جاد حداد

The Lodge... الإنزعاج يطغى على أجواء الرعب

8 تشرين الأول 2022

02 : 00

في الأفلام، تجد زوجة الأب صعوبة دائمة في الانضمام إلى عائلة جديدة. غالباً ما تكون هذه المرأة الشخصية الشريرة في القصة، وإذا حاولت أن تتواصل مع أفراد عائلتها الجديدة، لا مفر من أن تواجه عواطف سلبية وأحكاماً مسبقة ضدها، فتُعتبر عدوة العائلة في معظم الحالات.

في فيلم The Lodge (الكوخ)، تريد "غرايس" (رايلي كيو) أن تعالج تلك المشاعر المعادية لها في أسرع وقت، مع أنها لم تصبح زوجة أب رسمية بعد. هي تتطوع لتمضية وقت إضافي مع حبيبها "ريتشارد" (ريتشارد أرميتاج) وولدَيه (جايدن مارتيل وليا ماكهيو)، مع أنهما لا يزالان في فترة حداد على والدتهما (أليسيا سيلفرستون بظهور قصير جداً) بعد أشهر على انتحارها، فتقرر أن تصطحبهم لقضاء العطلة في كوخ بعيد. يصدّها الولدان طبعاً، لكن حين يضطر الأب لتركهما في رعايتها، يقرر الشقيقان أن يكشفا حقيقة مشاعرهما تجاه "غرايس"، وارتباطها بموت والدتهما، وماضيها الشائك حين كانت تنتمي إلى طائفة دينية غريبة. للأسف، تخسر "غرايس" سيطرتها على الواقع وتصل إلى وضعٍ مألوف وبسيط، بما يتعارض مع الرسالة التي أوحى بها الفيلم في البداية.

يريد المراهقان حماية إرث والدتهما بكل قواهما، وينحاز الفيلم في معظمه إليهما. أما "غرايس"، فهي تكتشف سريعاً أن وجود أمهما يطارد الكوخ روحياً ومن خلال الأيقونات الكاثوليكية، ما قد يدفعها إلى الشعور بالذنب لأنها أفسدت زواجها ودفعتها إلى الانتحار كما يظن ولداها. يتصاعد العذاب الذي تعيشه أيضاً حين تشاهد عدداً كبيراً من الصلبان التي تعيدها إلى ذكريات مريعة من الأيام التي كانت فيها منتسبة إلى طائفتها السابقة.

يتعاون المخرجان سيفيرين فيالا وفيرونيكا فرانز مع كاتب السيناريو سيرجيو كاسي لتقديم هذه القصة المشوقة. وعلى غرار فيلمهما السابق Goodnight Mommy (ليلة سعيدة يا أمي)، يتلاعب هذا الفيلم أيضاً بمخاوف الناس من خسارة الرابط الذي يجمعهم بأهاليهم. في الفيلم السابق، تساءل شقيقان إذا كانت المرأة التي تتعافى وراء الضمادات، بعد خضوعها لجراحة تجميل كبرى، هي والدتهما الحقيقية حين تصبح تصرفاتها غريبة. في النهاية، يتصاعد هذا الارتياب ويتحول إلى حالة مدمّرة. هذه المرة، يميل الشقيقان إلى عدم الوثوق بحبيبة والدهما الجديدة، وهما يعذبانها بطريقة لا رجعة عنها. يضيف هذا العمل بعض العناصر المرعبة، مثل طائفة "غرايس" السابقة ومرضها النفسي، لكنه يبدو أشبه بنسخة أميركية من فيلم رعب أجنبي.

تتعدد الجوانب التي تستحق الثناء في هذا الفيلم، لا سيما أداء رايلي كيو. نظراً إلى تعابير وجهها الهادئة، يصعب على الولدَين أو المشاهدين أن يتوقعوا نواياها الحقيقية. هل تبحث فعلاً عن فرصة للتقرب منهما، أم أنها تحمل نوايا مشينة وراء تعابيرها الصامتة؟ حين تبدأ الحقائق بالانكشاف وتتلاحق الأحداث، تتلاشى مظاهر اللطف واللباقة وتضفي كيو طابعاً مفاجئاً على شخصيتها.

على صعيد آخر، يُعتبر تصميم الكوخ الذي تقصده العائلة من نقاط قوة العمل. يسهل أن نشعر بالأجواء المنزلية الريفية كتلك التي طغت على فيلم Hereditary (وراثي)، لكن من الواضح أن المخرجَين فيالا وفرانز أرادا أن يستعملا الهندسة المعمارية لبث أجواء مريبة منذ البداية. يبدو موقع التصوير في هذا الفيلم خانقاً، وتضطر الشخصيات لملازمة المنزل رغم المساحات الشاسعة في الخارج عند هبوب عاصفة ثلجية. إنطلاقاً من عدسة مدير التصوير ثيميوس باكاتاكيس، تبدو الزوايا حادة، والحطب داكناً أكثر من اللزوم، والإضاءة الخارجية كئيبة وباردة بدرجة مفرطة. باختصار، يحمل هذا المكان طابعاً مزعجاً ومريباً، وكأن جميع الشخصيات يجب ألا تتواجد هناك. لا يصبح الكوخ دافئاً في أي لحظة، مهما توهجت نار الموقد في الداخل.

بشكل عام، يبدو أن المخرجَين فضّلا اللجوء إلى مقاربة آمنة، فالتزما بمعادلة سبق وأثبتت نجاحها في هذا النوع من الأعمال. يبقى الفيلم مزعجاً أكثر مما هو مخيف، إذ تُستعمَل الأجواء المريبة والحبكة المخيفة لتأجيج مشاعر الرعب في معظم الأحيان. لا يشتق عامل الرعب إذاً من قوة خارجية أو خارقة للطبيعة بل من الوحشية التي يبديها الناس، بما في ذلك الأولاد.


MISS 3