خالد أبو شقرا

الصناديق السيادية: مخرج للمصارف يعفيها من تحمّل مسؤولية ارتكاباتها

التعويض على كبار المودعين ومتوسطي الحجم هو "الهاجس" الذي "يلف ويدور" حوله كل معني بالوصول إلى التعافي المالي. آخر المقترحات أتى في خطة الهيئات الاقتصادية، ويقضي بإنشاء شركة قابضة تُحفظ فيها ملكية 15 مؤسسة عامة يديرها القطاع الخاص. وعندما يرتفع مردودها عن حد معين تذهب الاموال إلى تغذية صندوق التعويض على المودعين، لمدة تتراوح بين 10 و12 سنة. فهل يمكن لهذا الطرح أن يخترق جدار صندوق النقد الدولي الرافض بشكل مطلق لأي استعمال للملك العام؟ وما الذي يميز هذا الطرح عن "صندوق استرداد الودائع" في الخطة الحكومية؟

أهمية الخطوة أنها "تفتح الباب أمام إعادة أموال المودعين، بعدما كان مقفلاً كلياً في الخطط السابقة"، من وجهة نظر رئيس تجمع رجال وسيدات الاعمال نيكولا أبو خاطر، "إذا استطعنا التوصل إلى إدارة الشركات العامة لمدة محددة مع إبقاء ملكيتها بيد الدولة، ستزيد انتاجيتها ويرتفع مردودها. ومع تخطي المردود نسبة معينة، تحوّل الاموال للتعويض على المودعين". وبرأي أبو خاطر فان "قبول صندوق النقد بالتعديلات يرتبط أكثر بإقرار مجلس النواب القوانين الاصلاحية العالقة، ولا سيما السرية المصرفية، الكابيتال كونترول، الموازنة وإظهار التعامل بحسن نية". وهذا يتطلب برأيه التفاوض على أسس جديدة تعتمد على المدة التي يتطلبها إرجاع الودائع، والشركات التي سيتم إدراجها. وهو ما يؤمن إرجاع حقوق المودعين من جهة، وتفعيل انتاجية القطاع العام من جهة ثانية، مع المحافظة على استدامة الدين العام. والأهم أنه يقطع الطريق على الخسائر المحققة يومياً بنسبة 25 مليون دولار. وعليه فإن النواب اليوم أمام مسؤولية تاريخية لإقرار الاصلاحات، والخروج من الشعبوية وتأمين أسس تطبيق خطة التعافي.

الطرح الذي لا يختلف في المضمون عن الطرح الجديد في خطة الحكومة، يتمايز بالشكل بوضع المؤسسات تحت جناح شركة قابضة ولوقت محدد. وفي الحالتين ترى أوساط متابعة أن صندوق النقد إنطلاقاً من مواقفة السابقة سيكون الرافض الاكبر لمثل هذه الطروحات. فعلى الرغم من كل التطمينات التي تساق عن أن التعويض سيكون بعد تحقيق الاستقرار الاجتماعي، والقدرة على خدمة الدين، فان ثقة الصندوق معدومة بالسلطتين السياسية والنقدية في البلد. وأن هذا الطرح يؤمن مخرجاً للمصارف من دون أن تتحمل المسؤولية عن افعالها وارتكاباتها طيلة السنوات الماضية. كما انه قد ينحو باتجاه تفضيل المودعين على بقية المواطنين بالاستفادة من عوائد هذا الصندوق أو الشركة... أو مهما كان اسمه. وبرأي المصادر فان "صندوق النقد الذي لم تمر عليه محاولة تفريغ قانون تعديل السرية المصرفية، مشكوك بإمكانية قبوله باستعمال أصول الدولة مهما لطّفت التسميات، إلا إذا كان هناك خلف الكواليس "قبة باط" منه. وقد يكون الصندوق يئس من المماطلة وقرر اللحاق بالسلطة السياسية إلى "باب الدار"، عله يجد في لبنان بعض الاصلاحات التي تؤهله لنيل قرض والبدء بمشوار التعافي".