طوني فرنسيس

من حكومة ميقاتي والحدث السوري الى حكومة دياب واغتيال سليماني!

4 كانون الثاني 2020

02 : 00

عندما كلّف الرئيس نجيب ميقاتي، مدعوماً بقوة من محور الـ"مقاومة" بتشكيل الحكومة، مطلع العام 2011، انتظر خمسة أشهر ليتمكن من تشكيلها، وعندما ولدت في حزيران من ذلك العام، كانت التطورات السورية سبقتها، ففرضت أحداث درعا في آذار نفسها على تركيبتها، وحدد اندلاع التظاهرات الشعبية في أنحاء سوريا سقفها وطموحاتها التي قامت عليها، اثر الإطاحة بحكومة الرئيس سعد الحريري وهو في طريقه للقاء الرئيس باراك اوباما في البيت الأبيض.

شيء شبيه يجري اليوم، في ظروف لبنانية أصعب. خرج الحريري وجيء بالوزير في حكومة ميقاتي الآنفة الذكر، حسان دياب رئيساً مكلفاً تشكيل حكومة بدت سهلة الولادة إلا انها تعثرت على أبواب الحصص وشهية الأقطاب ومكونات الطبخة التي يعدها طباخ حكومة ميقاتي إياه.

عندما اطيح بالحريري كان العنوان المطروح كشف شهود الزُّور تمهيداً لإلغاء المحكمة الدولية الخاصة بمتابعة جريمة اغتيال رفيق الحريري وشخصيات سياسية اخرى. وبدا الأمر استعجالاً من محور الممانعة الممتد من طهران الى "حزب الله"، عبر دمشق، لحسم التوجهات السياسية اللبنانية في مصلحة هذا المحور، الا ان انفراط الحلقة السورية أعاد الأمور الى ما يشبه نقطة الصفر. اصيبت حكومة ميقاتي بشلل سيصاحبها حتى مجيء تمام سلام كمرحلة انتقالية سبقت عودة الحريري الى الحكم بعد انخراطه في مشروع انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية.

في زمن التسوية الفوقية الكبرى، وبحضور الأقطاب جميعاً، وفِي أشرافهم، إنهار البلد اقتصاداً ومالية ومصارف... وحكومة. والغريب في نظر مراقب طبيعي، الّا يحصل تغيير في السلطة والنهج، الا انه في نظر الأقطاب الذين يقودهم محور "حزب الله" لا ضرورة للتغيير، فالاحتجاج الشعبي مؤامرة سفارات، وأي إصلاح يجب ان يتم عبر المؤسسات الشرعية التي صادف انها ممسوكة جيداً.

عبر المؤسسة النيابية جاء حسان دياب ليقود مرحلة الاندماج في المحور، ولديه سلفاً اقتراحات بالانفتاح على الصين وإيران وروسيا، حيث الازدهار والتعويض عن العقوبات والمقاطعة، والخروج على هيمنة الشيطان الأكبر.

وكما هزت تحولات سوريا حكومة ميقاتي، يأتي التصعيد الكبير في اغتيال الشخصية الايرانية الثانية، بعد الامام الخامنئي، اللواء قاسم سليماني، ليطرح على طباخي حكومة دياب السؤال المؤرق ذاته: هل نذهب الى انخراط كامل في مقتضيات المحور، أم نذهب خطوة الى الوراء... كما حصل في ختام تجربة ميقاتي.

الأيام القليلة المقبلة كفيلة بالجواب.