رفيق خوري

أي مؤتمر يوقف "إفساد العملة" والسياسة؟

11 كانون الأول 2019

10 : 38

كان رئيس الوزراء البريطاني الراحل هارولد ويلسون يقول: "أسبوع هو زمن طويل في السياسة". وهذا هو المنطق الذي سمعناه بالجملة والمفرق من "المجموعة الدولية لدعم لبنان" التي تعقد اليوم بمبادرة فرنسية مؤتمراً في باريس للبحث في إنقاذ لبنان. و"الرسالة" وصلت سلفاً إلى أهل السلطة المرتبكين والمتنمرين في آن الذين يرسلون وفداً لا يعرف ما سيحدث غداً في بيروت: إعادة التذكير بالإسراع في تأليف حكومة "فعالة ذات صدقية تتجاوب مع تطلعات اللبنانيين". وإعادة التأكيد على "ربط المساعدات الجاهزة بالإصلاحات المطلوبة". وعلى الطريقة الأميركية في المصارحة الفجة قال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية أمام الكونغرس: "لا حكومة غربية مستعدة لإنقاذ لبنان إن لم يستوعب المسؤولون رسالة الشارع". ولم ينس الإشارة إلى "أن هناك أكثر من 11 مليار دولار".

لكن التركيبة السياسية الحاكمة تتصرف كأن الوقت من خدامها، والشهور وحتى السنوات هي لحظة في السياسة. ففي مسار التكليف قبل التأليف كما في مسار التأليف قبل التكليف تجلّى الفشل في الإسراع وتقصير وقت الفراغ والأزمة. وفي الإصلاحات المطلوبة من الناس والمجتمع الدولي كان "النجاح" في التهرب من أي إصلاح يحد من قدرة النافذين على استغلال السلطة وترتيب الصفقات وممارسة الفساد. والأمر الوحيد الذي يتسارع هو مسار الإنهيار، باعتراف الجميع.

ذلك أن ضغط الإنهيار قاد أهل السلطة إلى التسليم بإجراءات مصرفية قاسية على الناس من خارج القانون هي عملياً تغيير سلبي في النظام المالي الذي يرونه "قدس الأقداس". وعلى العكس، فإنهم يقفون ضد أي تغيير إيجابي في النظام السياسي الفاشل، وضد المطالب الجذرية للثورة الشعبية السلمية المستمرة.

لا بل فعلوا أكثر بكثير مما قاله لينين، وهو "إن أفضل طريقة لتدمير النظام الرأسمالي هي إفساد العملة". فهم مارسوا سياسات مالية واقتصادية جعلت الليرة في وضع إنحداري على طريق إفساد العملة، مع أنهم يدافعون عن "النيوليبرالية" في النظام الرأسمالي. وهم أفسدوا السياسة عبر تجريدها من معناها النبيل: "فن إدارة شؤون الناس"، وأخذها إلى مفهوم قبيح هو فن التسلط على شؤون الناس وأموالها.

ومن الغرائب أن يكون الطريق لإنقاذ لبنان مفتوحًا من الخارج ومغلقًا من الداخل. ومن العجائب أن يصبح الإستئثار بالسلطة جائزة على الفشل حتى في إدارة أزمة مالية وإقتصادية وسياسية قبل الحديث عن حلها، كما على إعادة البلد من جديد "ساحة" للصراع الأقليمي والدولي في أخطر مراحله.

وليس أمرًا قليل الدلالات أن يبدو المجتمع الدولي أكثر منا رأفة بالبلد.


MISS 3