باتريسيا جلاد

في 2022 ومقارنة مع ما قبل اندلاع الأزمة

مبيعات السيارات تنخفض 50% للمستعملة و73% للجديدة

31 تشرين الأول 2022

02 : 00

السيارة شر لا بد منه في لبنان في غياب النقل العام

اذا كان الحد الأدنى للرسم الجمركي لسيارة صغيرة مستعملة يبلغ 7.2 ملايين ليرة وفق سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة لبنانية، سيصبح هذا الرسم مع رفع الدولار الجمركي نحو 94.2 مليون ليرة (بما في ذلك الضريبة على القيمة المضافة ورسوم المرفأ...).

هذا الإجراء الذي يفترض بدء تطبيقه مبدئياً من اليوم لم يحرّك مبيع السيارات المستعملة بشكل كبير، وإنما حسّنها مقارنة مع نهاية العام 2019 حين أصيبت تلك الحركة بالشلل التام، علماً بأن اقتراب سعر صفيحة البنزين من المليون ليرة لبنانية يستدعي استبدال السيارات الكبيرة بالصغيرة منها.



ايلي قزي



وفي مقاربة لحركة مبيع السيارات المستعملة المسجلة في العامين المنصرمين، تبيّن الأرقام كما أوضح رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة في لبنان إيلي قزي لـ»نداء الوطن» أنه «بعد بدء الأزمة في العام 2019 توقّف سوق المبيع نهائياً، وانسحب ذلك على بداية العام 2020 حيث انخفضت المبيعات في تلك السنة بنسبة 90%، وفي العام 2021 تحسّنت نسبة المبيعات. ومع رفع الدعم عن أسعار المحروقات في آب و»تحليق» سعر صفيحة البنزين بلغت نسبة تراجع المبيع 60% بسبب الإقبال على شراء السيارات «الوفّيرة». أما في العام 2022، ورغم الحديث عن رفع سعر الدولار الجمركي الى 15 ألف ليرة، فقد بلغت نسبة تراجع المبيعات 50% فقط».

وحول جمود حركة مبيع السيارات، عزا قزي هذا الأمر الى «ارتفاع سعر صرف الدولار، وعدم وجود إستقرار سياسي وانعدام الأفق بالمستقبل، علماً ان أي تحرّك شعبي في الشارع، يستهدف السيارات باعتبارها الخيار الأول والأسهل لفشّ الخلق».

تراجع الاستيراد

وكنتيجة مباشرة لتهاوي المبيعات، تهاوت بدورها واردات السيارات المستعملة من 44 ألف سيارة في العام 2018 الى 27 ألف سيارة في 2019 فإلى 7000 سيارة مستوردة في سنة 2020، قبل أن ترتفع الى 15 ألف سيارة في العام 2021. ومن المتوقّع أن تبلغ في العام 2022 نحو 23 ألف سيارة اي بنسبة 48% مقارنة مع العام 2018 (علماً أن الإحصاءات الدقيقة لم تصدر بعد وسيتمّ الإعلان عنها في نهاية العام).

مقابل تلك المشهدية، من المرتقب في العام 2023 الذي تقترب بدايته، إعداد موازنة جديدة حيث سيعتمد فيها سعر «صيرفة» وليس سعر 15 ألف ليرة لبنانية للدولار الجمركي. في هذا السياق يقول قزّي، نعمل كنقابة مستوردي السيارات المستعملة، على تعديل القانون الذي يحدّد نسب الضرائب والرسوم المتوجّبة على المستوردين بهدف خفضها. والا سيؤدي اعتماد الرسوم القديمة الى توقّف المستوردين عن العمل، وعدم تمكّن الطبقة الفقيرة والوسطى من الإستفادة من شراء السيارات الجديدة والمستعملة. وكذلك الأمر بالنسبة الى عائدات الدولة، اذ لن تستفيد الخزينة من المردود الذي يعود عليها من قطاع استيراد السيارات المستعملة، وستتأثّر كل القطاعات المرتبطة بقطاعنا مثل محال بيع الدواليب وقطع الغيار والاكسسوارات والدهان...».

إقتراح قانون نقابة المستوردين

هذا الواقع دفع بنقابة المستوردين الى تقديم اقتراح قانون تكون فيه نسبة الجمارك التي تسدّد على السيارات الصغيرة، كما اوضح قزّي، « 5% بدلاً من 50%، على أن ترتفع تدريجياً إستناداً الى سعر السيارة وصولاً الى السيارات الكبيرة. ويأتي ذلك تحسّباً لتقلّبات سعر السوق السوداء. فلا يمكن رفع سعر الرسم الجمركي والإبقاء على القانون القديم».

واستناداً الى القانون القديم والمعمول به حالياً، يبلغ الرسم الجمركي على سيارة بقيمة 10 و20 ألف دولار نسبة 50% من سعرها. وبذلك يكون الرسم الجمركي لسيارة بقيمة 10 آلاف دولار، على سبيل المثال، وفق سعر الصرف الرسمي 7.700 ملايين ليرة (أي نحو 5000 دولار).

ووفقاً لاقتراح النقابة، سيرتفع الرسم لسيارات الـ10 آلاف دولار الى 10 ملايين ليرة على اساس سعر 20 ألف ليرة للدولار حسب منصّة «صيرفة» وكما كان محدّداً سابقاً. وبذلك تكون نسبة الرسم الجمركي تراجعت من 50% الى 5% (راجع الجدول المرفق) .

أما السيارات التي تبلغ قيمتها على سبيل المثال 30 ألف دولار، فإن الرسم الجمركي عليها يبلغ نسبة 57% من سعر السيارة أي 25.875 مليون ليرة ، ووفقاً للاقتراح المقدم تصبح النسبة 10% فيرتفع الرسم الى 60 مليون ليرة.

وبذلك ترتفع استناداً الى اقتراح نقابة مستوردي السيارات المستعملة نسبة الرسم الجمركي تدريجياً لتتراوح بين 5 و 15% كحد أقصى من قيمة السيارة المستوردة من خارج لبنان بالدولار الأميركي.

ولفت قزي الى أن «النقابة جالت على الكتل النيابية كافة وقدّمت الإقتراح الذي أعدته وحظي بموافقة الجميع. حتى أن رئيس الحكومة اطلع عليه ورأى ضرورة تعديله وتشكيل لجنة لزوم تعديل القوانين».

أما بالنسبة الى زيادة استيراد السيارات المستعملة خلال الشهر الجاري لاستباق زيادة الرسمً الجمركي، فقال قزّي إنها «متوقفة باعتبار أن الشحنة تستغرق 3 اشهر، وهناك ضبابية حول تاريخ بدء العمل بالسعر الجديد للدولار الجمركي».

السيارات الجديدة

وحول حركة مبيع واستيراد السيارات الجديدة ومدى تاثرها برفع الدولار الجمركي، أوضح مستشار جمعية مستوردي السيارات في لبنان (الجديدة) سليم سعد لـ»نداء الوطن» أن «قطاع مبيع السيارات الجديدة في حال يرثى لها».

وبالأرقام، قال سعد «إنخفضت مبيعات السيارات الجديدة منذ بداية الأزمة لغاية اليوم بنسبة 73%. ومنذ العام 2007 لغاية اليوم هوت بنسبة 81% .

كان عدد السيارات الجديدة المسجّلة 3000 سيارة في الفترة السابقة، وتراجع العدد الى 300 أو 400 سيارة». وما زاد من حدّة عدم الإقبال على شراء السيارات، انهيار العملة الوطنية وارتفاع سعر صرف الدولار، وإقفال النافعة ومعها مصلحة تسجيل السيارات والآليات في النافعة في غالبية الأوقات على أن تفتح أبوابها نادراً، في ظل عدم توفّر دفاتر ونمر ولوحات ومازوت...

واكّد أن مبيع السيارات الجديدة التي يتمّ تقاضي سعرها نقداً أي «فريش دولار»، لم يحرّك ساكنه جدّية الحديث عن ارتفاع سعر صرف الدولار الجمركي الى 15 ألف ليرة.

ويرى سعد أنه من غير المعلوم متى سيرتفع سعر الدولار الجمركي وما اذا كان سيحصل ذلك، وكيف ستتم عملية تقاضيه... وانطلاقاً من هنا لا نعلم قيمة الزيادة التي ستلحق بأسعار السيارات نتيجة زيادة سعر الدولار الجمركي، ولكن المؤكّد أن سعر مبيع السيارات سيزيد وسيضرب الرسم الجمركي بـ10، علماً أن سعر السيارة يبقى نفسه بالدولار قبل فرض الرسوم عليه».

على سبيل المقارنة

على سبيل المثال، اذا كان سعر السيارة 13300 دولار اي بقيمة تعادل وفق سعر الصرف الرسمي (1515 ليرة ) 20 مليون ليرة، فإن نسبة الجمارك المفروضة هي 20%، أما اذا أصبح الدولار الجمركي 15 ألف ليرة عندها سترتفع تسعيرة السيارة بالليرة الى 200 مليون ليرة (20 مليون ليرة ضرب 10) وسيسدد الرسم الجمركي البالغ 20% على مبلغ الـ200 مليون ليرة، وبذلك الفارق سيكون كبيراً. أما تداعيات هذا الأمر على مبيع السيارات الجديدة فلا يزال غير معلوم لغاية اليوم. علماً أن الإقبال على شراء السيارات المستعملة هو أكبر بكثير من السيارات الجديدة» .

وبالنسبة الى السيارات التي يفوق سعرها الـ20 مليون ليرة تصبح نسبة الرسم الجمركي على المبلغ الزائد بنسبة 50%. فيسدّد الشاري رسوماً جمركيةً بنسبة 20% على الـ20 مليون ليرة وعلى ما هو اضافي زيادة يدفع نسبة 50% منه.

من هنا يتبيّن لنا أن الرسم الجمركي على السيارات المستعمَلة هو أعلى من «جمرك» السيارات الجديدة، لأن المستعملة منها تلتزم بكتاب «بلو بوك» المعتمد في الولايات المتحدة (كون غالبية السيارات مستوردة من أميركا)، والذي تُسعَّر السيارات المستعمَلة في لبنان بموجبه.

لا زيادة على المستورد سابقاً

واقع رفع سعر الدولار الجمركي 10 أضعاف والمرتقب مع دخول الموازنة حيّز التطبيق، لم يرفع أسعار السيارات المباعة من قبل المستوردين، وأكّد إيلي قزي أن النقابة ملتزمة في اعتماد الرسم الجمركي الرسمي أي 1515 ليرة لبنانية للسيارات التي لدينا، التزاماً بتعهدنا أمام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي». مؤكّداً أن «كمية السيارات الكبيرة المتواجدة في المعارض لم تستقدم بهدف التخزين، بل بسبب جمود أسواق مبيع السيارات».

وبما أن تسعيرة السيارات والرسوم مرتبطة بالشهادة الجمركية، لن يرتفع الرسم إلّا للسيارات التي تدخل البلاد بعد نشر قانون الموازنة . حينها، يرتفع سعرها بموجب شهادتها الجمركية لدى الجمارك، وتلقائياً ترتفع الأسعار في النافعة. فالمعَارض التي استوردت، وتعرض سياراتها حالياً، لن ترتفع رسومها الجمركية بعد العمل بالدولار الجمركي، وكلّ رسم يختلف باختلاف شهادتها الجمركية.


MISS 3