خالد العزي

زيارة البابا إلى كازاخستان تأكيد على دورها

20 أيلول 2022

02 : 01

أظهرت رحلة البابا فرنسيس التاريخية إلى كازاخستان الأسبوع الماضي، حيث عقد المؤتمر السابع لقادة الأديان العالمية والتقليدية، عدّة حقائق وأكدت على نموذج الانسجام بين الأعراق والأديان الذي تبنّته أستانا.

كانت الزيارة الرسولية هي الثانية في التاريخ، إذ زار البابا يوحنا بولس الثاني الدولة الرئيسية في منطقة آسيا الوسطى منذ ما يقرب من 20 عاماً. لكنّ الحدث الحالي، الذي ضمّ 100 وفد من 50 دولة، جذب اهتماماً خاصاً.

وكما صرح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، فإنّ وصول البابا هو «مثال حي للقيادة الروحية النموذجية باسم مصالح الرخاء والعدالة» بينما «أصبح العالم أكثر اضطراباً في فترة ما بعد الوباء، وهناك طلب متزايد على نهج جديد لتعزيز الحوار بين الحضارات والثقة على المستوى العالمي».

لقد تحدّث البابا فرنسيس إلى ممثلي القيادة والمجتمع المدني والسلك الديبلوماسي لكازاخستان، وأشار إلى أن الجمهورية على «مفترق طرق للعقد الجيوسياسية المهمة»، معتبراً أن كازاخستان تنتمي لمجموعة من الدول الأساسية في حل النزاعات العالمية. وشكر أستانا على استعدادها الدائم لتوحيد الأطراف المتصارعة وتعزيز فكرة الحوار.

كما أعرب البابا عن تقديره البالغ للمبادرات التقدمية لكازاخستان. وبالنظر إلى الالتزام العالمي بقضية السلام على وجه التحديد، قدّر تقديراً عالياً تخلّي كازاخستان الحاسم عن الأسلحة النووية، فضلاً عن تطوير سياسات الطاقة والبيئة القائمة على إزالة الكربون والاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة.

وأعرب كذلك رأس الكنيسة الكاثوليكية عن امتنانه للسلطات الكازاخستانية لقرارها التخلّي عن تنفيذ عقوبة الإعدام. وكانت الفكرة المهيمنة لخطب البابا تتمحور حول فوائد صنع السلام للدين وحرية الدين للعالم الحديث، الذي يمرّ بأزمة.

لقد لبى الحبر الأعظم اللقاء على الرغم من حالته الصحية التي فرضت عليه التجوّل في الكرسي المتحرك، وكان يأمل بلقاء البطريرك الروسي كيريل الذي بارك الحملة العسكرية ضدّ أوكرانيا، لكنّه تغيّب عن الحضور، فأجرى الحوار مع رئيس دائرة العلاقات الكنسية الخارجية المطران أنطونيوس، الذي قال: «لقد أُتيحت لنا الفرصة لتبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا».

وعقد البابا على هامش المؤتمر السابع، لقاءات مع زعماء الأديان العالمية وأبدى اهتماماً خاصاً بقضية ممارسة التعايش السلمي لممثلي الديانات والثقافات المختلفة على أراضي كازاخستان. لكن البابا لم يُغَيِّبْ عن خطابه النقد المبطن لرأس الكنيسة الروسية، خصوصاً لجهة مباركة الحرب في أوكرانيا.

هذه ليست المرّة الأولى التي تقدّم فيها كازاخستان منبراً ديبلوماسيّاً مريحاً لمؤتمر قادة الأديان العالمية والتقليدية، إذ عُقد مثل هذا المؤتمر منذ العام 2003 من أجل تعزيز السلام والحوار في المجتمع.

تفتخر كازاخستان اليوم بكونها موطناً لأكبر مجتمع كاثوليكي في آسيا الوسطى. المسيحيون، مثل جميع المؤمنين الآخرين، يُقدّمون مساهماتهم القوية في التنمية. فعلى مدى 30 عاماً من الاستقلال، طبّقت كازاخستان نموذجها الخاص للتناغم بين الأعراق والأديان على أساس مبدأ «الوحدة في التنوّع»، باعتبار أن هذا النموذج الخاص هو الذي يُمكن أن يُساعد ممثلي مختلف الطوائف العالمية على إدراك إمكاناتهم في صنع السلام من الناحية العملية، وتوفير اتجاه هو عكس عملية الاغتراب السائد بين الشعوب وتمزيق العلاقات الدولية.

وخلال مغادرته، أدلى البابا بتصريح يؤكد موقفه الرافض للحرب في أوكرانيا ويطالب بإيقافها. وشدّد على أنه لا فرق بين الكنيسة الكاثوليكية الغربية أو الأرثوذكسية الروسية، إنما المطلوب عدم تشريع الحرب ومباركتها لقتل الإنسان.

تُشكّل الزيارة التاريخية التي قام بها البابا إلى آسيا الوسطى نقطة لتقوية الاتجاهات الايجابية في الوضع الجيوسياسي، والتي من شأنها أن تُساعد في تحقيق السلام والتفاهم المتبادل.


MISS 3