"زلزال" التصنيف مستمر... على مقياس "فيتش"

02 : 00

يتابع لبنان مساره الانحداري بخطى متسارعة، وللمرة الثالثة هذا العام خفّضت "فيتش" أمس تصنيفه الائتماني ليتراجع من درجة CCC إلى CC. التخفيض الجديدة للوكالة الدولية يدل عمليّاً، على توجّه الأمور إلى مزيد من الانحسار ومزيد من المخاطر، ما يفاقم تالياً إمكانية تخلّف لبنان عن سداد مستحقاته والتزاماته للخارج. من هنا لا مهرب من أن تصبح مسألة "إعادة الجدولة" أمراً واقعاً في الأيام المقبلة.

فإذا عمد المحلّلون الاقتصاديون إلى اسقاط المرحلة الجديدة التي وصلها لبنان على هرم التصنيف الائتماني الذي تعتليه AAA وتحتل قاعدته D، لتبيّن أنّ لبنان يقع في خانة الدول التي لديها احتمال كبير بعدم تسديد ديونه، وأنّ مرحلة واحدة هي C تفصله عن التوقف نهائياً عن السداد. هذا الواقع الذي لم تصله إلا قلّة قليلة من الدول المدينة والتي لم تلبث ان أعلنت إفلاسها، يعني في أحسن الأحوال بالنسبة للبنان الدخول في مفاوضات إعادة جدولة ديونه، هذا إن لم يتم إعلان إفلاسه بشكل رسمي.

وعلّلت "فيتش" خفض التصنيف بسياسة تقييد السحوبات كأمر واقع وبشكل غير قانوني، وهو ما لم يجرؤ مصرف لبنان على البوح به علناً حتى الساعة ليستمر في الاختباء خلف "بدعة" إدارة جديدة للسيولة. ويشير التقرير إلى ركود حقيقي في الاقتصاد وهذا ما أدّى الى تقنين في الدولارات الذي يُنذر بانفجار اجتماعي لا تُحمد عواقبه.

وتضيف "فيتش" في تقريرها أنّ نسبة الدولرة العالية وتطور الأسواق الموازية للدولار، كلّها عناصر تزيد من الضغوط وتدفع إلى إعادة النظر بسياسة استقرار النقد. في وقت لفت حديث رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري عن مساعدة تقنية من صندوق النقد والبنك الدوليين ما يعني عملياً أنّ المرحلة التي وصل البلد إليها باتت أشدّ خطورة من ذي قبل.

يعكس تخفيض تصنيف لبنان الائتماني الواقع الذي وصلت إليه المصارف أيضاً، فهناك مخاطر سيادية لا يمكن للمصارف إلا أن تتأثر بموجبها، فهي تمتلك حوالى 40 مليار دولار من سندات الخزينة إلى جانب 20 مليار يوروبوندز التي انخفضت قيمتها إلى النصف تقريباً، وهذا ما يشكل ضربة موجعة لناحية أرباح هذه المؤسسات المصرفية التي يبقى القسم الاكبر من سيولتها موجوداً لدى مصرف لبنان (75 ملياراً)، ومن الطبيعي أن تتأثر بالأزمة التي يمر بها المصرف المركزي الذي استخدم هذه الاموال لتمويل الدولة. ومن هنا سيكون من الضروري أن ترفع المصارف اللبنانية من قيمة رأس مالها ما سيحتم عليها رفع قيمة ودائعها لدى المصارف التي تتعامل معها خارجياً انطلاقاً من الحاجة المُلحّة إلى تعزيز ملاءتها.


MISS 3