فيما انهمك الرئيس المكلف حسان دياب بالعمل لانضاج طبخته الحكومية، وسارعت قوى اساسية الى رفض ما بدأ يتسرب من اسماء مرشحة للتوزير، على رغم حرص المعنيين على نفيها، خرقت مواقف عالية السقف عطلة عيد الميلاد. الا ان هذه المواقف، على اهميتها، لم تأت مفاجئة للبعض، نظرا الى حجم الاحتقان السياسي السائد، منذ ما قبل اندلاع "ثورة تشرين"، لكن يمكن اعتبار هذه المواقف عينة بسيطة مما ستشهده المرحلة المقبلة من دون ادنى شك.
أول هذه المواقف صدرت من بنشعي مع تغريدة رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية التي رأى فيها أن طبخة الحكومة حتى الآن "تُظهر أنها حكومة ظاهرها مستقلّ وباطنها مرتبط بباسيل، حكومة تضمّ مستقلّين تاريخهم تسويات مع أصحاب النفوذ والسلطة وسياسيين مشهود لهم بالتقلّب"، مرورا بـ"بيت الوسط" حيث حمل الرئيس سعد الحريري بعنف على العهد منتقدا تصرفه و "كأنو ما في شي بالبلد"، وهاجم الوزير جبران باسيل، فـ"الحكومة المقبلة ستكون حكومته "، وعليه يرفض ترؤس أي حكومة يكون باسيل فيها، قبل ان يسأل الله امس في ذكرى الشهيد محمد شطح "ان يحمي لبنان من شياطين السياسة وتجار المواقف"، وصولا الى بكركي التي اعتلى منبرها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للدفاع عن صهره الذي "يحق له أن يكون شريكاً بتأليف الحكومة لأنه رئيس أكبر كتلة نيابية".
عراجي لـ"نداء الوطن": على "المستقبل" اجراء مراجعة سياسية شاملة
وبدا لافتاً ان كلام رئيس الجمهورية ظلت أصداؤه تتردد في صفوف كتلة "المستقبل". وفي هذا السياق، أكد النائب عاصم عراجي لـ"نداء الوطن" ان رئيس الجمهورية "هو الحكم و حامي الدستور، بغض النظر عمن يشغل موقع الرئاسة الاولى، لكن كلام الرئيس عون في بكركي هو كلام كبير وقد احدث ارباكا كبيرا في الشارع ويشكّل سابقة، مع احترامنا له، وهو ضرب للدستور وننتظر توضيحاً منه، ومن الرئيس المكلف بعد كلامه في مجلس النواب، وهو مناقض تماما لما نراه اليوم".
وابدى عراجي قناعته الشخصية بأن الرئيس الحريري "أحرج فأخرج، فهناك اطراف سياسية أحرجت الحريري بطريقة مباشرة لإخراجه، اما الوحيد الذي كان ثابتا على موقفه فهو الرئيس نبيه بري فيما "حزب الله" لم يكن ليسمي الحريري للتكليف".وإذ تساءل عراجي: "التسهيلات التي قيل إنهم سيمنحونها للرئيس المكلف لتشكيل الحكومة، لماذا لم يمنحوها للرئيس الحريري؟" وأكد انه "لا يجوز وضع رئيس كتلة نيابية مقابل الحريري".
وعن علاقة "المستقبل" مع "التيار الوطني الحر"، يحرص عراجي على التذكير بان "التسوية التي ابرمها الحريري دفع ثمنها غاليا وهو عقدها على أمل تأخير الانحدار الاقتصادي والمالي والنقدي الحاصل اليوم على قاعدة "عسى ولعل" نستطيع فعل شيء لانقاذ الوضع، الا ان ممارسات باسيل ومحاولاته التعدي على صلاحيات رئيس الحكومة كل فترة وكلامه الاستفزازي خلال جولاته المناطقية وغيرها وكلامه الكبير في الخارج ولا سيما في الجامعة العربية ادى الى احداث تأجيج، كل ذلك ادى الى فشل التسوية". وأقر عراجي بان علاقة "المستقبل" مع "القوات اللبنانية" اصابها "الفتور بعدما تخلت عن وعدها بتسمية الحريري، فلو صارحته بحقيقة موقفها قبل، لكان لربما اخذ قراره بعدم قبول التكليف في حينه".
ولدى سؤاله عن علاقة "المستقبل" مع الحزب "التقدمي الاشتراكي" بعد مواقف رئيس الحزب وليد جنبلاط قال عراجي: "انظروا الى ما كان يسمى سابقا 14 و8 آذار تجدون ان علاقة كل الاطراف "فايتة" ببعضها".
ومن بقي للمستقبل من حلفاء؟ يسارع عراجي إلى الاجابة بالقول: "بقي النا الله"، الا انه يعتبر ان "الحريري اليوم هو أقوى شعبياً بعدما خسر بالتسوية السياسية فهو اليوم احترم رغبة الشعب واحترم نفسه وقدم استقالته والمستقبل سيكون خارج الحكم".
وبناء عليه، يخلص عراجي الى التأكيد ان على كتلة "المستقبل" اجراء مراجعة سياسية شاملة لكل المرحلة السابقة منذ العام 2016."التيار": الحريري استعمل "الميثاقية" للتعطيل
وفيما الوزير باسيل معتصم بالصمت، ردت اوساط "التيار الوطني الحر" على كلام فرنجية والحريري وقالت لـ"نداء الوطن": "رئيس الوطني الحر هو رئيس اكبر تكتل نيابي، ومشاورات الرئيس المكلف معه جاءت في سياق الاستشارات النيابية التي اجراها مع رؤساء الكتل النيابية في مجلس النواب وقد خرج باسيل بعد الاستشارات وتلا بياناً مكتوباً وأعلن فيه موقفه الواضح، ومن حينه لم يلتق باسيل الرئيس المكلف". وتضيف الاوساط: "ان عملية تشكيل الحكومة مرتبطة بالرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، وعدا عن ذلك كل كلام آخر يبقى من باب التحليلات والتكهنات". ورأت الاوساط ان "الاتهامات في حق الوزير باسيل هي اتهامات باطلة وقالت: "للاسف اذا شاء البعض توجيه رسائل في اتجاهات مختلفة، يعتبر انه بالتصويب على باسيل يمكنه ان يوصل رسائله، فبإطلاق النار عليه يعتبر انه اصاب الهدف، لأنه كي يكون لطلقة النار قيمة لا بد من التصويب على الاكثر جدوى وفعالية ومصداقية، الا ان هدفهم هو ايصال الرسائل الى غير اتجاه".
وتعبير "انكسرت الجرة " مع "المستقبل" لا يستسيغها "التيار" كثيراً ويحرص على التذكير بانه "ظل حتى اللحظة الاخيرة يطرح على الحريري ان يستعمل موقعه الميثاقي لتأليف حكومة انما للأسف استعمل موقعه الميثاقي لتعطيلها".
