عون غادر بعبدا: ننتقل لمرحلة جديدة لاقتلاع الفساد من جذوره

17 : 16

غادر رئيس الجمهورية ميشال عون، ظهر اليوم الأحد قصر بعبدا، منتقلاً الى منزله في الرابية، وسط مراسم وداع رسمية أقيمت له.


وقبيل مغادرته القصر الجمهوري، القى كلمة أمام الحشود الشعبية التي توافدت لتحيته ودعمه، فأشار الى أنه ينتقل اليوم الى "مرحلة جديدة تبدأ بنضال قوي وعمل وجهد لاقتلاع الفساد من جذوره".


وأكد ان "لبنان بحاجة الى إصلاح كي يعود الى الحياة بعد إنهاء نفوذ الذين شلّوا القضاء وأوقفوا التحقيق بإنفجار المرفأ"، وقال: "إن البلد مسروق بخزينته وبمصرفه المركزي، ومن جيوب المواطنين. وأصبح لدينا دولة مهترئة بمؤسساتها ومن دون قيمة، لأن المنظومة الحاكمة استعملتها، والقضاء معطّل لا يحصّل حقوق الناس".


وتساءل: "ماذا نقول إذا كانت كل الجرائم المالية قد ارتكبها حاكم المصرف المركزي ولم نتمكن من إيصاله الى المحكمة؟ فمن يحميه؟ ومن هو شريكه؟ جميعهم في المنظومة الحاكمة منذ 32 عاماً أوصلونا الى هذه الحال".


وكشف الرئيس عون عن أن "القضاء لا يحاكم من في حقهم دعاوى جرمية"، مشيراً الى انه "مضى سنتان أو ثلاث على رفع 22 دعوى قضائية، من دون معرفة مصير أي منها حتى الآن".


وقال: "قد يكون المتهمون بالفساد هم من جماعتهم والا فلماذا يبحثون عن حماية لهم"، مشدداً على أن "حكمنا اليوم أصبح حكماً ثأرياً وليس حكماً عادلاً، والثأر ليس بعدالة، فالثأر هو جريمة في الحكم".


وأعلن الرئيس عون عن الانتقال الى "المرحلة الثانية لإخراج الوطن من الحفرة العميقة التي وضعوه فيها"، معتبراً أن "الثروة الوطنية المتمثلة بالنفط والغاز ستعطينا وحدها الرأسمال الكافي لإنقاذ لبنان"، وأن "الصندوق السيادي هو الذي يحفظ أموال الشعب".


وتوجه الى الجماهير بالقول: "أنتم من سيحمي هذه الأموال، ولا أحد غيركم". وأوضح أن عدم إقرار قانون "الكابيتال كونترول" لغاية اليوم يهدف الى استمرار السماح بخروج الأموال من لبنان.


وفور اعتلائه المنصة، ألقى الرئيس عون الكلمة التالية:

"مواطنيّ الاحباء، وجّهت اليوم صباحاً رسالة الى مجلس النواب بحسب صلاحياتي الدستورية ووقّعت مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة. إن اليوم نهايةُ مهمّة، وليس نهاية عمل ووداع. اليوم اللقاء الكبير، وقد عدنا من الحجر الى البشر. أرى فيكم جميعاً رجال مقاومة، معظمكم كان معي في المعركة الاولى وبعدها، انضم الطلاب والرجال والجميع ولم يخافوا من البندقية ومن السجن، ولا من العصا. استمروا في ممارسة المقاومة حتى عدنا الى هذا الوطن الذي دافعنا عنه ودفعنا ثمنه دماً".


وأضاف: "انتم رفاقنا في الصعاب وفي الفرح وفي الحزن. انتم معي وانا معكم. اليوم نهاية مرحلة ولكن هناك مرحلة ثانية، لانني تركت هذه المرحلة التي انتهت وانتقلت الى مرحلة فيها نضال قوي. تركت خلفي وضعاً يحتاج الى نضال وعمل كي نتخلّص منه. وجميعكم يعلم كيف هو حال البلد وهو مسروق. مسروق بخزينته وبمصرفه المركزي، ومسروق من جيوبكم. هذا عمل يتطلّب مواقف وجهوداً لاقتلاع الفساد من جذوره. اصبح لدينا دولة مهترئة بمؤسساتها ومن دون قيمة، لأن المنظومة الحاكمة استغلتها، وخصوصاً ان القضاء معطّل ولم يعد يحصّل حقوق الناس. والجميع خائف. من ماذا؟ من عصا، ومن الذين يدفعون له الاموال".


وتابع: "لقد اجرينا تحقيقاً قضائياً، قبل التدقيق الجنائي، وتم كشف الجرائم المالية من كل الانواع وأعدّ الادعاء وارسل الى النيابة العامة إلا أنه لم يصل الى المحكمة". وتساءل الرئيس عون: "ماذا نقول إذا كانت كل الجرائم المالية قد ارتكبها حاكم المصرف المركزي ولم نتمكن من ايصاله الى المحكمة؟ من يحميه؟ ومن هو شريكه؟ جميعهم في المنظومة الحاكمة منذ 32 عاما اوصلونا الى هذا الحال".


وقال عون: "كي يعود البلد الى الحياة، هو في حاجة الى اصلاح ينهي نفوذ الذين شلّوا القضاء وأوقفوا تحقيق المرفأ.


إن ضحايانا وأبرياءنا مسجونون ايضاً. لماذا؟ لأن، رئيس مجلس القضاء الاعلى لا يريد أن يعّين قاضٍ ينظر في قضيتهم. عندما حصلت القاضية سمرندا نصار على الاصوات الكافية لتعيينها، ارتفع صوت رئيس مجلس القضاء الاعلى ورفض كتابة محضر للجلسة وانسحب منها قائلاً: "إذا كنت أريد تعيين أحد القضاة سأعيّنه على ذوقي". هذا نموذج من المسؤولين الأوَل في الدولة. هذا هو القضاء، بقي الابرياء أو المشتبه بهم في السجون، ولم ينظر احد بوضعهم. لو أُصدرت فيهم احكام لكان من الممكن ان يقضوا في السجن اقل من نصف العقوبة التي ينفذونها الآن. هذه مسألة خطيرة جداً، لأن اي دولة تقوم على عمودين اساسيين: الأول الأمن والثاني القضاء. الا ان القضاء لا يحاكم من في حقه دعاوى، وقد رفعت 22 دعوى جرمية تتعلق بالرشوة من قبل الدولة الى النيابة العامة التمييزية، وحوّلت هذه الدعاوى الى المحاكم، ومضى على رفعها سنتين او ثلاث سنوات ولا نعرف حتى الان مصير أي منها حيث لم يصدر أي حكم. فكيف يمكن ان نضمن بأن المسؤولين الموجودين حاليا سيبنون دولة؟ قد يكون المتهمون بالفساد هم من جماعتهم، والا فلماذا يبحثون عن حماية لهم، فلو كانوا صالحين لكانوا حاكموا المتهمين فوراٍ ولكنهم لا يحاكمونهم لانهم "بيخصّوهم"، ويظهرالمتهم بريئاً دائما وكأن الدعوى أتت اعتداء عليه، رغم ان في الدعاوى أوراقاً ثبوتية وهي ليست دعاوى خيالية انتقامية. ان حكمنا اليوم أصبح حكماً ثأرياً وليس حكماً عادلاً، والثأر ليس بعدالة، فالثأر هو جريمة في الحكم".


وأضاف رئيس الجمهورية: "سننتقل اليوم الى المرحلة الثانية التي سيكون فيها تعب، لانه لا يمكن، وبأي شكل من الاشكال، ان نبدأ بالنهوض قبل ان ننتهي من هذا العذاب المفروض علينا، ونُخرج الوطن من الحفرة العميقة التي وضعوه فيها والتي لن يخرج منها الا بما انجزناه من اتفاق لترسيم الحدود البحرية. ان الترسيم يسمح لنا باستخراج الثروة الوطنية المتمثلة بالنفط والغاز والتي ستعطينا وحدها الرأسمال الكافي لإنقاذ لبنان من الوضع السيئ الذي يرزح تحته في هذه المرحلة. ولكن لماذا نحن الان مجتمعون؟ اننا مجتمعون كي نلتقي بكم، "اشتقنالكم". وقال: "لماذا يقومون هم بمحاربتنا؟ لأن هناك تحقيقاً يوصلهم الى المحاكم، نتيجة السرقات في المال العام ومن جيوبكم انتم، ما يشكل اكبر جريمة مالية ترتكب في العالم".


وتابع: "كانت هناك إمكانية لتخفيف الخسارة في ما لو اقر قانون "الكابيتال كونترول" الذي لم يكن ليسمح بتهريب الأموال الى الخارج، وهو لغاية اليوم لم ينجز، لماذا؟ حتى يستمر تمرير تحويل الأموال الى الخارج، كل الجرائم ارتكبتها السلطة في البداية، فهي التي سرقت الأموال، واركانها هم من اخذوا الاموال وهرّبوها، وجميع المودعين خاسرون ولا سيما الصغار منهم الذين يشكلون اكبر شريحة من الشعب اللبناني".


وختم عون: "سنلتقي في أوقات مختلفة وسنرى ردة الفعل على ترسيم الحدود لان هذا الامر يدلنا على جديتهم، واذا ما سيتم تعيين رئيس للصندوق السيادي، لان هذا الصندوق هو الذي سيحفظ أموال النفط والغاز التي يجب ان يذهب قسم منها للانماء، ويحفظ القسم الاخر للأجيال الطالعة لان لهم الحق فيه، ولا يحق لنا صرفه بأكمله الان. ان هذه التجربة قيد التنفيذ حاليا، وهي التدبير الوحيد الذي يحافظ على أموال الشعب، وانتم من سيحمي هذه الأموال، ولا احد غيركم. عشتم وعاش لبنان".

MISS 3