رمال جوني -

تسليم الوثائق في الناقورة في غرفتين منفصلتين

28 تشرين الأول 2022

02 : 00

إحدى السفن التابعة للقوات الدولية في الناقورة

كما كان متوقعاً، تمّت عملية توقيع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بهدوء وبشكل سريع، باستثناء الخرق الذي سجّلته الزوارق الإسرائيلية عند وصول الوفد اللبناني الى رأس الناقورة عبر طوّافة تابعة للجيش اللبناني، فرفض دخول مقر الأمم المتحدة قبل مغادرتها. وهذا ما حصل. عدا ذلك، لم يشهد اليوم الطويل في الناقورة أي خرق يذكر، حتى دوريات «اليونيفيل» والجيش اللبناني، البرّية والبحرية، كانت طيلة النهار أكثر من عادية، وضمن السيناريو اليومي المعتاد.

عند الثالثة والنصف بعد ظهر أمس وصل الوفد اللبناني والمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين وكل المشاركين عبر طوافات للجيش إلى الناقورة، وانتقلوا عبر آليات برفقة الجيش و»اليونيفيل» الى الخيمة المخصّصة للتوقيع، حيث تمّ تسليم ورقة التفاوض اللبنانية للمبعوث الأميركي، وكذلك فعل الوفد الإسرائيلي. فكل فريق وقّع ورقته وستودع لدى الأمم المتحدة، ومعها ينتهي ملفّ الترسيم وتبدأ رحلة الإستكشاف والتنقيب وصولاً لاستخراج ثروة لبنان النفطية.

ماذا في يوم الناقورة الطويل؟

باكراً، كانت وسائل الإعلام المحلية والأجنبية على أهبّة الاستعداد لتغطية أهمّ حدث يشهده لبنان منذ عقود، توقيع ترسيم الحدود البحرية وفق الخط 23 وحقل قانا. فالحدث كان إعلامياً أكثر من أي شيء آخر. على الصعيد الشعبي كانت الحياة في الناقورة أكثر من عادية، وكأنّ الناس لم يسمعوا بالحدث التاريخي الذي يجري عند آخر نقطة حدودية مع فلسطين المحتلة.

على طول الطريق من صور باتجاه الناقورة، دوريات معتادة لـ»اليونيفيل»، محال تجارية تمارس عملها المعتاد، صرّافون جوالون ينتشرون ولكلّ منهم تسعيرته الخاصة.

عند مدخل الناقورة، وحدهم الصيّادون يمارسون هوايتهم الصباحية، كلّ يرمي صنّارته في البحر الخالي من الأوساخ، فبحر الناقورة من أنظف شواطئ لبنان، دوريات «اليونيفيل» تمرّ بتوقيتها الثابت من دون أي تعديل يذكر، كذلك دوريات الجيش. ما إن تصل الى نقطة «اليونيفيل» الأساسية القريبة من رأس الناقورة، تشاهد نظاماً مختلفاً. شرطي من القوات الدولية ينظّم السير بدقّة، النظام هنا مقدّس، والكلّ يتقيّد به. لم يتغير شيء قد يرافق حدث الترسيم، على العكس، بقيت الأمور على حالها.

ما إن تصل الى الساحة المخصّصة للإعلاميين، حتى تطالعك عدسات الكاميرات التي تحاول التقاط إشارة من هنا أو من هناك، فالمعلومات بدت خجولة نسبياً، إلّا ما رشح عن الجانب الإسرائيلي أنّ التوقيع تمّ والتعليق الذي تناول انتهاء الترسيم والبدء بمرحلة استخراج النفط. أما في الجانب اللبناني، فكانت الأمور غامضة نسبياً، من سيوقّع الاتفاق، وهل سيقتصر اللقاء على تسليم وتسلّم؟

بدا الحدث هنا إعلامياً بامتياز، كلّ مراسل يحاول أن يلتقط إشارة ومعلومة، الكل أجمع على أنّ الحدث تاريخي، معظم الإعلاميين واكبوا مسار التفاوض الذي استمرّ جولات عدّة، اعتادوا الانتظار والبحث عن معلومات، فالوصول الى رأس الناقورة حيث خيمة التفاوض ممنوع، وبالتالي التقاط صورة أو خبر يبدو بعيد المنال.

بسرعة انتهت عملية الترسيم، كلمة لهوكشتاين، ولمدير عام رئاسة الجمهورية انطوان شقير. تسليم الوفد اللبناني ورقة الترسيم الموقّعة من رئيس الجمهورية ومعها إحداثيات الحدود، وتسليم الورقة الإسرائيلية. صورة للوفد اللبناني، وأخرى للوفد الاسرائيلي، وتم الانتقال الى مرحلة جديدة من تاريخ لبنان.

وتمت عملية تسليم الوثيقة للوسيط الأميركي هوكشتاين من الوفدين في غرفتين منفصلتين، في حضور الممثلة الدائمة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا والسفير الاميركية في لبنان دوروثي شيا والسفيرة الفرنسية آن غريو.

وقد ألقى شقير كلمة أعلن فيها عن «تسليم الرسالة الموقعة من الرئيس ميشال عون الى السيد هوكشتاين، وتسليم الرسالة الموقعة من وزير الخارجية اللبناني الى السيدة جوانا فرونيكا المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، كي يتم وضعها في نشرة قانون البحار وفي الموقع الالكتروني لشؤون المحيط وقانون البحر».

وعند الرابعة و40 دقيقة انتهى اللقاء في رأس الناقورة وغادرت الوفود المشاركة مقر الاجتماع في رأس الناقورة الى مهبط المروحيات التابع لـ»اليونيفيل» لتتوجه بعدها الى العاصمة بيروت عبر مروحيات تابعة لـ»اليونيفيل» والجيش اللبناني.

فرونتسكا

ولاحقاً، رحّبت فرونتسكا بـ»تسليم الرسائل المتعلقة بترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في أعقاب الوساطة الأميركية الناجحة التي قادها المنسق الرئاسي الخاص آموس هوكشتاين». وذكرت فرونتسكا بعد تسلمها الإحداثيات البحرية الموقعة من كلا البلدين في مقر «اليونيفيل» في الناقورة: «إنه إنجاز تاريخي على مستويات عدة. آمل أن يكون بمثابة خطوة لبناء الثقة من شأنها تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتأمين المنافع الاقتصادية لكلا البلدين». وستقوم المنسقة الخاصة بإيداع وثائق الترسيم لدى الأمم المتحدة في نيويورك».

وأثنت على «كل من لبنان وإسرائيل لتوصلهما إلى حل متفق عليه من قبل الطرفين. كما شددت على مغزى هذا الإتفاق بالنسبة للبنان، حيث أظهر القادة السياسيون وحدتهم لبلوغ هدف مشترك. وأضافت: «إن الاتفاق يفتح صفحة جديدة للبنان بما قد يساعد على خلق زخم إيجابي لبناء توافق حول المصلحة الوطنية للبلاد».

وأشار بيان لمكتبها الاعلامي إلى أنّه تطلعاً للمستقبل وبينما يتعين على كافة الأطراف إعطاء الأولوية لتنفيذ التزاماتهم بموجب هذا الاتفاق، ستظل الأمم المتحدة ملتزمة بمساعدة الأطراف على تطبيقه، حسبما يطلب منها وضمن حدود ولايتها. وإدراكاً لأهمية استدامة الأمن والسلم، أعادت المنسقة الخاصة تأكيد ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 بشكل كامل، والقرارات الأخرى ذات الصلة».


MISS 3