يصبح فقدان الوزن بالغ الصعوبة من دون مراقبة السعرات المستهلكة والمواظبة على التمارين الجسدية. لكن لا تقتصر العملية على هذين الجانبين. طوال سنوات، كان الأطباء يقولون للمرضى: "يجب أن تحرقوا سعرات تفوق تلك التي تستهلكونها عبر التمارين الجسدية. ستحافظون بهذه الطريقة على وزن صحي". حتى أننا أوحينا بأن العجز عن الحفاظ على وزن صحي يعكس ضعفاً في الشخصية على اعتبار أنها مهمّة بسيطة. رغم أهمية السعرات المستهلكة والمحروقة وعامل ضبط النفس، من الواضح أن البعض يواجه مصاعب أكثر من غيره في مساعيه إلى استرجاع وزن صحي. يكفي أن ننظر إلى أصدقائنا وأفراد عائلتنا كي نلاحظ أن ثمة أشخاصاً يأكلون كميات إضافية من الطعام ولا يسمنون، بينما يبقى الأشخاص الذين يتنبّهون لما يأكلونه بدينين. بدأ السبب يتّضح اليوم.
في آخر 20 سنة، اكتشف علم الطب أن معطيات كيماوية كثيرة داخل الجسم تسيطر على الشهية والأيض. يشعر بعض الحيوانات بالجوع أكثر من غيره فطرياً: تتفوق الهرمونات الطبيعية التي تحرّك الشهية على تلك التي تقمعها. يُفترض أن ينطبق المبدأ نفسه على البشر أيضاً، إذ يحرق البعض السعرات أكثر من غيره فطرياً. وفي آخر 10 سنوات، اكتشفنا حقيقة جديدة تؤثر في قدرتنا على بلوغ وزن صحي: البيئة الميكروبية.
نعرف منذ أكثر من مئة سنة أن نسبة هائلة من الكائنات الدقيقة (كالجراثيم والفيروسات) تعيش على جسمنا وفي داخله مثلما تعيش في أمعائنا. تُسمّى جيناتها جماعياً "البيئة الميكروبية" وترتفع أعدادها في الجسم: تشمل بيئتنا الميكروبية جينات تفوق الجينات البشرية بـ250 إلى 800 مرة. إنها معلومة مهمة لأن تلك الجينات الميكروبية تنتج مواد كيماوية طبيعية يمكن أن تدخل إلى مجرى الدم وتؤثر في كيمياء الجسم. لتقديم مثال عن تأثير البيئة الميكروبية على الوزن، كنا نفترض دوماً أن السعرات التي نستهلكها يومياً يمتصها الدم وتتوزع في أنحاء الجسم، وصولاً إلى الخلايا الدهنية. لكنّ هذه المعلومة ليست صحيحة بالكامل. من دون تقديم تفاصيل مفرطة، يمكن أن نقول إن المأكولات المستهلكة تخرج من الجسم على شكل مخلفات وتأخذ بعض السعرات معها. لكن يبدو أن البيئة الميكروبية في أمعاء البعض تجعله يمتص كمية أكبر بكثير من السعرات المستهلكة قبل خروجها من الجسم على شكل مخلفات.
أخيراً، يجب ألا ننسى أن التمارين الجسدية المنتظمة تعطي منافع صحية حتى لو لم يبلغ الشخص وزناً مثالياً. يُعتبر فقدان الوزن واحداً من الأسباب التي تبرر ممارسة الرياضة بانتظام.
