حبيب حسني

برنامج إستقرار القطاع المالي لإنعاش النشاط الاقتصادي

تدابير إقتصادية عاجلة

14 كانون الأول 2019

02 : 00

سياج يحيط مصرف لبنان (رمزي الحاج)

وصف معظم المحللين والاقتصاديين بدقة حالة الركود التي تغرق فيها البلاد. على الرغم من واقع أن العديد من المراقبين توقعوا ركوداً على نطاق واسع، إلا أنهم فوجئوا بالتظاهرات والإضرابات التي أدّت إلى سقوط الحكومة وتوقف مفاجئ للنشاط الاقتصادي لفترة طويلة.

1- خلال السنوات القليلة الماضية، ازداد اعتماد وزارة المال على البنك المركزي والقطاع المصرفي تدريجياً من دون تقييم آثاره السلبية على النشاط الاقتصادي.

2- أدى هذا الأمر إلى انخفاض قدرة وزارة المال على الوفاء بالتزامات المالية العامة:

• تسديد سندات الدولة.

• دفع الفوائد.

• تسديد فواتير المورّدين والمتعهدين.

• القدرة على إصدار قروض جديدة.

3 - تمّ تقييد موارد القطاع الخاص من قبل القطاع المصرفي للودائع لأجل (بأسعار فائدة مرتفعة) وقد انخفضت القدرة على استيراد المنتجات بشكل كبير. يواجه عدد كبير من المستوردين والتجار صعوبات في استيراد المنتجات.

4 - دفع انعدام الثقة في القطاع المصرفي البعض إلى سحب مدخراتهم من القطاع المصرفي والاحتفاظ بها نقداً.

5- نشأ سوق صرف أجنبي مواز مع انخفاض لقيمة العملة الوطنية من 25 إلى 30 بالمئة.

لذلك، نقترح التدابير التالية التي يمكن أن تخفّف من الصدمة الاقتصادية وتمنح بعض الثقة للنظام، مما يؤدي إلى انتعاش محتمل في الاقتصاد.

التعديل المالي:

1 - فرض ضريبة دخل تدريجية على أسعار الفائدة المرتفعة، تتراوح بين 10 و35 بالمئة.

2 – خفض تدريجي لأسعار الفائدة للعودة إلى مستوى 3-4 بالمئة في الأشهر الستة المقبلة.

3 - خفض رواتب القطاع العام (الأولوية للموظفين المتغيّبين، والذين تشملهم الرعاية السياسية، وأصحاب الأجور العالية غير المبرّرة، والموظفين غير المنتجين...)

4 - تعليق أو خفض موقت لجدول الرواتب الجديد الذي تم تقديمه في العام 2017.

5 - خفض جميع المنافع والتخصصات والعلاوات بنسبة 50 بالمئة على الفور.

6 - خفض الدعم وإدخال المنافسة في توزيع وقود الكهرباء والكارتلات الأخرى.

7 - تحسين تحصيل الضرائب، ووضع برنامج للحدّ من الاحتيال المالي، وتحسين تحصيل فواتير شركة كهرباء لبنان.

8 - دراسة جدوى الضريبة الموقتة على الثروات الكبيرة (0.25 إلى 0.50 بالمئة) الضريبة التي يمكن وصفها بالتضامن الوطني.

9 - فرض ضريبة ثابتة جديدة على الوقود.

10 - زيادة احتياطيات المصارف وخفض حصص الأرباح الموزعة على المساهمين لمدة سنة إلى سنتين.

11 - تشجيع عمليات الدمج وتوحيد القطاع المصرفي لخفض تكاليف المعاملات وتجنب إفلاس بعض المؤسسات.

على الصعيد الاجتماعي:

1 - تحسين سريع لنظام النقل العام عن طريق شراء الحافلات الكهربائية أو التي تعمل على الغاز (الطاقة النظيفة). ضرب قدرة استيعاب الركاب بـ2 للحد من استخدام السيارات الفردية.

2 - الدعم المالي لنظام التعليم في المدارس العامة بشكل يتيح قبول عدد كبير من الطلاب من المدارس الخاصة.

3 - تحسين الموارد المالية للمستشفيات والمؤسسات من خلال تسريع مدفوعات وزارة المال، وضمان خفض أسعار الأدوية للمحتاجين.

4 - توحيد مشتريات الأدوية، وإطلاق المناقصات العامة، وإفساح المجال لخيار الأدوية التي لا تحمل علامة تجارية.

5 - إطلاق برنامج الاكتفاء الذاتي الزراعي للمنتجات الغذائية. تشجيع الإنتاج المحلي وتصدير المنتجات الصناعية.

6 - الموافقة على قانون توفير معاش تقاعدي وبدل البطالة.

7 - تشجيع اليد العاملة المحلية بدلاً من اليد العاملة الأجنبية.

8 - خفض نسبة الهجرة وتشجيع عودة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية.

على الصعيد الاقتصادي الكلّي:

الأهداف:

أ- خفض الدين العام بنسبة 50 بالمئة خلال السنوات الخمس المقبلة.

ب- تحقيق فائض في الميزانية خلال ثلاث سنوات.

ج- إعادة إطلاق برنامج الدعم للفائدة البنكية للتكنولوجيات الجديدة والقطاع الصناعي ذي القيمة المضافة العالية.

د- تفعيل سلطات الرقابة على الشفافية ومكافحة الغش.

هـ- رفع الوصاية السياسية عن النظام القضائي وتحديث القوانين والأنظمة المعمول بها:

• تعيين لجنة تحقيق خاصة لمعاقبة المخالفين.

• التحقيق بشكل منهجي مع أية شخصية سياسية تعاطت بالموارد المالية العامة.

• استرداد الأموال العامة المكتسبة بطريقة غير مشروعة.

و- إطلاق مبادرة تفاوض مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتقديم الدعم المالي للجمعيات التي تعاني من صعوبات، وكذلك للمؤسسات المالية المحلية.

ز- تنفيذ سياسة اجتماعية جديدة في أقرب وقت ممكن بمساعدة خبراء دوليين من أجل:

• توسيع نطاق التغطية الاجتماعية ليشمل جميع اللبنانيين.

• الانتقال إلى مجتمع مدني قائم على قوانين جديدة غير دينية.

• إزالة جميع الحواجز التي تحول دون تنمية الصناعة المحلية بالتنسيق مع جمعية الصناعيين اللبنانيين.

الاستنتاجات:

تهدف التدابير المذكورة إلى إعادة الحد الأدنى من الثقة إلى النظام المالي المحلي باستبدال السياسيين غير الأكفاء والفاسدين ومسؤولي الإدارة الذين تسببوا بهذه الأزمة.

سيمر لبنان بثلاث مراحل منفصلة.

1 - مرحلة ركود وأزمة لم تصل إلى القاع حتى الآن. سنعرف مدى الضرر وسوء الوضع خلال الربع الأول من العام 2020. (فقر، تضخم مفرط، تدني في القوة الشرائية، ظاهرة الهجرة، ارتفاع في نسبة الجرائم والاعتداءات ذات الطابع الاقتصادي)

2 - على المدى القصير، يجب أن تطلق حكومة من المتخصصين ذوي الصلاحيات الاستثنائية برنامج الطوارئ الذي تحدده وتقبله المنظمات المالية الدولية.

3 - عند معرفة المؤشرات المالية للربع الأول من العام 2020، إضافة إلى إمكانية إعادة جدولة سندات اليورو عند الاستحقاق، يمكن مراجعة خطة العمل وفقاً لخطورة الوضع والتعديلات التي تم إدخالها.

4 - على المدى المتوسط، ستبدأ مرحلة الاستقرار في الظهور وستسمح حوافز الاستثمار بالانتعاش التدريجي للقطاعات المنتجة للاقتصاد.

5 - على المدى الطويل، ستسمح الثقة المتجددة بتسريع النمو وسيكون بالإمكان استثمار مبالغ أكبر في البنية التحتية العامة وكذلك في القطاع الخاص.

أخيراً، نقدر أن مرحلة الاستقرار قد تستغرق فترة تتراوح بين سنة وسنتين، وقد يحدث تطبيع للوضع الاقتصادي خلال فترة تتراوح بين خمس وسبع سنوات للعودة إلى الوضع الذي سبق الأزمة، إن سمحت البيئة السياسية بذلك.


MISS 3