دماغك "يفضّل" الموسيقى والكلام!

11 : 35

ما الذي يميّز البشر عن الرئيسيات الأخرى؟ صحيح أنّ أدمغتنا متشابهة، لكن يبدو أنها تتفاعل بطرق متنوعة مع مختلف الحوافز. إذ كشفت أدلة جديدة الآن أنّ الدماغ البشري "يُصغي" إلى الطبقات الموسيقية بشكل أساسي، علمًا أنّ العلماء لم يرصدوا هذه النزعة لدى القرود.
ثمّة شبه كبير بين البشر وأنواع أخرى من الرئيسيات على مستويات عدة. لكن ما الذي يميّز البشر عنها؟ حاول العلماء الإجابة عن هذا السؤال منذ عقود، لكن بقي نجاحهم متفاوتًا في هذا المجال.
ولقد ذكرت دراسات سابقة أنّ أدمغة البشر والرئيسيات غير البشرية تحلل المعلومات البصرية بالطريقة نفسها. مع ذلك، لم يتأكد الباحثون من وجود أي اختلافات بين الطرفين على مستوى تحليل مختلف الأصوات.
لهذا السبب، قرر علماء من معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا في "كامبريدج"، و"مختبر الأبحاث الحسية والحركية"، و"المعهد الوطني للعيون" التابع للمعاهد الوطنية للصحة في "بيثيسدا"، استكشاف هذه المسألة حديثًا.
نُشِر تقرير عن الدراسة في مجلة "علم أعصاب الطبيعة"، واعتبر الباحثون فيه أنّ القشرة البصرية لدى البشر وقرود المكاك تتشابَه، لكن لم تكن المعلومات بشأن الاختلافات القائمة بين الفصيلتَين على مستوى السمع واضحة.
لذا، بدأ الباحثون يقارنون طريقة تفاعل أدمغة البشر وقرود المكاك الريسوسي مع الحوافز السمعية، لاسيما تلك التي نربطها عمومًا بالبشر، مثل النغمات التوافقية التي تَتسِم بها الموسيقى والكلمات.
وكتب الباحثون في تقريرهم: "يحتوي الكلام والموسيقى على مكونات التردد التوافقي التي تترافق مع "طبقة" معينة. ويبدو أنّ المناطق القشرية البشرية تفضّل التفاعل مع النغمات التوافقية أكثر من الضجة". لكن هل تنطبق النتيجة نفسها على الرئيسيات غير البشرية؟
تعليقًا على نتائج البحث، قال المشرف الرئيس على الدراسة، بيفيل كونواي: "إكتشفنا أنّ بعض المناطق في دماغنا تفضّل الأصوات التي تكون طبقتها عالية أكثر ممّا تفعل أدمغة قرود المكاك. وتوحي هذه النتائج باحتمال أن تكون تلك الأصوات الراسخة في الكلام والموسيقى هي التي صقلت النظام الأساسي في الدماغ البشري".

الإنسان حسّاس تجاه الطبقات الصوتية
لإجراء الدراسة، إستعان الباحثون بثلاثة قرود من فصيلة المكاك الريسوسي وبأربعة مشاركين بشر، فسمعوا جميعًا نغمات توافقية وضجة شملت خمسة نطاقات تَردّد مختلفة.
إستنادًا إلى تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، قيّم الباحثون الاستجابات الدماغية لدى القرود والبشر تجاه مختلف الأصوات ونطاقات التردد.
لم يكشف أول تحليل لمسوحات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي عن اختلاف بارز بين البشر والقرود على مستوى الاستجابات الدماغية، فقد نشطت الأجزاء نفسها من القشرة السمعية في المجموعتين معًا.
لكن حين قيّم الباحثون المسوحات بالتفصيل، لاحظوا أنّ الأدمغة البشرية كانت حساسة تجاه "طبقات" النغمات التوافقية أكثر من أدمغة قرود المكاك الريسوسي التي لم تُميّز على ما يبدو بين النغمات التوافقية والضجة العادية.
يوضح كونواي: "إكتشفنا أنّ أدمغة البشر والقرود تُبدي استجابات متشابهة جدًا تجاه الأصوات، بغضّ النظر عن نطاق ترددها. ولم يصبح جزء من تلك المناطق نفسها في أدمغة البشر أكثر تجاوبًا إلّا حين أضفنا بنية نغمية إلى الأصوات. توحي هذه النتائج بأنّ قرود المكاك تتفاعل مع الموسيقى وغيرها من الأصوات بطرقٍ مختلفة. في المقابل، تكون تجربة القرود مع العالم البصري مشابهة جدًا لتجربة البشر على الأرجح. إنطلاقًا من هذا الاستنتاج، لا بد من التساؤل عن نوع الأصوات التي اختبرها أسلافنا على مر تطورهم".
حتى عندما عرّض الباحثون الحيوانات لأصوات ذات تناغم طبيعي إضافي، مثل تسجيلات صيحات قرود المكاك، لم تتغيّر النتائج، وهذا ما يدعم الفكرة القائلة إنّ أدمغة البشر تكون أكثر حساسية تجاه الطبقات الصوتية.
وختم كونواي قائلًا: "قد تسمح هذه النتائج أيضًا بتفسير الصعوبة التي واجهها العلماء في تدريب القرود على أداء مهام سمعية يعتبرها البشر بسيطة نسبيًا".


MISS 3