بسام أبو زيد

"زيحوا من الدرب"

18 كانون الأول 2019

08 : 30

عند الأولى والنصف من فجر الاثنين إتصلت النائبة ستريدا جعجع بالرئيس سعد الحريري وأبلغته أن "القوات اللبنانية" لن تسمي أحداً في الإستشارات النيابية الملزمة، فرد الحريري بكلمة واحدة فقط هي "Merci".

دخلت العلاقة بين "القوات" و"تيار المستقبل" في غرفة العناية الفائقة إن لم نقل إنها علاقة مقطوعة، وإعادة إحيائها تبدو صعبة فجسور الثقة بينهما لم تكن في يوم من الأيام صلبة ومتكاملة، وهذا ما أظهرته استحقاقات متوالية من تشكيل الحكومات إلى الانتخابات الرئاسية والنيابية إلى التعيينات والنقاشات في مواضيع عدة في مجلس الوزراء. وارتفع منسوب التوتر جرّاء حدة مفاعيل التسوية الرئاسية بين "تيار المستقبل" و"التيار الوطني الحر"، علماً أن "القوات" كانت الطرف الآخر في هذه التسوية لكنها لم تستفد من مفاعيلها،لا بل أصيبت بأضرار كبيرة لأن السني الأقوى في رئاسة الحكومة تحالف مع المسيحي الأقوى في رئاسة الجمهورية، وبالتالي أصبحت "القوات" تصارع في الوقت نفسه حليفها الطبيعي، أما خصمها الطبيعي فلم يحوله إتفاق معراب لا إلى حليف ولا حتى إلى صديق.

ما كان يعرف بالتسوية الرئاسية سقطت مع الحريري بعد الخلاف الحاد والكبير مع "الوطني الحر" ورئيس الجمهورية ميشال عون، سبقها سقوط التسوية مع الدكتور سمير جعجع جراء الخلاف نفسه، وباتت عملية إحياء التسوية صعبة إن لم تكن مستحيلة. المفارقة أن "الوطني الحر" و"القوات" جمعتهما مخاصمة الحريري، فاتفقا، كلّ لأسباب وغايات متعددة، على إبعاده عن رئاسة الحكومة أو عن تشكيلها، باعتبار أنهما يرغبان في الانتقام السياسي ممن اعتبرا أنهما سلّفاه الكثير في السياسة وغيرها فرد عليهما بـ"نكران الجميل"، كما يرددان.

المنطق يقول إن الحريري لا يستطيع الاستمرار في أي حكومة من دون غطاء مسيحي وهو إن أراده بالفعل فيتوجب عليه أن يدفع ثمناً باهظاً لهذا الطرف أو ذاك، لكن البعض يعيد الحديث عن إحياء الحلف الرباعي بين "المستقبل" و"أمل" و"حزب الله" و"الاشتراكي"، ولكنه حديث في المنطق أيضاً لا يستقيم في ظل صلابة التحالف القائم بين "حزب الله" ورئيس الجمهورية، فضلاً عن عدم الرغبة في تحويل النزاع السياسي إلى صراع مسيحي - إسلامي.

هذا الواقع يضع كل الأطراف السياسية، ولا سيما الحريري، في حيرة سياسية وحال انتظار قد لا تنتهي إلا بمزيد من التدهور والانهيار في الوضع اللبناني، وربما يكون المخرج بأن "يزيحوا جميعاً من الدرب" ويتركوا فرصة لبناء واقع سياسي جديد يسمح لهم بالبقاء على الساحة اللبنانية ولكن وفق منهج جديد يتناسب مع تطلعات الناس.


MISS 3