سيحيي الفنّانان الكبيران أنطوان الصافي وغسان صليبا أمسيةً غنائيةً وموسيقية برفقة عناصر من "الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق-عربية" و"الأوركسترا الفلهارمونية" بقيادة المايسترو الديناميّ البارع أندريه الحاج، في الرابع من تشرين الثاني 2022، كما أخبرنا المطرب أنطوان وديع الصافي. وقال الصافي لـ"نداء الوطن" إنه سيؤدّي أغنيتين لوديع، إحداهما "الأغنية - الرمز" على حدّ تعبيره وهي "لبنان يا قطعة سما"، والثانية "رَح حَلّْفَك بالغصن يا عصفور". فيما غسّان صليبا صاحب الصوت النقيّ والفريد في دفئه ومراوحه ومعاطفه التعبيرية وقدراته الانعطافية في ألوان الغناء وأنواعه، سيغنّي للكبير المبدع زكي ناصيف المتجلّي تاريخياً في أسلوب السهل الممتنع غالباً والمحبّب حتماً، إضافةً إلى أغنيةٍ أخرى من ريبِرتواره الخاص.
حتى يومنا هذا، في لبنان والعالم العربيّ والعالم، صوت المارد وديع الصافي ونتاجه يدلِّكان كتف المقامات. يبوّبُ وديع فتنة النغم. يُرنّح أنسام واحات الطرب. يحيك الندى مشالحَ للقوالب الغنائية التراثية والفولكلورية، وتلك التي صهَرَها في خلاصةٍ أصيلة ومبتدَعة مضمّخة بروح الموروث الغنيّ، ومشرَّعة على رحابة جديدٍ يشكّل استكمالاً ملهِماً. لطالما حدّبَ الضوء جسراً للأغاني وهو القابض على طرف المستحيل والإعجاز في أدائه المخصّب. منذ بداياته، حباله الصوتية نهلت من فم الشمس. صوت نجله القدير المبدع أنطوان الصافي من فئة "التينور لِيرِيكْ" (Ténor lyrique) عموماً مع ملامسته بعض درجات "الباريتون" (Baryton)، علماً بأنه متضلّعٌ من علوم الموسيقى ومتمكّن من فنّ وديع وريبِرتواره الزاخر المتطلّب. أمّا غسان صليبا، فصوته من فئة "الباريتون" ويصل إلى بعض درجات "التينور".
أفادنا أنطوان بأنّ الدكتورة هبة القواس، التي تتولّى رئاسة "المعهد الوطني العالي للموسيقى- الكونسرفاتوار اللبناني"، قد اتّصلت به لإحياء الحفلة الخيرية المرتقبة دعماً للكونسرفاتوار: "شرّفَتْني الدكتورة هبة بهذا الطلب ومن واجبي أن أكون مشاركاً وفاعلاً، لا سيّما أنني أعدّ المطرب غسان صليبا بمثابة أخي. سيكون حدثاً "عائلياً" بامتياز؛ من العائلة الفنية وإليها. هذا المشروع من بناتِ أفكار الدكتورة هبة وهي التي صمّمتْه أساساً وقامت من أجله بالحملة اللازمة في الدولة ومع الجهات الإعلامية، وبيني وبين غسان، بما لها من رصيدٍ ممتاز لدى الجميع وقد حرّكت الهِمَم وحفّزت تفاعلها المثمر في هذا الاتّجاه. أتمنّى أن تتوَّج فكرتها بالنجاح المطلوب بإذن الله". مكان الحفلة كما يقول أنطوان سيكون في باحة "مستشفى بعبدا الحكومي": "سيكون المدرَّج قائماً هناك مع المسرح وقد أجَّلنا الحفلة من 28 تشرين الأوّل إلى 4 تشرين الثاني كي يتمكّن وزير الثقافة من الحضور. هبة القوّاس طاقةٌ وشعلةٌ إيجابيّتان، كُنّا بحاجةٍ إليهما. منذ سنواتٍ عديدة، أشعر للمرّة الأولى بأنّ هناك أملاً كالبرق الوامض في خميرةِ خيرٍ تجاه العمل الصحيح. على صعيدَي الفنّ والموسيقى إنها البادرة الأولى منذ زمنٍ. ندعو للدكتورة هبة بالتوفيق والتألّق. ليسدّد اللهُ خطاها ويثبّت مقاصدها ونحن معها وإلى جانبها في كلّ زمانٍ ومكان". وأردف قائلاً: "المايسترو أندريه الحاج متعاونٌ جدّاً والحفلة ممهورةٌ بالحب والعطاء في مناخٍ جميل يسوده التآلف ووحدة النوايا الصافية والمقاصد، وسيكون الحفل واعداً جدّاً، كما أنّ هناك فقراتٍ عزفيةً للأوركسترا. نتمنى أن يلقى الحدثُ إقبالاً جماهيرياً على قدْرِ رفعته وأهمّيته على المستويين الثقافيّ والإنسانيّ". في لجّة الانحدار والانهيار، يلبس الحدثُ المؤمَّلُ جلبابَ ضوءٍ فنّيٍّ نهضويّ ممتدّ ومُرتجى، يعكس أحد وجوه لبنان الحضارية. أثرُ توهُّج مؤونة الضوء يُذّخَر ويُقتفى في الأفق.
