السيسي يؤكد مجدّداً دعمه لحفتر

تركيا تستعدّ لإرسال جنود إلى ليبيا

09 : 47

أردوغان مخاطباً أعضاء من حزب "العدالة والتنمية" في أنقرة أمس (أ ف ب)

فتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس الطريق أمام تدخل عسكري تركي مباشر في ليبيا، بإعلانه عن تصويت قريب في البرلمان على إرسال جنود لدعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، في مواجهة رجل الشرق القوي المشير خليفة حفتر، في وقت طلبت حكومة السراج رسميّاً دعماً عسكريّاً تركيّاً.

وكشف أردوغان أن البرلمان التركي سيدرس في كانون الثاني مذكّرة تنصّ على السماح بإرسال جنود إلى ليبيا من أجل دعم حكومة الوفاق الوطني. وقال خلال خطاب في أنقرة: "سنُقدّم المذكّرة لإرسال جنود إلى ليبيا فور استئناف أعمال البرلمان"، في السابع من كانون الثاني المقبل، مضيفاً: "إن شاء الله سنكون قادرين على إقراره في الثامن أو التاسع من كانون الثاني، وعلى تلبية دعوة الحكومة الليبيّة الشرعيّة بهذا المعنى".وتابع الرئيس التركي: "سندعم بكلّ الوسائل حكومة طرابلس التي تُقاوم جنرالاً انقلابيّاً تدعمه دول عربيّة وأوروبّية"، في إشارة إلى المشير حفتر. ورأى أن بعض الدول "تدعم زعيم حرب، أمّا نحن فنُلبّي طلب الحكومة الليبيّة الشرعيّة، وهذا هو الفرق بالنسبة إلينا". ومن شأن نشر جنود أتراك على الأرض أن يُفاقم النزاع الذي تُغذّيه قوى إقليميّة متناحرة ويُمزّق البلاد منذ سقوط نظام معمر القذافي العام 2011.

ويبدو الإبقاء على حكومة الوفاق الوطني أمراً أساسيّاً لتركيا، التي وقّعت معها أخيراً اتفاقاً لترسيم الحدود البحريّة، ما يسمح لأنقرة بالمطالبة بالسيادة على مناطق واسعة غنيّة بالغاز والنفط في شرق المتوسط، وهو الأمر الذي أثار غضب اليونان ومصر وقبرص وإسرائيل.وفي هذا الصدد، أوضح أردوغان أن "هدف الاتفاق الموقع مع ليبيا ليس عرقلة حقوق أحد في المتوسط، بل على العكس من ذلك، منعاً لعرقلة حقوقنا". وكان البرلمان التركي قد صادق السبت على اتفاق للتعاون العسكري والأمني وقّع خلال زيارة لرئيس حكومة الوفاق فايز السراج في 27 تشرين الثاني مع حكومة الوفاق الليبيّة، ما يُتيح لأنقرة تعزيز حضورها في ليبيا. ودخل هذا الاتفاق حيّز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسميّة.

وأكّد أردوغان كذلك أن قوّات حفتر تحصل أيضاً على دعم شركة أمنيّة روسيّة، مردّداً بذلك معلومات نشرتها وسائل إعلام ونفتها موسكو، حول وجود مرتزقة روس في ليبيا. وردّاً على سؤال عن خطط أنقرة إرسال قوّات إلى ليبيا، اعتبر الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن "الاحتمال ضئيل في أن يُساهم في التسوية تدخّل بلد ثالث بشكل مباشر في هذا الوضع"، مضيفاً في الوقت عينه: "لكن كلّ محاولة من بلد ثالث للمساهمة بشكل مباشر في حلّ المشكلة ومساعدة أطراف النزاع مرحّب بها دائماً". وأفاد مركز "إيدام" الفكري في اسطنبول بأنّ انتشاراً عسكريّاً تركيّاً على الأرض يجب أن يشمل "قوّات خاصة" و"طواقم قتاليّة مؤهّلة بدرجة عالية"، وكذلك ضبّاط استخبارات وارتباط.

وفي سياق متّصل، أعلن وزير الداخليّة في حكومة الوفاق الليبيّة فتحي باش آغا من تونس في وقت سابق أن بلاده ستطلب دعماً عسكريّاً من أنقرة، إذا تواصل التصعيد من قبل قوّات المشير خليفة حفتر. وأوضح باش آغا خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة تونس أن حفتر "منح قواعد عسكريّة لدول أجنبيّة"، معتبراً أنّه "إذا ظلّ هذا الموقف يتصاعد فلنا الحق في أن نُدافع عن طرابلس، وسنطلب رسميّاً من الحكومة التركيّة دعمنا عسكريّاً".

وتابع الوزير الليبي أن الهدف من طلب الدعم هو "حتّى نستطيع ابعاد شبح القوّات المرتزقة، وسوف يكون موجّهاً فقط للمرتزقة والقواعد التي منحها حفتر لدول أجنبيّة من دون موافقة حكومة الوفاق"، لافتاً إلى أن "حكومة الوفاق وتونس والجزائر في حلف واحد"، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً وسط التونسيين، واستدعى ردّاً عاجلاً من رئاسة الجمهوريّة. وقالت مستشارة الرئيس التونسي، المسؤولة عن الإعلام رشيدة النيفر، لصحيفة "الصباح" المحلّية، إنّ تونس "لم تنضمّ إلى أي حلف وهي متمسّكة بحيادها وعلى نفس المسافة من مختلف الأطراف".

من ناحيته، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مجدّداً دعمه لقوّات المشير حفتر، التي تشنّ هجوماً واسعاً على طرابلس، ورفضه التدخّل في الشؤون الليبيّة، وذلك خلال اتصال مع رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي. وأوضح المتحدّث الرسمي باسم الرئاسة المصريّة بسام راضي في بيان أن السيسي أجرى اتصالاً هاتفيّاً مع كونتي تناول خصوصاً "الوضع في ليبيا"، مشيراً إلى أن الرئيس المصري "أكد ثوابت موقف مصر الداعم لاستقرار ليبيا وأمنها، وتفعيل إرادة الشعب الليبي، وكذلك مساندة جهود الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب والقضاء على التنظيمات الإرهابيّة التي تُمثل تهديداً ليس فقط لليبيا، بل للأمن الإقليمي ومنطقة البحر المتوسط".وشدّد السيسي على "رفض كلّ التدخّلات الخارجيّة في الشأن الداخلي الليبي". وبحسب بيان الرئاسة المصريّة، فإنّ رئيس الوزراء الايطالي أكّد "سعي بلاده لحلّ الوضع الراهن وتسوية الأزمة الليبيّة، التي تُمثل تهديداً لأمن المنطقة بأكملها، وذلك بهدف عودة الاستقرار إلى ليبيا وتمكينها من استعادة قوّة وفاعليّة مؤسّساتها". وأوضح المتحدّث باسم الرئاسة المصريّة أنّه "تمّ التوافق على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة في هذا الإطار".

وقال السيسي خلال تصريحات للصحف المصريّة الحكوميّة والخاصة نشرت الثلثاء: "لن نسمح لأحد بأن يعتقد أنّه يستطيع السيطرة على ليبيا والسودان، ولن نسمح لأحد بالسيطرة عليهما، ولن نتخلّى عن الجيش الوطني الليبي"، الذي يقوده حفتر. وذكر أنّه "أمر في صميم الأمن القومي المصري"، مشيراً إلى أن السودان وليبيا "دول جوار" مباشر لمصر.

كذلك، بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع كونتي، هاتفيّاً، تطوّرات الأوضاع في ليبيا، وأكد الجانبان ضرورة حلّ الأزمة في البلاد عبر الطرق السلميّة. وأفاد الكرملين، في بيان صدر عنه عقب المكالمة، بأنّه تمّ الإعراب عن "دعم جهود المجتمع الدولي الرامية إلى الإسهام في التسوية الداخليّة الليبيّة بوساطة الأمم المتّحدة"، في وقت بحث نائب وزير الخارجيّة الروسي ميخائيل بوغدانوف مع القائم بالأعمال الموَقت للدولة الليبيّة في موسكو مصطفى أبو سعيدة، تسوية الأزمة في ليبيا، بحسب ما أوردت الخارجيّة الروسيّة، التي ذكرت أيضاً أن "الطرفَيْن تبادلا الآراء حول الوضع في ليبيا، مع التركيز على ضرورة بناء عمليّة تفاوضيّة شاملة بين الأطراف الليبيّة تحت رعاية الأمم المتّحدة، من أجل تسوية الأزمة في هذا البلد في أسرع وقت ممكن".

وفي وقت لاحق، أشار السيسي خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي دونالد ترامب إلى الدور المهمّ لـ"الجيش الوطني الليبي" في مكافحة الإرهاب في ليبيا. وأوضح المتحدّث الرسمي باسم الرئاسة المصريّة في بيان، أن السيسي أجرى مساء أمس اتصالاً هاتفيّاً مع ترامب، تمّ خلاله "التباحث وتبادل وجهات النظر حول تطوّرات بعض الملفات الإقليميّة، خصوصاً الوضع في ليبيا". وأكد السيسي "دعم مصر لتفعيل إرادة الشعب الليبي في تحقيق الأمن والاستقرار لبلاده، وأهمّية الدور الذي يقوم به الجيش الوطني الليبي في هذا السياق لمكافحة الإرهاب وتقويض نشاط التنظيمات والميليشيات المسلّحة، التي باتت تُهدّد الأمن الإقليمي بأسره". كما شدّد الرئيس المصري على "ضرورة وضع حد لحجم التدخّلات الخارجيّة غير المشروعة في الشأن الليبي"، في حين رأى الأمين العام للجامعة العربيّة أحمد أبو الغيط أن حالة "التصعيد الخطر" التي تشهدها الساحة الليبيّة من شأنها أن تُساهم في إذكاء الأوضاع، خصوصاً حول العاصمة طرابلس.


MISS 3