استطلاعات تُظهر تقدّم "المحافظين" على "العمال"

حملة انتخابات "بريكست" تدخل مرحلتها النهائيّة

11 : 18

جونسون يترجّل من "حافلة المعركة" لدى وصوله إلى مهرجان انتخابي في واشنطن البريطانيّة (أ ف ب)

دخلت حملة الانتخابات العامة في بريطانيا مراحلها الأخيرة أمس، مع سعي رئيس الوزراء المحافظ بوريس جونسون إلى حشد الأصوات قبل موعد الانتخابات الخميس لإنهاء سنوات من الشلل والجدل حيال عضويّة البلاد في الاتحاد الأوروبي.

ويأمل جونسون باستعادة الغالبيّة المحافِظة التي خسرتها سلفه تيريزا ماي في الانتخابات الأخيرة قبل عامَيْن فقط، ليتمكّن من تنفيذ "بريكست"، فيما يهدف زعيم حزب "العمال" المعارض جيريمي كوربن إلى تغيير الوضع الراهن وتحقيق الفوز لحزبه وتولّي رئاسة الحكومة للمرّة الأولى منذ تسع سنوات. وتُهيمن على الانتخابات مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتي ستدخل في المجهول في حال فشل جونسون في الحصول على الغالبيّة. وتعهّد كوربن التفاوض على اتفاقه الخاص في شأن "بريكست" في حال أصبح رئيساً للوزراء، لعرضه في استفتاء ثانٍ والاختيار بينه أو البقاء في الاتحاد الأوروبي. وأظهرت استطلاعات الرأي تقدّم حزب "المحافظين" بفارق جيّد. لكنّ جونسون يحتاج الفوز بنصف مقاعد مجلس العموم على الأقلّ، لأنّ حزبه ليس لديه شركاء واضحون بين الأحزاب الأصغر حجماً. وأشار بعض الاستطلاعات إلى أن الانتخابات يُمكن أن تُثمر عن برلمان كبير آخر يؤدّي إلى إطالة الشلل السياسي وزيادة مشاعر الإحباط لدى مجتمع الأعمال وبروكسل.

وصرّح جونسون أمس: "نحن لا نأخذ أي شيء كأمر مسلَّم به. نحن نعمل بجدّ وجهد كبيرين في أنحاء البلاد كافة"، وذلك خلال زيارة إلى سوق للسمك في ميناء غريمسبي شمال شرقي البلاد. وغريمسبي هي جزء مما يُسمّى بـ"الجدار الأحمر" الذي يدعم تقليدياً حزب "العمال" بسبب دعمه نقابات العمال وتركيزه على الإنفاق الاجتماعي.وتحمّلت مناطق شمال شرقي إنكلترا عبء عدد من التغيّرات العالميّة التي أفقدت الصناعات البريطانيّة قدرتها التنافسيّة وأجبرت البلاد على فتح مياهها لدول الاتحاد الـ27 الأخرى لممارسة الصيد فيها.

وبالأمس، وعد جون ماكدونيل، الذي سيُصبح وزيراً للمال في أي حكومة عماليّة مقبلة، بـ"إنهاء التقشف" ونقل الثروة من لندن إلى المناطق الأخرى خلال أوّل مئة يوم من تولّي حكومة "العمال" السلطة. وأضاف: "لا يخدعنَّكم المشكّكون الذين يقولون إنّ خططنا غير قابلة للتحقيق"، واعداً بـ"تغيير شكل الحكومة وما يتوقعه منها الناس". وبحسب ماكدونيل فإنّ رئيس وزراء بريطانيا "هو ربّما أقلّ سياسي يحظى بثقة الناس على الإطلاق".

وأدّت المخاطــــر والانقسامات الإيديولوجيّة بين جونسون وكوربن إلى حملة اتّسمت بالمشاكسات والطابع الشخصي، بحيث واجه جونسون مراراً أسئلة حول مدى موثوقيّته، فيما وُجّهت انتقادات لكوربن تتعلّق بمعاداة السامية.

وبالنسبة إلى كوربن، كان خط الهجوم الرئيسي هو اتهام جونسون بفتح نظام الرعاية الصحيّة الوطني للشركات الأميركيّة في مرحلة ما بعد "بريكست" في إطار اتفاق تجارة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. لكن تمّ التشكيك في وعده بالإنفاق السخي على هذا النظام خلال الحملة الانتخابيّة، حتّى لدى بعض الأوساط في جهاز الرعاية الصحية.وفي هذا الصدد، كتب المدير التنفيذي لنظام الرعاية الصحية كريس هوبسون في صحيفة "تايمز" أمس: "نحتاج من السياسيين أن يكونوا واقعيين في شأن حجم التحدّي. إمّا تمويله بما يتناسب مع ذلك وإمّا الصدق حول عدم التمويل الإضافي. وهذا لم يحدث".

وظهر كوربن على الصفحة الأولى لإحدى الصحف أمس خلال تجمّع انتخابي وهو يحمل صورة طفل مريض يستلقي على الأرض في أحد المستشفيات التي يبدو أن أسرّتها كانت قد نفدت. وقال كوربن: "هذا عار، عليهم أن يستثمروا في الخدمات العامة". وبدا جونسون مرتبكاً عندما أراه أحد الصحافيين الصورة التي كانت موجودة على هاتفه. ووضع هاتف الصحافي في جيبه متعهّداً بأنّه سوف "ينظر بالأمر لاحقاً". وفي نهاية المقابلة مع المراسل، اعتذر جونسون وقد بدا عليه التعب، من الصحافي، وأعاد إليه هاتفه. وانتشر مقطع فيديو عن هذه المقابلة بشكل كثيف على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتراجع كوربن في استطلاعات الرأي خلال الحملة الانتخابيّة، ولم تظهر بعد مؤشّرات تحقيقه تأييداً يُشبه ما حقّقه في انتخابات 2017، التي حرمت ماي من الغالبيّة في البرلمان. وأظهرت استطلاعات نشرت السبت أن حزب "المحافظين" يتقدّم بمعدّل 10 في المئة في استطلاعات الرأي. ويعتقد منظّمو الاستطلاعات أن جونسون يحتاج التقدّم على حزب "العمال" بنسبة 6 في المئة على الأقلّ في انتخابات الخميس ليضمن الغالبيّة في البرلمان.ويرجع المحلّلون تراجع كوربن هذه المرّة إلى رفضه المبدئي لدعم إجراء استفتاء ثانٍ على "بريكست"، والذي كان يرغب به معظم ناخبي حزب "العمال".

كما عانى الحزب الذي عمره نحو نصف قرن، من خروج عدد من أعضائه الكبار الذين أعربوا عن قلقهم من فضائح معاداة السامية التي ظهرت في ظلّ زعامة كوربن، الذي قال لمناصريه خلال تجمّع انتخابي في بريستول أمس إنّ "الكثير من الناس يتّخذون قرارهم في اللحظة الأخيرة"، مؤكّداً أنّه سيُواصل حملته الانتخابيّة حتّى الخميس ليلاً. والأحد، أعلن مركز "سايمون ويزنتال"، ومقرّه في الولايات المتحدة ويُكافح معاداة السامية، أن كوربن هو أبرز شخص معادٍ للسامية في 2019، مضيفاً أن بريطانيا ستُصبح دولة "منبوذة" إذا أصبح رئيساً للوزراء.