جاد حداد

الفاكهة والخضار للوقاية من سرطان القولون والمستقيم

31 كانون الأول 2019

09 : 56

فيما كانت إحدى الدراسات تُركّز على استكشاف الأسبرين كعلاج وقائي لسرطان القولون والمستقيم، اكتشفت عن طريق الصدفة الآلية الكامنة وراء تراجع مخاطر هذا المرض بفضل الفاكهة والخضار!

عالمياً، يصاب أكثر من مليون شخص بسرطان القولون والمستقيم سنوياً. وتشير تقديرات الخبراء إلى تشخيص 101420 حالة جديدة من سرطان القولون و44180 حالة من سرطان المستقيم في العام 2019 في الولايات المتحدة وحدها. من المتوقع أيضاً أن يموت 51020 شخصاً بسبب هذه الأمراض في السنة الحالية.تتعدد عوامل الخطر المُسببة لسرطان القولون والمستقيم، منها بعض العوامل الغذائية، مثل الحمية الغنية باللحوم الحمراء (لحم بقر أو غنم أو خنزير) واللحوم المُصنّعة (هوت دوغ). تتأثر الحالة أيضاً بعوامل أخرى مثل البدانة والوزن الزائد.

رصد الباحثون الآن ناتجاً أيضياً محتملاً من فئة المواد الفلافونية للوقاية من سرطان القولون والمستقيم. هذا العنصر موجود في أنواع كثيرة من الفاكهة والخضار، منها التوت الأسود والأزرق، والعنب الأحمر، والتفاح، والبصل الأحمر، والبروكلي، والرمان، والفراولة، والمشمش، والملفوف الأحمر، وقشور الباذنجان البنفسجي، والشوكولا، والشاي.

من الأسبرين إلى الفاكهة


كشفت دراسات سابقة أن المواد الفلافونية (عناصر طبيعية في الفاكهة والخضار) تكبح السرطان، لكن لم يكن أحد يفهم طريقة عملها.

يوضح جاياراما غوناجي، أستاذ مساعد في جامعة ولاية "ساوث داكوتا" في "بروكينغز"، لمجلة "ميديكل نيوز توداي": "يعمل مختبرنا منذ فترة على اكتشاف آلية الوقاية من السرطان عن طريق الأسبرين (حمض الأسيتيل ساليسيليك)، وهو دواء معروف بتخفيض حالات سرطان القولون والمستقيم منذ أكثر من عشر سنوات. أثناء التحقيق بهذه الظاهرة، كنا نجري تجارب حول دور النواتج الأيضية للأسبرين ومشتقات أخرى من حمض الساليسيليك، نظراً إلى قدرتها على كبح نمو الخلايا السرطانية".خلال هذه العملية، اكتشف العلماء أن حمض ثلاثي هيدروكسي بنزويك 2،4،6 (2,4,6-THBA)، وهو عنصر ينتجه الجسم حين تُفكك الجراثيم المواد الفلافونية، يثبط الأنزيمات المرتبطة بانقسام الخلايا. يضيف غوناجي: "يمكن إيجاد حمض 2,4,6-THBA بكميات صغيرة أيضاً في النبيذ الأحمر، نتيجة تفكك المواد الفلافونية في العنب خلال عملية التخمير".

نحو علاج جديد

يقول غوناجي: "تتعدد الأدوية المستعملة لمعالجة السرطان، لكنها لا تنجح في الوقاية منه. لن يزول السرطان بالكامل طبعاً، لكننا نحتاج إلى طرقٍ للاحتماء منه. لذا نشعر بالحماسة بعد اكتشاف حمض 2,4,6-THBA كعنصر كابح لنمو الخلايا السرطانية". استعمل الباحثون عدداً من الخلايا السرطانية البشرية التي تنمو في المختبر، واكتشفوا أن حمض 2,4,6-THBA يكبح نمو السرطان بفعالية. وحين وثّق العلماء هذه النتيجة، بدأوا يبحثون عن مصادر طبيعية للعنصر الكابح للسرطان، وهذا ما قادهم إلى المواد الفلافونية.

وفق نظريتهم، يؤدي تفكيك هذه المواد، لا العناصر التي تنتجها، إلى تراجع مخاطر سرطان القولون والمستقيم.

لكن لم تتأكد هذه النتائج بعد على نماذج حيوانية، لذا تبقى الدراسة محدودة من هذه الناحية.

مع ذلك، يصرّ الباحثون على أهمية إثبات فاعلية حمض 2,4,6-THBA لكبح الخلايا السرطانية. يضيف غوناجي: "نظن أننا قد نتمكن من استعمال هذا العنصر كدواء للوقاية من السرطان، لكن لا بد من إجراء دراسات إضافية طبعاً، منها اختبار العنصر على نماذج حيوانية وإطلاق تجارب عيادية. وبما أن البيئة الميكروبية المعوية تسهم في تفكيك المواد الفلافونية في الأمعاء، نعمل على رصد الأجناس الجرثومية التي تستطيع إنتاج 2,4,6-THBA. ثم يمكن استعمال تلك الجراثيم كمحفز حيوي، إلى جانب مكملات المواد الفلافونية (تُباع في الأسواق أصلاً)، للوقاية من السرطان".

في النهاية، يشدد غوناجي على ضرورة أن تصبح الفاكهة والخضروات الغنية بالمواد الفلافونية جزءاً محورياً من أي حمية غذائية.


MISS 3