هيدا رأيي

لاقتلاع شياطين السياسة من الرياضة

10 : 39

"ورديّة" هذه الصحوة المفاجئة في لبنان على ضرورة تشكيل حكومة من إختصاصيّين للعبور بالبلاد الى برّ الأمان، ولافت أيضاً هذا الإصرار على تلبية مطالب الثورة التي "زهّرت" بعد عقود من التقوقع والانعزال داخل بساتين الطوائف والمذاهب.

يبدو أنّ الطبقة السياسية الحاكمة حالياً أدركت، وبعد أكثر من شهرَين على انتفاضة الناس، أن لا مناص من سماع صوت الأغلبية الصامتة، والتخلي عن المكابرة بعدم إشراك الأحزاب في ما كان يسمّيها "العهد" بحكومة "تكنو سياسية". حسناً فعل رئيس الجمهورية، حين اعترف بطريقة أو بأخرى أنه كان مخطئاً عندما أصرّ مع فريقه طوال الشهرَين الماضيَين على حكومة تتمثل فيها الأحزاب.

أعتَرفُ أنّ كلّ ما ورد في السطور السابقة، قد كُتِب في سياق "حسن النية"، رغم تراكم القناعة بأنّ كل ما يجري على الساحة السياسية يحمل في تفاصيله الكثير من الخبث والدهاء للإلتفاف على الثورة، والإطباق على ما تبقى من ثائرين عبر "تجييش" المذاهب وإيقاظ الغرائز لكي يعود الوضع الى ما كان عليه قبل 17 تشرين الأول، بتمترس "الطوائف" خلف دويلاتها الكبيرة داخل الوطن الصغير!

نعود الى "النوايا الحسنة" التي دفعت عهد الرئيس عون وحلفائه على السير بما يرضي الناس، وسنفترض جدلاً أن حسّان دياب سيذهب - الى الآخر - في تشكيل حكومة "إختصاصيين"، سيكون أعضاؤها محرَّرين وقادرين على التنفس عبر "رئاتهم" الخاصة، فنطرح السؤال الآتي: كيف يمكن أن نصدّق، ونحن "أهل الرياضة" قد لمسنا طوال السنوات الماضية ممارسات شاذة في "فجور" التدخل السياسي في تركيب الاتحادات الرياضية، والوصاية التي كانت تُمارَس على الأندية الرياضية باعتبارها مفاتيح إنتخابية يُلجأ إليها وقت الحاجة...

لقد أثبتت التجربة أن الساسة في لبنان ينظرون الى الرياضة كأرضية مستحبّة لاستقطاب الشعب الطيب عبر تنصيب "إختصاصيين" في تقديم الولاء والطاعة واقتناص المكاسب لتوزيعها على المحاسيب والأزلام.

خرق السياسيون "خصوصية" الرياضة، وفَرمَلوا أيّة إمكانية لوصول أصحاب الكفاءات والتخصّص الى المكان المستحقّ، فكانت انتخابات الاتحادات تتأرجح بين تسويات غير مطابقة، وبين معارك يستحضر فيها نفوذ الزعماء وأموالهم السياسية وشعاراتهم الشعبوية. وإذا كان لا بدّ من إنتفاضة مشروعة الآن، وتكون ملحقة بثورة 17 تشرين، فهي على هذه الطبقة الجاسمة على الرياضة بقوة "البلطجة"، ومنطق المحاصصة وتوزيع الغنائم. إنَ ما كان مرفوضاً قبل 17 تشرين، أصبح ملحّاً اليوم. فأين الأندية ممّا يجري في الحَراك الشعبي، وأين الخزان الرئيسي للرياضة المتمثل باللاعبين والمدرّبين والجماهير؟ لقد آن الأوان أن يلاقي "أهل الرياضة" قائد منتخب لبنان السابق رضا عنتر في منتصف الطريق، حين لم يجدْ حرجاً في التأكيد بأن معظم من يعمل في كرة القدم هو فاسد... ماذا ينتظر كل هؤلاء لاقتلاع شياطين السياسة من الأندية والاتحادات واللجنة الأولمبية؟

قامت الرياضة عبر التاريخ على مبادئ مثالية، بينما توصف السياسة بأنها لا تستند الى أخلاق ولا الى مبادئ، وهذا كافٍ للشروع بتحرير الرياضة من هذه الوصاية !!!
 


* باسم الرواس


إعلامي رياضي


MISS 3