رفيق خوري

استراحة "كليبتوكراسية" ومرحلة إنتقالية

18 كانون الأول 2019

08 : 00

الوقت الذي يقال إنه "أفضل مستشار" صار أسرع قاتل في لبنان. لكن التركيبة السياسية التي قادت سياساتها إلى أعمق مأزق نقدي ومالي واقتصادي واجتماعي وسياسي ووطني مستمرة في تضييع الوقت تحت عنوان شرائه. فلا أصوات الداخل ومناشدات الخارج وتحذيراته تدفعها إلى التحرك. ولا الأولوية عندها لإخراج لبنان من المأزق بمقدار ما هي لإبقائه رهين حسابات محلية ضيقة وأقليمية واسعة في لعبة السلطة والنفوذ. وهي تعرف وتسمع قول الذين تطلب منهم المساعدة أن كل يوم يمر من دون فتح الطريق إلى الحل يساهم في جعل الإنهيار حتمياً. وأقل ما ينطبق على سلوكها هو المثل الروسي القائل: "لا تستطيع أن تتمنى الصحة الجيدة لرجل وأنت تسير في جنازته".

ذلك أن أهل السلطة يطلبون من الناس الصبر عليهم بحجة الظروف الإستثنائية. وهي ظروف من صنعهم عبر تحويل النظام الديمقراطي البرلماني حسب الدستور إلى "كليبتوكراسي" اي ديمقراطية النهب، كما عبر ربط لبنان بمحور أقليمي محاصر بدل "النأي بالنفس". وكل ما فعلوه في مواجهة الظروف الإستثنائية هو فرض إجراءات إستثنائية قاسية على أموال الناس في المصارف وعلى فتح الإعتمادات لإستيراد المواد الأساسية. وهو ما يزيد من المشكلة التي أدت إلى إنفجار ثورة شعبية سلمية دخلت شهرها الثالث.

أما التصرف حيال الأزمة السياسية وتأليف الحكومة، حيث ضرورة الإجراءات الإستثنائية، فإنه بقي في إطار الإجراءات العادية جداً. مشاورات تطول. إستشارات تتأجل. مزيد من تعقيد الأزمة والحل، كأن الثورة ما قامت والأزمة لم تكن موجودة، أو كأن الثورة هي الأزمة.

في كتاب "إصلاح الديموقراطية" يقول استاذ العلوم السياسية في جامعة أمهرست خافيير كوزنس "أن أزمات الإرتداد عن الديموقراطية تجعل تصحيح النظام ديموقراطياً صعباً. وإصلاح شبه ديموقراطية لا يمكن باتباع اللعبة الديموقراطية بدقة". ونحن في شبه ديموقراطية كما في ارتداد عنها. والمطلوب حكومة غير عادية قادرة على الإنقاذ: بدل حكومة تحافظ على توازن القوى وتفشل في معالجة الأزمة. فماذا تستفيد هذه القوى إذا ربحت دورها في السلطة سواء بالحكم أو بالتحكم، وخسرت لبنان؟ أي أمن قومي إذا بقينا في الهاوية؟ وأي سياسات تضيع سوى سياسات الأزمة إذا أخذت الأحزاب والتيارات إجازة من الحكومة كما حدث في اليونان وإيطاليا في المراحل الإنتقالية، للمجيء بفريق عمل يبدأ الإنقاذ؟

المسألة حياة أو موت.


MISS 3