طوني فرنسيس

منظومة القضاء الرديف

10 أيلول 2022

02 : 00

قدّم المعنيّون بالقضاء صورةً سيئة عن جهاز يعتبر في الدول المتحضّرة ضمانة لحسن سير علاقات المواطنين ببعضهم البعض من جهة وبالسلطات من جهة ثانية. فتعيين محقّق رديف في قضية بحجم تفجير عاصمة لم يأتِ استجابة لضرورة التحقيق الممنوع أصلاً، بل هو في سياقه السياسي والقضائي إمعان في نسف التحقيق من أساسه سعياً إلى إقفال الملفّ وطمس الجريمة بأسبابها ومرتكبيها وضحاياها وخسائرها وآثارها. قبل القرار بالرديف اتّخذ السياسيون المتضرّرون قرارهم بقبع المحقق الأصيل، فتوقّف التحقيق ومنع القاضي من إكمال مهمته، لكنه صمد ولم يتراجع. لم يتنحَّ ولم يعلن استسلامه وانتظر مثلما يفعل الشرفاء من قضاة العالم، هؤلاء الذين صمدوا في وجه المافيا الإيطالية أو عصابات شيكاغو ونيويورك...

يعرف المحقق العدلي صعوبة مهمته، وأنّه يتصدى لجريمة لها تفرّعاتها الممتدة من روسيا وجورجيا إلى سوريا وإسرائيل إضافة إلى شركاء محليّين بدوا قادرين ليس فقط على شلّ دوره ودور سلفه، وإنما على خرق كلّ القوانين تحت يافطة القانون وتعيين قاضٍ رديف ليس له مكان لا في القانون ولا في السوابق.

يستغرب قضاة ومحامون القرار ويرفضونه بشدة. يرى هؤلاء أن نظام البدائل يمكن اتّباعه في التمثيل النيابي كما في العراق وفرنسا، لكنّ اتّباعه في القضاء بدعة لا يجترحها إلا ساسة يرفضون في العمق أي استقلالية أو دور لقضاءٍ مستقلّ. وبحسب هؤلاء القضاة لا رديف لقاضٍ أو لمحقق عدلي إلّا في حال تنحّيه أو وفاته أو قبعه وتعيين الرديف هو ببساطة عملية سطو خصوصاً أن مهمته ستكون تجويف التحقيق من دون معرفة مجراه واتّخاذ قرارات إخلاء مطلوبة سياسياً لم يتّخذها المحقّق المحاصر.

غلطة القضاء عشيّة انتخابات رئاسة الجمهورية التي يجري الاستعداد لدفن الدستور معها مرة أخرى إشارة مفجعة إلى مآل الدولة والمؤسسات في نهاية هذا العهد، يُخشى أن تستكمل بقرارات مفاجئة يتّخذها المجلس الدستوري استجابة لطلب منظومة القبع والردفاء.