الدرامز يزيد فعالية دماغك!

11 : 11

Repetition of rock music band. Drummer behind the drum set. Rehearsal base

يبدو أن عازفي الدرامز، على مر سنوات خبرتهم، يغيرون طريقة التواصل بين جهتَي أدمغتهم! وفق دراسة جديدة، تختلف الأسلاك التي تربط بين نصفَي الكرة المخية في دماغ عازف الدرامز عن غير الموسيقيين.

العزف على الدرامز مهارة فريدة من نوعها. يستطيع العازفون إتمام مهام إيقاعية مختلفة بأطرافهم الأربعة كلها في الوقت نفسه. هذا المستوى من التنسيق مستحيل لدى الآخرين.

يوضح المشرفون على الدراسة الجديدة: "يستطيع معظم الأفراد أداء مهام حركية بسيطة باليدين في الوقت نفسه، لكن يَقِلّ عدد من يستطيعون تنفيذ مهام حركية معقدة باليدين معاً وبالبراعة نفسها".

رغم قدرات عازفي الدرامز غير المألوفة، لم تُركز أي دراسة حتى الآن على أدمغتهم. لذا قرر باحثون من جامعة "بيرجمانشيل" وقسم علم النفس الحيوي في جامعة الرور في "بوخوم"، ألمانيا، تحليل التغيرات الدماغية المرتبطة بالدرامز. نُشِر تقرير عن نتائجهم في مجلة "الدماغ والسلوك".لاستكشاف الموضوع، استعان العلماء بعشرين محترفاً من عازفي الدرامز. بلغ متوسط خبرتهم 17 عاماً وكانوا يتدربون بمعدل 10 ساعات ونصف الساعة أسبوعياً. أشرك الباحثون أيضاً 24 شخصاً لا يعزفون على أي آلة موسيقية (مجموعة مرجعية).

استعمل العلماء تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي لقياس جوانب مختلفة من بنية أدمغتهم ووظيفتها. شملت دراسات سابقة أنواعاً أخرى من الموسيقيين واكتشفت أن الدماغ يتكيف ويتغير رداً على سنوات الخبرة في العزف على الآلات الموسيقية.

بشكل عام، حللت تلك الدراسات التغيرات في المادة الرمادية القشرية التي تشمل المناطق المسؤولة عن الإدراك والذاكرة والكلام واتخاذ القرارات ووظائف أخرى.

لكن في أحدث دراسة، ركز الباحثون على المادة البيضاء (مسار المعلومات السريع في الدماغ). حين ينفذ الشخص الأيمن مهمة بيده اليمنى، تقوم الجهة الدماغية اليسرى، أو نصف الكرة المخية المقابِلة، بتنظيمها. وحين ينفذ الفرد مهمة بيده اليسرى، يميل جانبا الدماغ إلى تحمّل الأعباء معاً.

يؤدي الجسم الثفني (مسار سميك من المادة البيضاء يربط نصفَي الكرة المخية) دوراً أساسياً في عدم تماثل النصفين الدماغيَين.

تحتوي المادة البيضاء على مساحات من الألياف التي تربط مناطق بعيدة من الدماغ. في الماضي، اعتبر العلماء تلك المادة مجرّد سلك مفيد. أما اليوم، فيعتبرونها من أهم العوامل التي تضمن سلامة الوظائف الدماغية اليومية. ركّز الباحثون في الدراسة الأخيرة على الجسم الثفني لأنهم يظنون أن قدرة عازف الدرامز اللافتة على فصل المسارات الحركية لليدين ترتبط على الأرجح بالوظائف المثبِطة للجسم الثفني. كما كان متوقعاً، برزت اختلافات في بنية ذلك الجسم بين عازفي الدرامز والآخرين.

اكتشف العلماء أن الجسم الثفني لدى عازفي الدرامز يسجل معدلات انتشار أعلى من تلك التي تسجلها المجموعة المرجعية، لا سيما في الجزء الأمامي. تشير هذه الملاحظة برأي الباحثين إلى حصول "تغيرات مجهرية". لذا تعلّق السؤال التالي بنوع التغيرات البنيوية الحاصلة.

من الناحية العيادية، لا يُعتبر ارتفاع معدل الانتشار في الجسم الثفني مؤشراً إيجابياً، بل يوحي عموماً بفقدان المادة البيضاء أو تضررها، كما يحصل مع المصابين بالتصلب المتعدد (Multiple Sclerosis). لكن بما أن هؤلاء المشاركين كانوا جميعاً شباناً أصحاء، احتاج الاستنتاج الجديد إلى تفسير مختلف.يظن الباحثون أن الجسم الثفني الأمامي لدى عازفي الدرامز يحتوي على كمية أصغر من الألياف، لكن تكون هذه الألياف أكثر سماكة لدى غير العازفين. إنه عامل مهم لأن الألياف السميكة تنقل النبضات بسرعة إضافية.في بحث سابق، أثبت العلماء أن متوسط معدلات الانتشار يرتبط بتسارع أوقات النقل بين النصفين الدماغيين.

يقول العلماء في الدراسة الأخيرة إن جزءاً أمامياً من الجسم الثفني يربط مناطق دماغية محددة (على غرار قشرة الفص الجبهي الظهرية الجانبية التي تتعلق باتخاذ القرارات خلال الحركات الطوعية) بمناطق مختلفة ترتبط بالتخطيط والتنفيذ الحركي.

كجزءٍ من الدراسة، اختبر العلماء قدرات قرع الدرامز لدى كل مشارك عبر استعمال برنامج خاص. بناءً على تقنية التحكم بالألعاب، شمل الاختبار مجموعة متنوعة من إيقاعات الدرامز ومستويات متفاوتة من التعقيد.

قاس البرنامج مدى دقة كل عازف في الالتزام بنمط العزف المُحدد له وأعطاه علامة. لم يكن مفاجئاً أن يحصد عازفو الدرامز علامات أفضل من المجموعة المرجعية. استناداً إلى تلك العلامات، أثبت الباحثون ارتفاع معدلات الانتشار في الجسم الثفني لدى من قدموا أفضل أداء في اختبار العزف على الدرامز. بالتالي، كلما زادت فعلية الجسم الثفني الأمامي، كان الأداء يتحسن.كذلك، لاحظ الباحثون تراجع نشاط أدمغة العازفين خلال المهام الحركية. يتطلب الدماغ المُنظَّم بفعالية جهوداً أقل من العادة لإتمام مهمة معينة. تشير هذه النتائج برأيهم إلى ارتباط عزف الدرامز الاحترافي بزيادة فعالية التصميم العصبي للمناطق الحركية القشرية.

إنها استنتاجات فردية مثيرة للاهتمام، لكن يتمنى الباحثون أن تصبح نتائج مهمة عيادياً. بما أن تعلم المهام الحركية المعقدة يؤدي على المدى الطويل إلى إعادة هيكلة الشبكات الحركية القشرية، قد يسمح فهم العمليات المؤثرة بمساعدة المصابين باضطرابات حركية.


MISS 3