جنى جبّور

إبتكر ثورة في الذكاء الاصطناعي الطبي

د. عدنان البكري: عدت بإنجازي إلى لبنان وسأبدأ من طرابس

6 تشرين الأول 2022

02 : 01

خلال تسلّمه وسام النخلة من الرابطة العالمية للصالح العام في الأمم المتحدة
بعدما نافس انجازه حول تطوير الطب الالكتروني أهم الشركات العالمية، وبعد النجاح الذي حققه ابتكاره في مجال الذكاء الاصطناعي الطبي، عاد الدكتور عدنان البكري الى لبنان، آملاً مساعدة بلده في تطبيق مشروعه الذي تتهافت عليه دول العالم، من دون لمسه اي ايجابة جدّية من المعنيين. فقرر القيام بمبادرة فردية في مدينته الحبيبة طرابس، آملاً أن ينزع عنها صورة العوز والاهمال ومساعدة أهله الذي يفتقرون الى ابسط حقوقهم. "نداء الوطن" التقت د. البكري في هذا الحوار ليخبرنا اكثر عن مشاريعه المستقبلية.




لم تكن بداية عدنان البكري بهذه السهولة، هو الذي ولد في كنف عائلة فقيرة في أبي سمرا الطرابلسية وعانى خلال طفولته من صعوبة الحصول على الرعاية الصحية فأصبحت هذه المسألة معركته الأساسية لاحقاً.

وبعد تلقيه تعليمه في مدرسة رسمية، وتخرجه من "ثانوية المربّي سابا زريق"- طرابلس، انتقل في 2004 الى فرنسا لدراسة الطب من دون نقود أو مأوى، فافترش في الأشهر الأولى أروقة كلية الطب " La Timone" في مرسيليا وتخصص في جراحة المسالك البولية، وانشغل بمفهوم "الذكاء الاصطناعي" إلى أن أخذه من غرف العمليات الجراحية نحو مكان آخر.

قصة مثابرة ونجاح


كل هذه الصعوبات لم تؤثر أبداً على عزيمته، بل زادته صلابةً وتصميماً على هدفه، فنافس في العام 2016-2017 أهم الشركات العالمية من خلال مشروعه لتطوير الطبّ الإلكتروني "E-Health"، فكان أول من تطرق إلى تغيير المفهوم التكنولوجي الحديث في تطوير الطب من خلال الذكاء الاصطناعي، بدلاً من الاعتماد على دراسات وملفات المستشفيات التقليدية، فحلّ مشروعه في المرتبة الأولى بين 1600 مشروع آخر تقدّمت بها شركات من أوروبا وأفريقيا في مسابقة أجرتها مجلة "Bonjour Idée" في باريس للابتكارات الجديدة.

وبعدها كرّت سبحة انجازاته ونجاحاته فعين أمين عام جمعية رجال الأعمال الأوروبيين من أصول عربية، واستحق الجنسية الفرنسية عن "جدارة واستحقاق"، ونال وسام الرابطة الدولية للخير العام وعضوية الأمم المتحدة، مع وسام الحرس الجمهوري في 2019.

اليوم، وبعدما ترك البكري الجراحة وتفرغ لتطوير الشركة التي ابتكرها "ReLyfe"، المدعومة رسمياً من قبل وزارة الابتكار والبحث في فرنسا، وبدعم مالي من بنك الاستثمار العام الفرنسي، ماذا يقول د. البكري عن مسيرته الشاقة؟

"أعود قليلاً الى بداية مشروعي، حينها ركزت ابحاثي على التنبؤ بمرض السرطان، فمن قبل حين كان يتمّ استئصال ورم في الكلية مثلاً، كان الورم يُزال مع الكلية على أن ننتظر 5 أعوام، وهي المدة التي يمكن للمرض أو العوارض معاودة الظهور.

لكنني اكتشفت أنّ المرض قد يظهر مجدداً بعد 6 سنوات او اكثر من الجراحة ما يعني أنّ السنوات الخمس لم تكن كافية ودقيقة، الا أن التنبؤ كفيل بالكشف عن المرض في العضو نفسه لمدّة تصل إلى 15 عاماً، ما دفعني إلى الاهتمام بالطب التنبؤي المبني على الذكاء الاصطناعي المرتبط أساساً بالتقنيات ووسائل التواصل، التي تختلف بدورها عن الذكاء المرتبط بالطبّ حيث ان عقل الطبيب لا يمكنه ان يحفظ هذا الكم الهائل من المعلومات، ما يفسر حاجتنا إلى طريقة جديدة بتقنية حديثة لجمع الإحصاءات، فكلّما ازدادت المعلومات تحسّن الطبّ أكثر. بالاضافة الى ضرورة التخفيف من الهدر الموجود في المستشفيات ان كان من ناحية المعلومات أو اعادة الخضوع للفحوصات الطبية المطلوبة لكل مريض بحسب حالته"، على حد قوله.



كتابه... ثورة في مجال الطب التعاوني



منصة ثورية

من هنا، انطلق د. البكري بفكرته التي نال إثرها الجائزة الفرنسية حينها... وراحت فكرة المشروع تتطور لتدخل الحيز التنفيذي بعدما اهتم الباحثون بنظريته، فحصل على دعم وزارة الصحة الفرنسية، لاقتناعها بأن مشروعه الطب الإلكتروني الحديث من شأنه أن يخفف تكاليف الخدمات الصحية للمواطنين، وأن يوفر نحو 3 ملايين يورو على خزينة الدولة الفرنسية. ويضيف البكري في هذا الصدد: "بعد فوزي، حصلت على 10 ملايين دولار للبدء في العمل وشكلت فريقاً من 30 شخصاً لهذا الغرض، وطالبت بـ5 سنوات كمهلة للتنفيذ. وفي بداية 2022، حققت هدفي ولخّصت نتيجة ابحاثي في كتاب علمي حمل توقيعي وانتشر عالمياً عرضت خلاله فكرتي الثورية للتعاون الطبي على صعيد العالم".

ويتابع: "بشكل مختصر، وبالنسبة للطب التنبؤي، ابتكرت منصة قادرة على احتواء داتا هائلة من المعلومات الطبية من مختلف العالم والتي بدورها ستساعد في الأبحاث الطبية المستقبلية، حيث يساهم العقل الاصطناعي في توصيل المعلومات، وبالتالي بإمكانه تطوير القطاع الطبي عبر المزيد من الحالات والخبرات، ودعم الدراسات والبحوث مجتمعة عبر ملف واحد.

وليس هذا فحسب، طورت أيضاً بطاقة صحية ذكية ترتكز على ملف طبي موحد، ومربوطة بمنصّة إلكترونية من خلال تطبيق الهاتف وعبر شبكة الإنترنت، تجعل ملفات المرضى الطبية مركزية، حيث تتيح هذه التكنولوجيا الحديثة الكشف على المرضى ومعالجتهم، وإجراء عمليات جراحية لهم عن بعد، عبر وسائل التواصل الإلكترونية وبواسطة البطاقة الذكية القابلة للتشغيل المتبادل بين المريض والمركز الطبي، بهدف العمل على نفس المعلومات المجموعة عن كل مريض، وذلك سيخفف الهدر حتماً كما ذكرت سابقاً وسيسمح للمريض أن يحمل معه تفاصيل حالته الطبية وباستعادة بياناته الصحية والوصول إليها وتصنيفها في أيّ مكان حول العالم".



3 مشاريع لبنانية


من العالم الى لبنان، زار البكري وطنه منذ اسابيع قبل ان يعود الى فرنسا، محاولاً اطلاق وتنفيذ مشروعه او انجازه العالمي فيه، ليصطدم كالعادة بسلسلة من العقبات التقنية عموماً والسياسية خصوصاً، ويقول: "عرضت كتابي الذي يتضمن كل الدراسات الى المعنيين الرسميين في القطاع العام بهدف الوصول اقله الى ملف طبي موحد وبطاقة صحية ذكية للمواطن، وهذا الأمر من السهل تأمين تمويله من الخارج. أُعجب الجميع بمشروعي ولكن المشاكل السياسية والديموغرافية بالاضافة الى الازمات الاخرى في البلاد قد تعرقل انطلاق اي مشروع وتمنع اي تحرك فعلي.

من جهة أخرى، تبقى مدينتي الحبيبة طرابلس من صلب أولوياتي، ولا سيما لنزع صورة الفقر والجوع ومراكب الموت عنها. فقررت البدء أولاً في تقديم خدمات صحية معيّنة عبر إطلاق مكتب في أبي سمراء، يسمح للطرابلسيين الحصول على استشارات بطريقة سهلة والاستفادة من التطبيب عن بعد، ولا سيما مع ارتفاع كلفة التنقل التي تمنع المريض الطرابلسي من التوجه الى بيروت مثلاً للحصول على الاستشارة الطبية اللازمة.

كذلك، انا في صدد التحضير لمؤتمر إنمائي للمدينة في شهر ايار مع رئيس الجمعية العالمية لرجال الأعمال الفرنسيين - اللبنانيين، أنطوان منسى، مع عدد من الخبراء الاقتصاديين العالميين، لدعم المدينة وتعزيز اقتصادها عبر تشجيع المستثمرين وخلق فرص عمل جديدة للشباب الطرابلسيين في جميع المجالات. ويُمكن لأيّ طرابلسي التقدّم عبر مكتبنا الجديد لطرح أفكاره، كما يمكن التواصل معي عبر: "www.adnanelbakri.com ".

بعدما نافس إنجازه حول تطوير الطب الالكتروني أهم الشركات العالمية، وبعد النجاح الذي حققه ابتكاره في مجال الذكاء الاصطناعي الطبي، عاد الدكتور عدنان البكري الى لبنان، آملاً مساعدة بلده في تطبيق مشروعه الذي تتهافت عليه دول العالم، من دون لمسه أي ايجابية جدّية من المعنيين. فقرر القيام بمبادرة فردية في مدينته الحبيبة طرابس، آملاً أن ينزع عنها صورة العوز والاهمال ومساعدة أهله الذي يفتقرون الى ابسط حقوقهم. "نداء الوطن" التقت د. البكري في هذا الحوار ليخبرنا اكثر عن مشاريعه المستقبلية.

لا يخفي البكري الانهزام الواضح الذي لمسه في قلوب الطرابلسيين ولا سيما فئة الشباب منهم، ولم يتردد في توجيه رسالة أمل لهم قائلاً: "لم اصل الى ما أنا عليه اليوم بهذه السهولة. أنا ابن طرابلس الفقير لم تكن غربتي سهلة، بل تطلبت مني عملاً وجهداً مستمرين. كذلك، لم اجلس مكتوف الأيدي بانتظار المساعدات الاجتماعية لأتحرك، بل بدأت من الصفر ومن ثمّ حصلت على الـ10 ملايين دولار. لذا اقول لكم، كونوا خلوقين وآمنوا بقدراتكم واعملوا بجدية للوصول الى هدفكم، وسنحاول دعمكم لتنفيذ طموحاتكم ومشاريعكم لتحققوا الأرباح بأنفسكم من مبدأ "لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها".

رســـــالـــــة أمـــــل