محققون أمميون: موسكو ارتكبت "جرائم حرب"

إستفتاءات الانفصال تنطلق في المناطق المحتلة والأوكران يتقدّمون في الشرق

02 : 00

تظاهرة مؤيّدة للاستفتاءات في سانت بطرسبرغ الروسية أمس (أ ف ب)

على الرغم من حالة الحرب والفوضى، أصرّت موسكو على إطلاق الاستفتاءات في 4 مناطق محتلّة، هي دونيتسك ولوغانسك في منطقة دونباس شرق أوكرانيا، فضلاً عن منطقتَي خيرسون وزابوريجيا الواقعتَين جنوباً، في شأن الانضمام إلى روسيا، الأمر الذي اعتبره الغرب "مهزلة" لا تمتّ بصلة إلى الديموقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، خصوصاً وأنه استفتاء تُنظّمه قوّات احتلال في ظروف حربية قاهرة.

وبدأت الاستفتاءات عند الخامسة صباحاً بتوقيت غرينتش وتستمرّ 5 أيام، وتأتي في أعقاب إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع تعبئة جزئية لنحو 300 ألف من عناصر الاحتياط. وبثت وكالة "تاس" الروسية للأنباء مشاهد تظهر مسؤولين في باحات مبان في دونيتسك وهم يبلغون السكان بالمذياع أن التصويت بدأ وكانوا يُحيطون بأحد المواطنين لدى إدلائه بصوته.

وفي منطقتَي دونيتسك ولوغانسك، اللتَين اعترف بوتين باستقلالهما حتّى قبل بدء غزوه لأوكرانيا في شباط، سيُطلب من السكان الإجابة عَمّا إذا كانوا يؤيّدون "انضمام جمهوريّتهم إلى روسيا". أمّا في خيرسون وزابوريجيا، سيُطرح سؤال: "هل تؤيّد الانفصال عن أوكرانيا، وإقامة دولة مستقلّة وانضمامها إلى الاتحاد الروسي بوصفها تابعة للاتحاد الروسي؟"، بينما ندّد قادة "مجموعة السبع" بشدّة بـ"الاستفتاءات الصورية" التي تُنظّمها موسكو في أوكرانيا، مؤكدين أنهم لن يعترفوا أبداً بهذه الاقتراعات "غير الشرعية".

ولم تصل الصين القريبة من موسكو إلى حدّ التنديد بالاستفتاءات، لكن كانت لافتة جدّاً دعوتها إلى احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وذلك خلال لقاء مفاجئ في نيويورك أمس بين وزير الخارجية الصيني وانغ يي ونظيره الأوكراني دميترو كوليبا. وقال وانغ لنظيره الأوكراني: "يؤكد الرئيس شي جينبينغ ضرورة احترام سيادة أراضي كافة الدول ووحدتها". لكنّه أضاف: "يجب أخذ المخاوف الأمنية المشروعة لجميع الأطراف على محمل الجدّ"، في إشارة واضحة إلى القلق الروسي في شأن توسّع "حلف شمال الأطلسي".

ميدانيّاً، أعلن الجيش الأوكراني استعادة بلدة ياتسكيفكا من القوات الروسية في منطقة دونيتسك. كما كشف المسؤول في هيئة الأركان العسكرية الأوكرانية أوليكسي غروموف أن "الأوكرانيين استعادوا السيطرة على مواقع جنوب باخموت"، المدينة الرئيسية في منطقة دونيتسك والمستهدفة منذ أسابيع بهجمات روسية.

واعترف زعيم الانفصاليين الموالين للكرملين في دونيتسك دنيس بوشيلين مساء الخميس بأنّ "الوضع في شمال (دونيتسك) صعب للغاية". وفي منطقة لوغانسك، تحدّث ممثل العسكريين الموالين لموسكو أندري ماروتشكو عن قصف أوكراني، مشيراً إلى أن "قوات كييف تُريد أن تفعل كلّ شيء لعرقلة الاستفتاء".

توازياً، وجّهت أوكرانيا انتقاداً إلى إيران لإرسالها أسلحة إلى روسيا، مندّدةً بإجراءات تتعارض مع "سيادة دولتنا ووحدة أراضيها"، وذلك تزامناً مع ضربة روسية بواسطة مسيّرة إيرانية على مدينة أوديسا (جنوب) أسفرت عن سقوط قتيل، في حين قرّرت وزارة الخارجية الأوكرانية في وقت لاحق حرمان سفير إيران في كييف أوراق اعتماده وتقليص عدد أفراد الطاقم الديبلوماسي لإيران في البلاد بشكل ملحوظ.

وفي الأثناء، قامت السلطات الأوكرانية بإخراج 436 جثة كانت مدفونة في غابة قرب مدينة إيزيوم التي استُعيدت من الروس، 30 منها تحمل "آثار تعذيب"، بحسب ما أعلن حاكم منطقة خاركيف أوليغ سينيغوبوف.

وقال سينيغوبوف: "هناك جثث مع حبل حول العنق وأياد مكبّلة وأعضاء تعرّضت لكسور أو جروح بالرصاص. رجال عديدون تمّ بتر أعضائهم التناسلية"، لافتاً إلى أن ذلك يُشكّل "دليلاً على عمليات التعذيب الرهيبة" التي تعرّض لها السكان، في وقت اتهم فيه محققو الأمم المتحدة موسكو بارتكاب "جرائم حرب" في أوكرانيا، عارضين تقريراً يُخالف الاحتراس الذي أبدته المنظمة الدولية بهذا الصدد حتّى الآن.

وعرضت لجنة التحقيق الدولية على مجلس حقوق الإنسان الاستخلاصات الأولية لتحقيقها حول الانتهاكات الخطرة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها القوات الروسية في مناطق كييف وتشيرنيغيف وخاركيف وسومي في شمال أوكرانيا وشمال شرقها. وأوضح رئيس اللجنة إريك موزه أنه "استناداً إلى الأدلة التي جمعتها اللجنة، خلصت إلى أن جرائم حرب ارتُكبت" في هذه المناطق الأربع، ذاكراً عمليات القصف الروسية على مناطق مدنية والإعدامات العديدة وعمليات التعذيب وسوء المعاملة والعنف الجنسي.

وتلقى المحققون الدوليون إفادات عن أعمال عنف جنسية. وفي بعض الحالات، أُرغم أقرباء للضحايا على مشاهدة هذه الجرائم. وراوحت أعمار ضحايا جرائم العنف الجنسي أو العنف على أساس النوع الاجتماعي في الحالات التي تناولها المحققون بين 4 سنوات و82 سنة.

وفي الغضون، بدأت موسكو الاستدعاء الإلزامي لقواتها. وكان ميخايل سوتين (29 عاماً) يتوقّع أن يُعتقل حين ذهب الأربعاء للتظاهر في موسكو احتجاجاً على إرسال مئات آلاف جنود الاحتياط إلى أوكرانيا. لكن ما لم يكن يتوقّعه هو أن يتلقّى أمر تجنيد ليتوجّه إلى جبهة القتال، بحسب وكالة "فرانس برس"، مثله مثل الكثير من المتظاهرين المعارضين للحرب، فيما أبلغ حرس الحدود في كازاخستان عن تدفق فارّين من روسيا إلى الحدود الروسية - الكازاخستانية، مؤكّداً أن الوضع "تحت سيطرة استثنائية". كما تضاعف عدد الروس الواصلين إلى فنلندا، في وقت تستعدّ الدولة الشمالية لفرض قيود على دخولهم.


MISS 3