض أسعار الأدوية المسجلة في لبنان خلال أعوام 2014، 2015، 2016 لتبلغ قيمة تخفيض الفاتورة الدوائية مئة وخمسين مليون دولار، ولكن ما قام به الوزير جبق هو إرجاء الدفعة الأخيرة من الأدوية الواجب خفض أسعارها. وتابعت المصادر أنّ آلية تسعير الدواء كانت قد عُدّلت خلال تولي الوزير وائل بو فاعور مهام وزارة الصحة بحيث أصبحت تعتمد السعر الأدنى بين أربع عشرة دولة مرجعية في هذا الشأن.

وبحسب المصادر نفسها، فإن إعلان الوزير جميل جبق عن تخفيض سعر الدواء استند إلى الآلية التي أطلقها الوزير حاصباني مع اعتماد السعر الوسطي بين الدول المرجعية عوضاً عن السعر الأدنى كما نصت عليه آلية ابو فاعور، وهذا يعيد الأسعار الى الإرتفاع. كما اعتمد جبق إعادة التسعير كل خمس سنوات بدل ثلاث بحسب الآلية التي أقرّها حاصباني، لتبقى الأدوية المستوردة والجنيسية المصنعة محلياً مرتفعة لفترة أطول.

قرارات الوزير جميل جبق تصبّ في مصلحة مستوردي ومصنّعي الأدوية وعلى حساب الدولة والمواطن، وفي حين يجاهر بتخفيض الأسعار، فالحقيقة هي أنّ هذا التخفيض تحقق بقرارات من أسلافه في وزارة الصحة، وفي عهده يعود ليرتفع تدريجياً، خصوصاً بعدما أصدر مذكرات بإعادة رفع سعر عدد كبير من الأدوية بقرار إستثنائي من الوزير خارج آلية التسعير المعتمدة.

وبينما تعتقد الشركات أنّ قرارات جبق تفيدها، يتم العمل على إدخال أدوية إيرانية المنشأ بكلفة أقل وجودة مشكوك في أمرها لتنافس الأدوية الموجودة في السوق ومستفيدة من عوامل عديدة، فيكون جبق قد أصاب ثلاثة عصافير بحجر واحد:

1 - الإيحاء للناس بتخفيض سعر الدواء، لكنه يفعل العكس.

2 - الإيحاء للمستوردين والمصنّعين بتخفيف عبء التخفيض عن كاهلهم في السنوات القادمة وزيادة ارباحهم.

3 - تنفيذ سياسة الجهة التي يتبع لها بتسهيل إدخال ادوية إيرانية المنشأ وتسجيلها تحت وطأة الظروف الضاغطة، من دون تأمين كل المستلزمات بطريقة تطرح تساؤلات حول الثقة بجودتها.

هذا النهج الذي يتبعه الوزير جميل جبق منذ استلامه وزارة الصحة والقائم على الشعبوية وإطلاق الوعود التي لا تجد سبيلها إلى التنفيذ، وتحديداً الخطوة التي يسميها كسراً للإحتكار في السوق، لا جدوى إقتصادية لها، علماً أنّ هناك عدة شركات تعمل في قطاع الدواء والمنافسة بينها قائمة في سوق حرّة وأسعار تنظمها الوزارة، فكيف وأين اكتشف الوزير جبق الإحتكار؟ بالإضافة إلى الكلام عن تقديم مشروع قانون يدرك الجميع إستحالة إقراره في مجلس الوزراء في ظلّ تصريف الأعمال، كما أنّ مجلس النواب لن يوافق عليه لأنه سيترتب عليه ارتفاع في سعر الدواء.

مصادر سياسية أسفت للنموذج السيئ للوزير التكنوقراط المدعوم من القوى السياسية الذي قدّمه الوزير جميل جبق، وخصوصاً لناحية إستغلال وجع الناس لتمرير قرارات في ظل حكومة تصريف أعمال تخدم المنتفعين والأجندات السياسية على حساب مصلحة المواطن.


MISS 3