ريتا ابراهيم فريد

مبادرة "كل جمعة كتاب"

شادي ذبيان: القراءة مفتاح للخروج من الاحتضار

11 تشرين الأول 2022

02 : 01

برزت في الفترة الأخيرة مبادرات فردية عدّة بهدف تشجيع الناس على القراءة، انطلق معظمها من مواقع التواصل الإجتماعي. شبان وشابات بادروا الى جمع بعضهم ضمن مجموعات على "فيسبوك" أو "واتساب"، ثمّ يطرحون اسم كتاب لمناقشته، مع تحديد فترة زمنية لقراءته. وفي إطار التحفيز على المطالعة، اختار شادي ذبيان أن يطلق مبادرة تحمل اسم "كل جمعة كتاب"، وهي عبارة عن حلقات أسبوعية مصوّرة، يطلّ خلالها في فيديو قصير لا تتجاوز مدّته الدقيقتين، ويقدّم ملخّصاً صغيراً ونقداً مختصراً عن أحد الكتب. وفي اتصال مع "نداء الوطن"، أوضح شادي فكرة إطلاقه لهذه المبادرة، مع تشديد على أهمية القراءة ودورها في تطوير المجتمعات.




ما الذي شجّعك على إطلاق مبادرة "كل جمعة كتاب" في هذه الفترة بالذات؟

أنا بطبعي شغوف بالقراءة. ولطالما أحببتُ أن أتشارك مع الآخرين آرائي وملاحظاتي حول الكتب التي أقرؤها. كما أنّني أمتلك فلسفة خاصّة أرى من خلالها أنّ كلّ إنسان يمكنه أن يغيّر في مجتمعه بطريقة خاصّة به. فالبعض قد يتّخذ المنحى السياسي، أو الإقتصادي أو الإجتماعي... وأنا بدوري أجد أنّ المنحى الثقافي يشكّل مدخلاً أساسياً لتطوير المجتمعات، خصوصاً مجتمعنا الذي يمرّ بفترة صعبة، وكي ننجح في الخروج منها، يجب أن نتسلّح بالثقافة. الكتاب إذاً هو بوّابة الخروج من حالة الإحتضار الطويلة التي نعيشها. من هُنا وجدتُ أنّ تحفيز الناس على المطالعة من شأنه أن يساهم بتغيير الحال في الواقع، حتى لو اقتصر ذلك على نسبةٍ صغيرة.

كيف كان التفاعل مع مبادرتك؟

الأصداء كانت بالفعل إيجابية. وتواصل معي عدد من الأشخاص الذين صرّحوا بأنّهم عادوا الى القراءة بعد مشاهدة الفيديوات التي نشرتُها. وليس بالضرورة أن يقرأوا الكتب نفسها التي أطرحها على الصفحة، فالهدف هو العودة الى القراءة بشكل عام.

وفي لبنان، لا شكّ في أنّ الفئة الشبابية بعيدة بشكلٍ عام عن أجواء القراءة، على حساب اهتمامات أخرى. وقد ساهمت وسائل التواصل الإجتماعي في تعزيز ذلك أيضاً. من هُنا تأتي ضرورة إعادة ربط الشباب مع الكتب، وخصوصاً الجيل الجديد الذي نشأ على الإنترنت والتكنولوجيا، ودخل في هذه الدوّامة. لكن الكتاب يمكنه أن يخرجه منها وأن يعرض أمامه عالماً موازياً مختلفاً.

مدّة الفيديو لا تتجاوز الدقيقتين. هل هي كافية لتقديم تلخيص ونقد للكتاب؟

هي بالطبع غير كافية، لكنّي لن أجذب المُشاهد إذا كان الفيديو طويلاً، وربّما سيشعر بالملل وقد لا يكمل مشاهدة المقطع. لذلك أحاول من خلال الفيديوات القصيرة أن ألفت الأنظار الى بعض الكتب التي يمكن أن تكون مميّزة أو لافتة، وأقدّم معها نقداً مختصراً وغير مفصّل.

كيف وجدت تقنية ربط المادة المكتوبة بالفيديو مع موسيقى حماسية؟

في السابق كنتُ قد أطلقتُ مبادرة "كل شهر كتاب"، وكنتُ أضع صوراً جامدة بدلاً من أن أظهر أنا. لكني لاحظتُ في ما بعد أنّ الفيديو قد يشكّل تجربةً جديدة، حيث أنّه يساهم في جذب عدد أكبر من المتابعين للانخراط في موضوع القراءة. وقد ساعدني المخرج المسرحي شادي الهبر في موضوع توليف الفيديوات، ولاقت أصداءً جيدة.

على أيّ أساس يتمّ إختيار الكتب؟

أحاول أن أطرح أنواعاً مختلفة من الروايات والكتب باللغتين العربية والأجنبية من حقبات زمنية مختلفة. كما أسعى الى تجنّب الكتب المملّة أو تلك التي تتضمّن أموراً تقنية بحتة، وأن أبتعد كذلك عن الكتب الدينية التي يمكنها أن تتسبّب بخلافات في وجهات النظر.

برأيك هل يمكن للكتاب أن يحدّد مسار حياة البعض ويغيّر في شخصية قرّائه؟

شخصية الإنسان ومواقفه هي مزيج من معارف ومن كتب قرأها ومن أفلام شاهدها. كل كتاب يترك انطباعاً معيّناً في داخلنا، حتى لو نسينا ما قرأناه لاحقاً. لكنّ الكتاب هو مدخل لإعادة برمجة شخصية الإنسان وتشكيلها بإطار مختلف. وكلّما قرأنا كتباً جديدة، سنتطوّر فكرياً ونفسياً وثقافياً، وحينها سنكوّن نظرة جديدة لأمور عدّة.

في ظروفنا الحالية في لبنان، كيف يمكن للقراءة أن تساهم بتغيير المجتمع نحو الأفضل؟

لا يمكننا أن نلوم الناس على عدم القراءة في وقتٍ يفتقرون فيه الى الحدّ الأدنى من حقوقهم المعيشية، حتى بات البحث عن لقمة العيش همّهم الأوّل. لاحظنا مثلاً في الانتخابات النيابية الأخيرة أنّ نواب التغيير حصلوا على نسبة 10 بالمئة تقريباً من المقاعد النيابية. لكن لو كان الوعي الذي يستمدّه المواطنون من المطالعة والقراءة السياسية أكبر، لكانت نتيجة الانتخابات ستختلف حتماً.

يمكننا أيضاً أن نطرح هذه الفكرة ضمن إطار أوسع: إذا كان الشعب واعياً لحقوقه ولواجباته تجاه وطنه ومجتمعه، ومدركاً لأهمية النضال، ربّما لم يكن ليسمح بأن تصل بلاده الى مرحلة الإنهيار. فالقراءة عن الثورات والنضالات عبر التاريخ، إضافة الى التحليلات السياسية العميقة، من شأنها أن توجّه تفكير المواطن نحو زاوية مختلفة في نظرته للأمور، وحينها يمكن لكلّ شيء أن يتغيّر.



MISS 3